إنّ اشتياق الأصدقاء فيما بينُّهم شيء قاتل صامت، مع مرور الوقت تشعر بفراغ كبير في حياتك، فالصداقة الحقيقية يتخللها الشوق للقاء، وتملؤها لحظات الذكريات، وجمعنا لكم كلمات تغمرها مشاعر الشوق والحنين للأصدقاء.
قصيدة الصـديـق للشاعر حميد العقابي، هو شاعر عراقي ولد عام 1956م الكــوت / العراق، غادر العراق نهايــة عام 1982م من مؤلفاته: أقول احترس أيها الليلك، وواقف بين يدي، وبم التعلل، وتوفي في مدينة (فايله) الدنماركية بتاريخ 4 أبريل 2017م.
مـا عـادَ يـأتـيـنـي
مُـحـمـّلاً بـالـريـحِ والأشـجـارْ
بـالـمـاءِ والـنـسـاءْ
يـنـقـرُ مـثـلَ بـلـبـلٍ مـجـنـونْ
زجـاجَ ذاكـرتي
مـا عـادَ يـأتـيـنـي
ــ وكـانَ لـي ظـلاً ــ
فـربـمـا يـظـنُّ أن زوجـتـي تـحـسـبـهُ الـضـرّه
أو لا يـحـبُّ ضـجـّةَ الأطـفـالْ
بـالأمـسِ فـكـرتُ بـأنْ أدعـوه
لـحـفـلـةِ احـتـضـاري
بـحـثـتُ فـي خـزانـتـي فـلـم أجـدْ
قُـصـاصـةً بـيـضـاءْ
كـانَ سـريـري بـارداً كـالـقـبرْ
نـمـتُ
ولـم أنـتـظـرِ الـصـديـقَ يـأتـيـنـي
إذْ
مـا عـاد يـعـنـيـنـي
قصيدة لم أجد أحداً للشاعر إيليا أبو ماضي هو شاعر لبناني يُعدّ من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين، ولد سنة 1891م، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين، من دواوينه: تذكار الماضي، الجداول.
قالت سكتّ و ما سكتّ سدى
إنّا عرفنا فيك ذا كرم ما إن
فاطلق يراعك ينطلق خببا
ما قيمة الإنسان معتقدا
و الجيش تحت البند محتشدا
و النور مستترا ؟ فقلت لها
ماذا يفيد الصوت مرتفعا
و النور منبثقا و منتشرا
إنّ الحوادث في تتابعها
ما خانني فكري و لا قلمي
كان الشّباب ، و كان لي أمل
و صحابه مثل الرّياض شذى
لكنّني لمّا مددت يدي و
ذهب الصّبي و مضى الهوى معه
فاليوم إن أبصرت غانية
و إذا تدار الكأس أصرفها
و إذا سمعت هتاف شادية
كفّنت أحلامي و قلت لها
وقع الخطوب عليّ أخرسني
عمرو صديق كان يحلف لي
و إذا مشيت إلى المنون مشى
صدّقته ، فجعلته عضدي
لكنّني لمّا مددت يدي و
هند ، و أحسبني إذا ذكرت
كانت إلها ، كنت أعبده
كم زرتها و الحيّ منبته
و لكم و قفت على الغدير بها
و الأرض ترقص تحتنا طربا
و لكم جلسنا في الرياض معا
و اللّيل فوق الأرض منسدل
قد كاشفتني الحبّ مقتربا
لكنّني لمّا مددت يدي
قومي ، و قد أطربتهم زمنا
هم عاهدوني إن مددت يدي
قالوا غدا تهمي سحائبنا
و ظننت أنّي مدرك أربي
فذهبت أمشي في الثرى مرحا
تيه المجاهد نال بغيته
لكنّني لمّا مددت يدي
هم هدّدوني حين صحت بهم
و رأيت في أحداقهم شررا
و سمعت صائحهم يقول لهم
فرجعت أحسبهم برابرة
مرّت ليال ما لها عدد
أرتاع إن أبصرت واحدهم
و إذا رقدت رقدت مضطربا
لكنّني لمّا مددت يدي
لا تذكروهم لي ، و إن سألوا
لا يملأ السربال واحدهم
يا ليتني ضيّعت معرفتي
أبحرت والأمواج تخنقني.. وأنفاسي تضيق.. والروح عطشى للقاء.. يلفها شوق عتيق.. أين الصديق.. أين الصديق.. الذي إذا حضر استروحت السعادة في قربه.. وإذا غاب أحسست جزءاً هاماً من وجودي ينقصني.. فأنا في شوق ملح جامع.. حتى يعود فتعود سعادتي.
اشتقت لك.. أيها المجهول الأحمق.. يا ليتك هنا وتقرأ كلماتي.. يا ليتك هنا معي.. أنا لا أشعر بوحدتي.. وأنت بجانبي.. أريد أن أتلقى منك رسالة.. حتى وإن كانت فارغة.. فأنا لا تزعجني الرسائل الفارغة.. اشتقت لك ياصديقي.. ولكني أنا من اختار البعد.
يقتلني الشوق والحنين .. يمزّقني البعد والفراق .. أحنّ إلى الأمس البعيد .. أحن إلى الماضي الذي لن يعود .. أشتاق لكلمة من صديقي لنظرة أو ابتسامة.. ولكن الزمن يحرمني حلاوة اللقيا ونداوة رؤياه.
الشوق هو الدليل الأوضح على الحُب.. فإن كنت تريد أن تختبر قوة صداقتك.. فقط دع صديقك يشتاق.. ابتعد عنه جرب هذا الشعور.. حينما تعود وتلقاه.. وفي عينيك يلمع بريق النصر.
سلام عليك يا صديقي..
اشتقت لك بقدر أوجاعي...
اليوم تذكرتك...
ودعيت لك كثيراً...
يا صديقي كان لنا واقع بسيط..
وأحلام أبسط...
سرقت من واقعنا ثم سرقت منا أحلامنا...
الورد الطبيعي...
وإن ذبل تبقى ذكرى أريج عطره في الوجدان...
كذلك الصديق..
وإن غاب..
مودته راسخة في القلب لا تزول..
وإني في شوق للقاء..
أصعب اشتياق...
شوق الأصدقاء...
فإنني أشتاق لصديقي بشكل بائس...
أشتاق إليه ولا أستطيع التقدم أو التراجع...
أو حتى مواصلة الثبات أمام كل هذا الحنين...
لقد حفرت اسمك يا صديقي في الفكر والوجدان...
وحفظت رسمه في القلب والأشجان...
وستبقى ذكراه النور الذي أستمد منه الحياة والحنان...