أورد الله -تعالى- ذكر الكهف في القرآن الكريم في سورة الكهف، والكهف هو المغارة في جبلٍ، ولا يُعرف تحديداً مكان هذا الكهف الذي آوى إليه مجموعة الفتية الذين فرّوا بدينهم من بطش قومهم؛ وردت أقوالٌ حول وجوده في بيت المقدس، وقيل في أنطاكية، وقيل إنّه في مدينة طرسوس التي كانت تسمى آنذاك أفسوس، لكنّ ما من قولٍ رجّح أحد هذه الآراء على غيرها.
وصف الله -تعالى- بدقّةٍ حال أهل الكهف حين أوَوا إلى كهفهم فناموا؛ قال المفسّرون في تفسير الآيات الكريمة الواردة في سورة الكهف إنّ باب الكهف كان من جهة الشمال؛ لأنّ الشمس إذا طلعت مالت عنهم حين تُشرق، وإذا غربت دخلت عليهم مائلةً قليلاً؛ فاستبان للمفسّرين أنّ باب الكهف كان من جهة الشمال، وقد سيّر الله -تعالى- عليهم الشمس والريح؛ رحمةً بهم، وحفظاً لأبدانهم.
كان أهل الكهف فتيةٌ شبان؛ قيل إنّهم كانوا ثمانيةٌ وتاسعهم كلبهم قد اتّبعوا شريعة عيسى -عليه السلام-، لكنّهم عاشوا زمن الملك الظالم دقيانوس؛ الذي جمع الناس يوماً للسجود للأصنام، فأدرك الشبان خطيئة ما يصنع قومهم فتركوهم وما بدا لهم، واجتمعوا في كهفٍ ينأوا بأنفسهم عن الشرك بالله -تعالى-، فضرب الله -تعالى- عليهم النوم ثلاثمئةٍ وتسع سنين؛ حمايةً لهم من الزلل والفتن، ولقد حفظهم الله -تعالى- طوال هذه الفترة من أنّ تبلي الأرض أجسامهم وتأكلها، وبقوا على حالهم هذا حتى أذن الله -تعالى- لهم أن يستيقظوا، وقد قاموا جائعين فأرسلوا واحداً منهم يلتمس لهم طعاماً وأوصوه بالحذر من القوم في الخارج، لكنّ الفتى استنكر شكل المدينة وحال أهلها، وكذلك الحال بالناس الذين خافوا منه ومن ماله الذي كان معه، وظنّوا أنّه دخيلٌ عليهم جاسوساً، ولمّا سألوا عنه أكثر أدركوا أنّه الفتى المتواري عن الأنظار مُنذ فترةٍ طويلةٍ هو ومن معه، وقد دلّهم على مكان الكهف الذي رقدوا فيه، ودخل على إخوته وأخبرهم بما حصل معه وكم مكثوا في داخل الكهف وأخبار الناس في الخارج، فعلموا أنّ هذا من حفظ الله -تعالى- وقدرته.
موسوعة موضوع