أهدى المقوقس حاكم مصر للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- جاريةً؛ وهي مارية القبطيّة، وذلك في السنة السادسة للهجرة، فأسلمت، وتزوّجها النبيّ عليه السّلام، وأنجبت له آخر أولاده؛ إبراهيم، ولمّا وُلد فرح به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فرحاً شديداً، وكان يحبّه حبّاً شديداً يظهر لأصحابه؛ حتّى وصف أنس -رضي الله عنه- ما كان من النبيّ -عليه السّلام- تجاه ابنه؛ فقال: "ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولعلّ النبيّ -عليه السّلام- يكون مع أصحابه في عوالي المدينة، فيذكر ابنه إبراهيم، فيذهب ينظر إليه، ويقبّله، ويرجع لأصحابه.
لم يعش إبراهيم ابن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- طويلاً؛ فقد جاءته الوفاة وهو ابن ثمانية عشر أو سبعة عشر شهراً، وحزن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على فراقه حزناً شديداً، وذرفت عيناه عليه وهو يدفنه، وكان ممّا رُوي عنه لحظة دفنه أنّه قال فيه: (إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ)، ويُذكر أنّ نبيّ الله -عليه السّلام- ودّع في حياته كلّ أبنائه وبناته إلّا فاطمة رضي الله عنها، ولم يكن وداعه لأبنائه إلّا بقلبٍ راضٍ، محتسباً إياهم عند الله سبحانه.
وقع كسوفٌ للشمس في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم وفاة ابنه إبراهيم؛ فظنّ الناس أنّ ما حصل له علاقةٌ بوفاة ابن النبيّ عليه السّلام، لكنّ النبيّ -عليه السّلام- أبطل ظنّهم، وأكّد للمسلمين أنّ الخسوف والكسوف من آيات الله التي ليس لها علاقةٌ بموت أو حياة أحدٍ من البشر، قال عليه السّلام: (إنَّ الشَّمسَ والقمرَ لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولَكِنَّهما آيتانِ من آياتِ اللَّهِ)
موسوعة موضوع