المرض هو إحدى الابتلاءات التي يقع بها الإنسان في حياته ليعلم عظيم نعمة الصحة التي أعطاه إياها الله سبحانه وتعالى، فعلى المريض أن يعلم الحكمة من مرضه ويصبر ويشكر الله على جميع نعمه في أوقات العافية والمرض، فقد أحضرنا لكم باقة من أجمل ما قيل من كلمات للمريض.
قصيدة كَيفَ حالُ المَريضِ ماذا جَرى لَهُ للشاعر إلياس أبو شبكة، هو شاعر لبناني ولد عام 1903م في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية أثناء سياحة قام بها والديه، ويعود أصل أسرته إلى قبرص، فقد كان بالإضافة إلى نظمه الشعر البديع يترجم للغة الفرنسية، وقد ترك الشاعر الأديب إلياس أبو شبكة 40 كتاباً بين دواوين شعرية ونثر وكتب موضوعة ومترجمة قد أثرت الأدب العربي.
كَيفَ حالُ المَريضِ ماذا جَرى لَهُ
إِنَّ قَلبي لَدى سُؤالِك هذا
ما يُفيدُ النُواحُ يا أُخت نَفسي
كُلَّ لَيلٍ أَرى خَيالَ ضَريحي
كُنتُ قَبلاً أُعَلِّلُ النَفسَ لكِن
أَمحقي ذِكرَياتِ أَمس فَخَيرٌ
أَمحقيها بِحَقِّ روحي وَحُبّي
وَاِعلَمي أَن دَمعَةً فَوقَ مَن تَهو
قَرَأتها فَأَمسَكت عبراتٍ
عبرات من ذوبِ قَلبٍ مُدمّى
أَمسَكتها عَنِ الرِسالَة حَتّى
وَكَأَنَّ الدُجى مَريضٌ يُوالي
وَإِذا رَعشَةٌ أَمَرَّت عَلَيها
وَأَتى الفَجرُ شاحِباً فَوقَ مَوجا
قصيدة يوميّات مريض ممنوع من الكتابة للشاعر نزار قباني، هو شاعر سوري الأصل ولد في حي مئذنة الشحم الذي يعد أحد أحياء دمشق القديمة عام 1923، وقد تخرج من كلية الحقوق من الجامعة السورية بدمشق وعمل في السلك الدبلوماسي وقد تنقل بين عواصم العالم المختلفة مما أثرى تجربته الشعرية، وقد ترك الشاعر نزار قباني 35 ديواناً شعرياً قد أضافت للأدب العربي الكثير.
ممنوعةٌ أنتِ من الدخول، يا حبيبتي ، عَلَيَّهْ..
ممنوعةٌ أن تلمسي الشراشفَ البيضاءَ، أو أصابعي الثلجيَّهْ
ممنوعةٌ أن تجلسي.. أو تهمسي.. أو تتركي يديكِ في يَديَّهْ
ممنوعةٌ أن تحملي من بيتنا في الشامْ..
سرْباً من الحَمَامْ
أو فُلَّةً.. أو وردةً جُوريَّهْ..
ممنوعةٌ أن تحملي لي دُمْيَةً أحضُنُها..
أو تقرأي لي قصّةَ الأقزام، والأميرةِ الحسناء، والجنيَّهْ.
ففي جناح مرضى القلب يا حبيبتي..
يصادرونَ الحبَّ، والأشواقَ ، والرسائلَ السريَّهْ..
لا تَشْهَقي .. إذا قرأتِ الخَبَرَ المثيرَ في الجرائد اليوميَّهْ
قد يشعرُ الحصانُ بالإرهاق يا حبيبتي
حينَ يدقُّ الحافرَ الأوّلَ في دمشقْ
والحافرَ الآخرَ في المجموعة الشمسيَّهْ..
تَمَاسَكي.. في هذه الساعات يا حبيبتي
فعندما يقرّرُ الشاعرُ أن يثقبَ بالحروفِ..
جِلْدَ الكُرَة الأرضيَّهْ.
وأن يكونَ قلبُهُ تُفّاحةً
يقضُمُهَا الأطفالُ في الأزِقّة الشعبيَّهْ..
وعندما يحاول الشاعرُ أن يجعل من أشعارِهِ
أرغِفَةً.. يأكُلُها الجياعُ للخبز وللحُريَّهْ
فلن يكونَ الموتُ أمراً طارئاً..
لأنَّ من يكتبُ يا حبيبتي..
يحملُ في أوراقه ذبْحَتَهُ القلبيَّهْ..
أرجوكِ أن تبتسمي.. أرجوكِ أن تبتسمي..
يا نَخْلَةَ العراق، يا عصفورةَ الرصافة الليليَّهْ
فَذّبْحةُ الشاعر ليستْ أبداً قضيَّةً شخصيَّهْ
أليسَ يكفي أنني تركتُ للأطفال بعدي لغةً
وأنني تركتُ للعُشّاق أبجديَّهْ..
أغطِيتي بيضاءْ..
والوقتُ، والساعاتُ، والأيَّامُ كلُّهَا بيضاءْ
وأوجُهُ الممرضات حولي كُتُبٌ أوراقُهَا بيضاءْ
فهل من الممكن يا حبيبتي؟
أن تضعي شيئاً من الأحمر فوق الشفة الملساءْ
فمنذ شهرٍ وأنا.. أحلُمُ كالأطفال أن تزورَني
فَرَاشةٌ كبيرةٌ حمراءْ..
أَطلب أقلاماً فلا يعطونني أقلامْ...
أطلبُ أيَّامي التي ليس لها أيَّامْ
أسألُهمْ برشامةً تُدخلني في عالم الأحلامْ
حتى حبوبُ النوم قد تعوَّدتْ مثلي على الصحو.. فلا تنامْ..
إن جِئتني زائرةً..
فحاولي أن تلبسي العقودَ، والخواتمَ الغريبةَ الأحجارْ
وحاولي أن تلبسي الغابات والأشجارْ..
وحاولي أن تلبسي قبّعةً مفرحةً كمعرض الأزهارْ
فإنّني سئمتُ من دوائر الكِلْسِ.. ومن دوائر الحَوَّارْ..
ما يفعلُ المشتاقُ يا حبيبتي في هذه الزنزانة الفرديَّه
وبيننا الأبوابُ ، والحُرَّاسُ، والأوامرُ العُرْفيَّهْ..
وبيننا أكثرُ من عشرين ألفَ سنةٍ ضوئِيَّهْ..
ما يفعلهُ المشتاقُ للحُبِّ، وللعزف على الأنامل العاجيَّهْ
والقلب لا يزالُ في الإقامة الجبريَّهْ..
لا تَشْعُري بالذنْبِ يا صغيرتي.. لا تشْعُري بالذَنْبْ..
فإنَّ كلَّ امرأةٍ أحببتُها..
قد أورثَتْني ذبحةً في القلب..
وصيَّةُ الطبيب لي:
أن لا أقولَ الشعرَ عاماً كاملاً..
ولا أرى عينيكِ عاماً كاملاً..
ولا أرى تحوُّلاتِ البحر في العين البنفسجيَّه
الله.. كم تُضْحِكُني الوصيَّهْ..
يعدّ المرض من الابتلاءات الكثيرة التي يتعرض لها الإنسان في جسده وخلال حياته، خصوصًا أنه عادة يُسبب الألم وربما العجز في كثيرٍ من الأحيان، وعلى الرغم من أن المرض من التجارب الصعبة في الحياة، إلا أنه سبب لحصول المريض على الأجر والثواب من الله تعالى، خصوصًا إن صبر المريض واحتسب، وهو امتحان للمريض لمعرفة مقدار صبره وقوة إيمانه، كما أنّ المرض يُهذب نفس الإنسان المريض ويجعله أكثر تفكيرًا بالآخرة وأكثر روحانية، ويُلهمه العديد من الأفكار.
في لحظة المرض يوضع أمامك أيها المريض اختيارين فالأول أما أن تقود أنت لحظة المرض ويكون جزء منك ومن أهدافك وهو هزيمة المرض وعدم الاستسلام له، وأما أن يكون المرض أقوى منك وتستسلم له ولا تقدر على مواجهته، فلو كانت اللحظة أقوى منك ستصبح المعترض أمّا اذا تغلبت عليها ستكون أنت المريض الأواب، فللأسف الغضب وعدم التأمل في حكمة الله جعلت هذه اللحظة لحظة اعتراض وعدم رضا عند كثير من المرضى.
هناك فرق بين مريض يعيش لحظة مرضه وهو يعتبرها أيام جميلة تزيد من قربه إلى الله وتخفف عنه جزء من سيئاته ويذكر نعمة الصحة ويحمد الله في السراء والضراء، وبين مريض يعيش لحظة المرض وهو غير متذكر أن الله سبحانه وتعالى رزقه العديد من النعم، فليكن لسانك يا أيها المريض دائم الشكر والحمد لله على كل النعم في السراء والضراء.
ولتعلم أيها المريض بأي داء..
أن الوهم نصف الداء...
والاطمئنان نصف الدواء...
و الصبر أول خطوات الشفاء...
ولتعلم يا من يعاني مرض في جسده أنك لست وحدك المريض...
فإنّ الأمراض ليست في الأجساد فقط بل في الأخلاق...
فإذا رأيت سيئ الخلق فادع له بالشفاء..
واحمد الله الذي عافاك مما ابتلاه..