هو ما كان يطلق عليه (بيت مال المسلمين، أو بيت مال الله) فقد استعمل هذا اللفظ في صدر الإسلام للدلالة على المكان الذي يتمّ فيه حفظ الأموال العامّة للدولة الإسلاميّة من المنقولات، كالغنائم، والفيء، والصدقات، والجزية، والعشور، إلى أن يتمّ توزيعها، لتكون تحت يد الخليفة أو الوالي، ويقوم بوضعها بما يصلح شؤون الأمة في السلم والحرب، فقد كانت تنحصر مصروفات بيت المال في رواتب الولاة، والقضاة، ورواتب الجند والعسكر، وتجهيز الجيوش، وآلات القتال، ومصروفات المؤسّسات الاجتماعيّة، وتوزيع الأرزاق على الفقراء.
أول ذكر لبيت المال كان في خلافة أبي بكر الصديق، فقد قام باتّخاذ بيت مال بالسنح، وهي ضاحي من ضواحي المدينة المنورة، ثمّ قاموا بنقله إلى المدينة المنوّرة، فقد قام بتنصيب أبي عبيدة بن الجراح قبل أن يقوم بتوجيهه إلى بلاد الشام، ومن هنا نعرف بأن أول من ولي بيت المال هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث المعروف بأبي عبيدة، أمين هذه الأمة، وفاتح بلاد الشام، المولود في سنة 40 ق.هـ - 584م في مكة، فقد ورد عن أنس بن مالك أن الرسول صلّى الله عليه وسلم قال: (...وإِنَّ لِكلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وإِنَّ أَمِينَ هذه الأُمَّةِ: أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ)، فلقد كان إسلام أبو عبيدة على يد أبي بكر الصديق، ولقد كان ممّن أسلموا مبكراً، وكان ملازماً للرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا يحب أن يبتعد عنه ليتعلم كل شيء على يديه،وتوفي رضي الله عنه في سنة 18 هـ - 639م، بطاعون عمواس في غور الأردن.
لا ننسى بأنّ دلالة بيت المال كانت منذ عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان الرسول يأخذ الزكاة ليقوم بتوزيعها على الوجه الصحيح، وفي عهد أبو بكر ظهر بيت المال كمؤسّسة مستقلّة، وكان أوّل من ولّي عليه هو أبو عبيدة، وبعد ذلك تمّ تولية عبد الله بن الأرقم على بيت المال في المدينة في خلافة كل من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، ثمّ قام عثمان بن عفان بتنصيب زيد بن ثابت على بيت المال، واستمر وجود بيت المال حتى نهاية الدولة الإسلامية.