أبرز شعراء العصر العباسي

الكاتب: بتول فواز -
أبرز شعراء العصر العباسي

أبرز شعراء العصر العباسي.

أبرز شعراء العصر العباسي

حين اشتد الأمر على الخلافة العباسية واشتد تمزقها؛ تنافست العواصم في احتضان الشعراء والأدباء وشجعتهم على النظم، وأجزلت لهم العطاء، فظهر إلى جانب بغداد، حلب وبخارى و سمرقند مراكزً أدبية برّز فيها عدد كثير من الشعراء، واشتهروا على أنهم أبرز شعراء العصر العباسي، تمكنوا من إدخال تغييرات عديدة على الشعر، حيث ضعفت مواضيع مقابل قوّة أخرى، وبرزت أغراض شعرية لم تكن موجودة من قبل، صاحبها تغير في المعاني والألفاظ والأخيلة، كما ضعف الشعر السياسىّ الحماسىّ، والغزل العذري على يد أبرز شعراء العصر العباسي الأول والثاني، وقوي شعر المدح، وشعر الحكمة، كما بلغ الشعر الفلسفىّ والفكرىّ ذروته على يد شاعر من أبرز شعراء العصر العباسي، وهو أبي العلاء المعري، حتى اشتهرت شعرية الفلسفة عند المعري بين الشعراء

كما شاع المجون وظهر وصف الخمر عند عدد من أبرز شعراء العصر العباسي، ومنهم أبو نواس، وفي مقابله ظهر شعر الزهد والتأمل والإيمان المتمثل في شعر أبي العتاهية، وأيًا كان من الشعر، ففيما يأتي استعراض لأبرز شعراء العصر العباسي في العصرين الأول والثاني.

 

شعراء العصر العباسي الأول

 

يُطلق مصطلح العصر العباسي الاول على العصر الذي كانت فيه الخلافة قويّة في بني العباس، وكانت السيادة للخلفاء الذين تمكنوا من حسم النزاع بين العرب والفرس لصالح العرب، ويمتد العصر العباسي الأول من تأسيس الدولة العباسية عام 132هـ حتى عام 232هـ[٢]، ازدهر الشعر في هذا العصر، ودأب شعراؤه على العربية ليتفننوا بها في شعرهم، بأسلوب رفيع يجمع بين الجزالة والرصانة، والرقة والعذوبة. كما ظهر في شعرهم تأثرهم بالثقافات الأخرى، من خلال الأغراض الشعرية التي نظموا فيها، وموضوعاتهم الشعرية، ومن أبرز شعراء العصر العباسي الأول: بشار بن برد، وأبو نواس، وأبو العتاهية، وأبو تمام، ومسلم بن الوليد

كما برز في هذا العصر عدد من الشعراء في مجالاتهم، فكان من أبرز شعراء العصر العباسي الأول في الدعوة العباسية: مروان بن أبي حفصة، وأبو دلامة. ومن شعراء الشيعة: السيد الحميري، ومنصور النمري، ودعبل، وديك الجن الحمصي، ومن شعراء البرامكة: أشجع بن عمرو السلمى. ومن شعراء الوزراء والولاة: أبو الشيص، والخريمي، والعباس بن الأحنف من شعراء الغزل، وصالح بن عبد القدوس وغيره من شعراء المجون والزندقة، ووعبد الله بن المبارك ومحمد بن كناسة من شعراء الزهد، والعتابي والنظّام وبشر بن المعتمر من شعراء المعتزلة، وأبو الشمقمق من شعراء النزعات الشعبوية.

أبو نواس

يُعدّ أبو نواس من أبرز شعراء العصر العباسي الأول، وهو أبو علي الحسن بن هانئ الحكمي شاعر عربي من أشهر شعراء عصر الدولة العباسية. عرف عنه بأنه شاعر الخمر، وما لبث أن تاب وزهد في حياته، ولد أبو نواس في مدينة الأحواز عام 145هـ من أبٍ عربيٍّ دمشقي وأمٍ أحوازية. وقد انتقلت أسرته إلى البصرة وهو في السادسة من عمره، بعد انتصار مروان في معركة الزاب الأعلى، وهناك مات أبوهُ، فانتقلت به والدته إلى العراق وسلمته إلى الكتاب، ثم إلى عطار ليعمل أجيرًا عنده ويبري عيدان الطيب. عندمّا شب أبو نواس انتقل إلى الكوفة، وهناك لتقى الشاعر والبة بن الحباب الأسدي الكوفي من أبرز شعراء العصر العباسي في الخلاعة والتهتك، فعني به والبة وعمل على تخريجه وتأديبهِ، كما صحب أبو نواس ماعةً من أبرز شعراء العصر العباسي الماجنين، منهم: مطيع بن إياس وحماد عجرد. إلا أنه ما لبث أن انتقل إلى بادية بني أسد وأقام فيه سنةً كاملةً، أخذ فيها اللغة من منابعها الأصيلة، ثم عاد إلى البصرة ليتلق الشعر والأدب على يد علمائها.

كان خلف الأحمر من أبرز شيوخ اللغة والأدب والشعر الذين تعهدوا أبي نواس بالتعليم والتأديب، فلم يسمح الأحمر لأبي نواس بقول الشعر حتى يحفظ جملة أشعار العرب ويقال: إن أبا نواس كلما حفظه ما كلفه به الأحمر، كان الأخير يطلب إليه نسيانها، حتى لا يقع هذا الشاعر الناشئ فيما وقع فيه سابقيه من الشعراء المتقدمين، وقد قال أبو نواس في ذلك: "ما ظنكم برجل لم يقل الشعر حتى روى دواوين ستين امرأة من العرب منهن الخنساء وليلى الأخيلية فما ظنكم بالرجال".

لم يبلغ أبو نواس أبرز شعراء العصر العباسي الأول الثلاثين، حتى ملك ناصية اللغة والأدب، وأطلع على مختلف العلوم الإسلامية وأحكام القرآن، وما أن امتلك هذه المعارف حتى طمح بالانتقال إلى بغداد. قال فيه ابن المعتز في كتابه طبقات الشعراء: "كان أبو نواس عالمًا فقيهًا عارفًا بالأحكام والفتيا، بصيرًا بالاختلاف، صاحب حفظٍ ونظرٍ ومعرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه."

وفي البصرة أحبّ أبو نواسٍ أبرز شعراء العصر العباسي الأول جاريةٍ اسمها "جَنان" وذكرها في الكثير من أشعاره، وعندما انتقل إلى بغداد مدح هارون الرشيد حتى نال مكانةً مرموقةً عنده، إلا أن الرشيد كان يحبسه كثيرًا على مجونه في الشعر، وقد أطال حبسه ذات مرة حتى شفع له البرامكة الذين مدحه أبو نواسٍ، وقد ساعدته علاقته بالبرامكة في الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف لاحقًا بنكبة البرامكة.

عندما توفي هارون الرشيد وخلفه ابنه الأمين، عاد أبرز شعراء العصر العباسي الأول أبو نواسٍ إلى بغداد للاتصال به، فاتخذه الأمين نديمًا له، إلا أن الأمين عاد إلى حبسه لمجونه في الشعر، بعد أن عاب عليه خصومه أثناء صراع الأمين والمأمون اتخاذه شاعرًا خليعًا نديما له، توفي أبو نواس عام 199هـ قبل دخول المأمون لبغداد، وقد اختلف في مكان وفاته وسببها، فقيل توفى في السجن وقيل في دار إسماعيل بن نوبخت بعد أن سمهُ تخلصًا من لسانه السليط. وذكر الخطيب البغدادي، في كتابه تأريخ بغداد، أن أبا نواس دفن في مقبرة الشونيزية غربي بغداد عند تل يسمى تل اليهود.

تميز أسلوب أبي نواس أبرز شعراء العصر العباسي بما ظهر من مظاهر التجديد في شعر أبي نواس، أنه حاول أن يضارع عدي بن يزيد أو الوليد بن يزيد في خمرياته، كما طغت الصنعة على مدائحة، فذهب معارضيه إلى أنها أفقدت شعره جودته. أما رثاؤه فقد كانت العاطفة فيه عميقة ومؤثرة رغم ما فيها تكلف في اللغة، وفي غزله كانت العاطفة صادقة رغم ما فيها من إباحية وتبذل، كما كتب في الزهديات وشعر الصيد. وقد جمعت أشعاره في ديوان واحد، وممن جمعها "الصولي" في عشرة فصول، وغيره كثير، ومن شعر أبي نواس ما قاله في الفخر:[

ومُستعبِـدٍ إخـوانَهُ بثـرائـِهِ لبستُ لـهُ كِـبْـراً ،

أبـرّ على الكِبـرِ إذا ضَمّني يوْماً

وإيّاهُ محْفِلٌ رأى جانبي وَعـراً

يـزيد على الوعرِ أُخالِفُهُ في شكْله،

وأجرّهُ على المنْطقِ المنزورِ،

والنظرِ الشزْرِ لقد زادَني تِيهـاً على الناس أنّني أرانيَ أغنـاهمْ ،

وإن كنتُ ذا فـقــرِ فـوَاللهِ لا يُـبْـدي لســاني لجـاجَـةً إلى أحَدٍ حتى أُغَيَّبَ في القبرِ فلا تطمعَنْ في ذاك منّيَ سوقة ٌ ولا مِـلكُ الدنيا المحجَّـبُ في القصـرِ فـلو لم أرِثْ فخـراً لكـانتْ صِـيانتي

فمي عن سـؤال الناس حسبي من الفخر

 

بشار بن برد

وهو أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي 96 هـ، يعود في نسبه إلى الفرس، وكان قد ولد مولى لامرأة عقيلية أعتقته بعد أن توفي والده، فعرف من بعدها بمولى عقيل ونسب بالعقيلي، وهو من أبرز شعراء العصر العباسي الأول، وهو شاعر مطبوع، ولقب بإمام الشعراء المولدين. عاصر الدولتين الدولة الأموية والدولة العباسية. بشار بن برد من أبرز شعراء العصر العباسي الأول، وهو شاعر أعمى، ولكنه من فحولة الشعراء، فقد كان غزير الشعر، سمح القريحة، قليل التكلّف في الشعر، كثير الافتنان، متقن البديع. اتهم في آواخر حياته بالزندقة، فجلد بالسياط حتى مات.[٧] كان بشار بن برد من أبرز شعراء العصر العباسي الأول، وكان قد نشأ في البصرة وتعلم فيها، ثم سكن حران مدّة من الزمن، ثم انتقل إلى بغداد وفيها توفي، وكان بشار بن برد قبيح الخلقة، ضخم الجسم طويل، يبدو عظيم الوجه، وجاحظ العينين، قد تغشاهما لحم أحمر، مجدور الوجه، وقد ضرب به المثل لقبح عينه، فقالوا: " كعين بشار بن برد". وقد اشتهر ابن برد بالهجاء، فكان هجاؤه فاحشًا، حتى أنه هجا الخليفة المهدي ووزيره يعقوب بن داود والأصمعي وسيبويه والأخفش وواصل بن عطاء. اتهمه بعض العلماء بالشعوبية بسبب غيرة العرب من الفرس الذين تولوا شؤون الدولة في العصر العباسي الأول.[٧] كان بشار بن برد جريئًا في الاستخفاف بكثير من الأعراف والتقاليد، كثير الإقبال على المتع والملذات، حتى قتل على يد الخليفة العباسي المهدي بعد أن هجاه في قصيدة طويلة، بعد أن رفض الأخير أن يعطيه بمدحه له، وقد رُميت جثته على قطعه خشب فحمله الماء إلى البصرة فأخذه أهله ودفنوه بها، ويروى أنه مات وقد ترك خلفه أكثر من اثني عشر ألف قصيدة، ولم يصل منه إلا القليل؛ بسبب الرقابة الدينية والاجتماعية والسياسية في عصره، التي حذفت كثيرًا من أشعاره بعد وفاته، ومن شعر بشار بن برد في الغزل:

وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها

باتت تغنِّي عميدَ القلب سكران

ا إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي

ويا أَمَلِي فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا

يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل

وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا

قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ

مِن هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا

يا قومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ

والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا

أبو تمام

ومن أبرز شعراء العصر العباسي الأول، أبو تَمّام ولد غي جاسم في حوران عام 188هـ وتوفي عام 231هـ، وهو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، عندما نشأ ارتحل إلى مصر ثم استقدمه المعتصم إلى بغداد بعد أن أعجب بشعره، فقدمه على شعراء عصره وأجازه، وولاه بريد الموصل ولم يتم السنتين فيها حتى توفي. كان أبو تمار أسمر، طويلا، حلو الكلام، فصيحًا، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع. يتميز شعره بالقوة والجزالة، وألّفت كتب في المفاضلة بينه والبحتري والمتنبي. يعتبر أبو تمام من أبرز شعراء العصر العباسي الذين ساروا على ركب التجديد في العصر العباسي، فقد زواج في شعره بين معطيات الحضارة القديمة، مع حفاظه على الأطر الجديدة للشعر، فكان مذهبه الشعري يجمع بين العقل والوجدان والزخرفة، مع مراعاة خصائص العربية ومحتوياتها.

 

شارك المقالة:
471 مشاهدة
المراجع +

موقع موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook