كل إنسان يعيش في هذه الحياة يصل إلى مرحلة تصبح طاقته فيها شيئاً لا يذكر، ولا يستطيع عندها العيش، ولا التعايش، ولكن يكون في داخله شيء ما يدفعه للمواصلة، والتفكير بأنّ غداً أجمل بإذن الله، وهذا الدافع هو الأمل، هو خيط التفاؤل الصغير الذي يحيي الإنسان في كلّ مرة ينام فيها، ليشجعه ليرى الضوء في اليوم التالي، فحتى لو قست الحياة علينا بجميع أشكالها، فلا بدّ لنا أن نأخذ الأمل من أصغر الأشياء حولنا، حتّى لو كانت تفتح وردة صغيرة في سفح جبل، عندها لا نسمح لليأس بالتملك منا.
يعتمد الشعور بالتفاؤل والأمل في الأوقات السيئة على حقيقة أنّ تاريخ الإنسان هو تاريخ لا يتضمن بأسه وقوته فحسب، وإنّما الرحمة، والتضحية، والشجاعة والعطف أيضاً، الشيء الذي نختار تأكيده في هذا التاريخ المعقد يحدد مجرى حياتنا، إذا رأينا الأشياء السيئة فقط، فإن ذلك يدمر قدرة المرء على عمل أيّ شيء، لذلك لا بدّ من وجود الأمل دائماً والإيمان به.
منذ أن كنت شاباً، كنت أعلم أنّ الحياة تحطمنا وتحطم كل شخص، لا يمكننا الهرب من ذلك الدمار، ولكنني تعلمت أيضاً بأنّه يمكن أن نصحح ذلك الشيء، نحن نصلح بعضنا البعض ونزرع الأمل في قلوب الآخرين.
الأمل هو البوّابة التي يُطلُّ بها الإنسان على أحلامه، فيراها تكبر أمام عينيه وتتحقّق مع مرور الأيام، والأمل هو الشمعة المضيئة التي يشعلها الإنسان في الدروب المظلمة التي لا يسلكها معه أحد، فتجعله يرى الحقائق بوضوح كي يبتعد عن الأوهام والخرافات، فلا يُعلق حياته على أحد، ولا يتخذُ من الآخرين سبيلًا للوصول إلى أهدافه، وعلى الإنسان قبل تعليق الآمال أن يبذل القدر المستطاع من الجهد الذي يمكنه من الوصول إلى مراده، وألّا يركنَ إلى تعليق الآمال وبنائها فوق السحاب، دون السعي الدؤوب إلى المراد الذي ينشده، فالشعور الوجداني وحب الوصول إلى الأهداف وحده لا يكفي الإنسان، ولا يؤدي به إلى ما يريد.
ضوء النهار يأتي بعد الظلمة الحالكة، والمطر الغزير يأتي بعد الجفاف الشديد، ودفء الصيف يأتي بعد زمهرير الشتاء، والوصول إلى هذه الحياة يأتي بعد مخاض الولادة، فكلما اشتدت الأزمات اقتربت من نهايتها، وهذا يُعزّز للإنسان فكرة أن يظلّ مصمِّمًا على بلوغ أهدافه، وأن يتحلّى بالصبر والشجاعة حتى النَّفسِ الأخير في هذه الحياة، فقد يبدأ أحدهم بالحفر كي يصل إلى كنز ثمين على عمق محدد في الأرض، وبعد مدّة يستسلم لأنّه لم يعثر على شيء، ويكون هذا الكنز موجودًا بالفعل على بعد أمتار قليلة، فلو أنّه كان متأمِّلاً بوجوده، وعازمًا على الوصول إليه لَنالَ ما أراده، لذلك فالأمل كنز حقيقي لا يُقدَّر بثمن.
ستار ظلام الليل سوف يجاب
وسوف يبين الفجر ما كان خافياً
وتشدو عصافير المنى بعد صمتها
وتخلص من معنى التشاؤم بومةً
وما الشؤم إلا في نفوسٍ مريضةٍ
أقول لمن زلَّ الطريق بخطوهِ
سيمنحنا وجهُ الهلال استدارةٌ
ستورِقُ أشجار الوفاء وترتمي
ستخصبُ أرضُ الحب منْ بعدِ جدْبها
سنرقى ونرقى ثم نرقى،لأنَّنا
لنا الكعبة الغراء والمسجدالذي
لنا المسجد الأقصى وصخرته التي
ثلاثةُ أقطابٍ تكاملحُسنُها
وألَّفها وحيُ السَّماء علىالهدى
إذا سُئل التاريخُ عن سرَّمجدهِ
وما الليلُ إلا رائدُ الفجرِ بعدَه
ما زال في صحونكم بقية من العسلْ
ردوا الذباب عن صحونكم
لتحفظوا العسلْ !
مازال في كرومكم عناقد من العنبْ
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنبْ...
مازال في بيوتكم حصيرةٌ.... وبابْ
سدوا طريق الريح عن صغاركم
ليرقد الأطفال
الريح بردٌ قارسٌ .. فلتغلقوا الأبوابْ...
مازال في قلوبكم دماءْ
لا تسفحوها أيها الآباء...
فإن في أحشائكم جنين...
ما زال في موقدكم حطبْ
وقهوةٌ .. وحزمةٌ من اللهبْ...
كلما فكَّر بالأمل أنكه التعب والملل ,
واخترع سراباً, وقال : بأيّ ميزانٍ أَزِنُ
سرابي ؟ بحث في أدراجه عمَّن كأنه
قبل هذا السؤال , فلم يعثر على مُسَوَّداتٍ
كان فيها القلبُ سريعَ العطب والطيش .
ولم يعثر على وثيقة تثبت أنه وقف
تحت المطر بلا سبب . وكلما فكَّر بالأمل
اتسعت المسافة بين جسد لم يعد
خفيفاً وقلب بالحكمة . ولم يكرِّر
السؤال : مَنْ أنا ؟ من فرط ما هو
مُجَافٍ لرائحة الزنبق وموسيقى الجيران العالية.
فتح النافذة على ما تبقّى من أفق ، فرأى
قطَّتين تمازحان جَرْواً على الشارع الضيِّق ,
وحمامةً تبني عشاً في مدخنة . وقال :
ليس الأمل نقيض اليأس , ربما هو الإيمان
الناجم عن لا مبالاة آلهةٍ بنا ... تركتنا
نعتمد على مواهبنا الخاصة في تفسير
الضباب وقال : ليس الأمل مادَّةً ولا
فكرة . إنه موهبة . تناول قرصاً مضاداً
لارتفاع ضغط الدم . ونسي سؤال الأمل ....
وأَحسَّ بفرج ما.... غامض المصدر !