التدخين والقولون

الكاتب: خلود قصيباتي -
التدخين والقولون

التدخين والقولون.

 

التدخين

 
يُعرّف التدخين (بالإنجليزيّة: Smoking)‏، على أنّه سلوك أو عادة غالباً ما يتم فيها استنشاق ورشف دخان التبغ (بالإنجليزيّة: Tobacco) من نهاية السجائر، أو السيجار، أو الغليون، ومن ثم نفثُه خارج الجسم من خلال عمليّة الزفير، ومن الجدير ذكره أنّ دخان السجائر قد يحتوي على نحو 7000 مادة كيميائية إضافةً إلى مادة النيكوتين (بالإنجليزيّة: Nicotine)، حيثُ ينتج العديد من هذه المواد عن حرق أوراق التبغ، وقد يكون بعض هذه المواد نشطًِا كيميائياً بما قد يتسبّب بحدوث تغيّراتٍ عميقة ومؤذية للجسم، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ النيكوتين تُشكّل المادة المسؤولة عن إدمان التدخين، إذ إنّها تُساهم في زيادة رغبة المُدخن بالاستمرار في التدخين.
 

أضرار التدخين على القولون

 
ممّا لا شك فيه أنّ التدخين يُمكن أن يكون له ضرر على القلب، والجهاز التنفسي، والرئتين بشكلٍ خاص، ولكن قد لا يُدرك الكثيرون أنّ للتدخين تأثيرًا سلبيًا كبيرًا أيضاً في صحة القولون والمُستقيم، حيثُ يُعتقد أنّ السموم والمواد المُسرطنة التي يحتوي عليها دخان التبغ، قد تؤدي إلى تلف الحمض النووي وأنسجة الجسم مع مرور الوقت، وتبعاً لذلك يمكن أن ينتج عنه مجموعة من المشاكل الصحيّة.
 

التدخين والقولون

 
يُمكن تعريف متلازمة القولون العصبي، أو متلازمة القولون المتهيج (بالإنجليزيَة: Irritable bowel syndrome)، واختصاراً (IBS)، على أنّها اضطراب مزمن في الأمعاء الغليظة يتطلّب علاجاً على المدى الطويل، وهو من الحالات الشائعة وغير الخطيرة، ولا يُمكن اعتبارها من الأمراض المُعدية أو السرطانيّة، ولكن قد تكون مُتلازمة القولون العصبي سبباً في شعور المريض بالتوتر والانزعاج، ويُمكن أن يؤثر ذلك بشكلٍ سلبي في قدرته على ممارسة أنشطته اليوميّة، وفي الحقيقة يُعاني مرضى متلازمة القولون العصبي غالباً من تحسّس الجهاز الهضميّ تجاه بعض أنواع الأطعمة، والتي يُمكن أن تُسبّب تهيّج القولون وإثارة أعراضه عند تناولها.
 
بشكلٍ عام، يُعد تدخين التبغ أحد أسوأ العوامل التي تُحفز تطوّر أعراض متلازمة القولون العصبي، كما قد يواجه المدخنون خطر الإصابة بأنواعٍ مُختلفة من السرطان بغضّ النظر عن نوع التدخين؛ نظرًا لاحتوائه على العديد من المواد السامّة والمُسرطنة؛ إذ تدخل جميعها مجرى الدم، وتمر من خلال الجهاز الهضمي بما قد يؤثر في جميع أجزائه، وقد يترتب على ذلك تفاقم أعراض متلازمة القولون العصبي، والتي تتضمّن: الشعور بألم وتشنّجات في منطقة البطن، والإسهال، والإمساك، والشعور بالانتفاخ، والتجشؤ، وتراكم الغازات، وعلاوةً على ذلك فإنّ التدخين يُمكن أن يسبّب أيضاً حرقة المعدة (بالإنجليزية: Heartburn)، وارتجاع أحماض المعدة، وهما حالتين من المُرجح أن يُعاني منهما مرضى متلازمة القولون العصبي، وعن آلية تأثير التدخين في الجهاز الهضمي وتسبّبه بحرقة المعدة وارتجاع أحماضها؛ فيُمكن القول أنّ للتدخين تأثيراتٍ سلبية في العضلة العاصرة للمريء (بالإنجليزيّة: Esophageal Sphincter)، إذ قد يتسبّب بإضعاف العضلة العاصرة السفلى للمريء، وقد يترتب على ذلك زيادة في إنتاج أحماض المعدة وتدفقها في الجزء السفلي من المريء، وفي نفس الوقت قد يُقلّل التدخين إنتاج مادة بيكربونات الصوديوم (بالإنجليزيّة: Sodium bicarbonate) من قِبل البنكرياس، وهي مادة مُهمة في معادلة أحماض المعدة.
 

التدخين وأمراض الأمعاء الالتهابيّة

 
هُناك نوعان من أمراض الأمعاء الالتهابيّة (بالإنجليزيّة: Inflammatory bowel disease)؛ ألا وهما داء كرونز (بالإنجليزية: Crohn's disease) والتهاب القولون التقرحي (بالإنجليزيّة: Ulcerative Colitis)، ويُمكن بيان تأثير التدخين في كلّ حالةٍ منهما فيما يأتي:
 
داء كرونز: غالباً ما يؤثر في الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة مُسبّباً المُعاناة من الإسهال وتقلّصات البطن، وتجدر الإشارة إلى أنّ التدخين قد يجعل الشخص أكثر عُرضةً للإصابة بداء كرونز، إذ كما ذكرنا سابقاً يحتوي دخان التبغ على العديد من المواد التي قد تؤثر في الأمعاء بطُرق مُختلفة؛ ومن ضمنها: النيكوتين، والجذور الحرّة، وأول أكسيد الكربون، وقد يترتب على التدخين حدوث العديد من المشاكل والتغيّرات في جهاز المناعة، كما قد يتسبّب بإحداث تغيراتٍ في البكتيريا الموجودة في القناة الهضمية بشكلٍ طبيعي، بالإضافة إلى تأثيره في الجينات، وهذه العوامل جميعها قد تجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بداء كرونز، ويُمكن بيان أهم المُضاعفات والأضرار التي قد يتسبّب بها التدخين على المرضى المُصابون بداء كرونز على النّحو التالي:
تطوّر مُضاعفات وأعراض أسوء مُقارنةً مع غير المدخنين، وتتضمن: المعاناة من التضيّق، أو تضيّق الأمعاء الذي قد يتسبّب بحدوث انسداد خطير.
زيادة احتمالية حاجة المرضى إلى الخضوع للعمليّات الجراحية.
زيادة خطر تطوّر نوبات كرونز الحادّة (بالإنجليزيّة: Flare-ups)، مُقارنةً مع غير المُدخنين.
تقليل استجابتهم للأدوية المُثبطة للمناعة (بالإنجليزيّة: Immunosuppressants)، فقد يُلجأ لوصفها في بعض حالات كرونز؛ ولكنّها قد تكون غير فعّالة في المُدخنين منهم، ومن الأمثلة عليها: الأدوية البيولوجية (بالإنجليزيّة: Biologic drugs) والستيرويدات (بالإنجليزيّة: Steroids).
زيادة خطر الإصابة بالناسور (بالإنجليزيّة: Fistulas)، أو تشكّل فتحات داخليّة غير طبيعيّة على شكل قنوات، الأمر الذي قد يتطلّب اللُّجوء إلى الجراحة للسّيطرة على المُشكلة.
زيادة خطر الإصابة بمُضاعفات ومشاكل صحيّة خارج الأمعاء، مثل: اضطرابات العيون، والتهاب المفاصل (بالإنجليزيّة: Arthritis)، واضطرابات الجلد، وضعف العظام المعروف طبيّاً بمُصطلح هشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis).
التهاب القولون التقرحي: (بالإنجليزيّة: Ulcerative Colitis)، ويُعد مرضاً التهابيّاً يُهاجم عادةً بطانة القولون مُسبّباً التهابها وتشكّل قروح صغيرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الشعور بآلام البطن، والإسهال، والتعب الشديد، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ التهاب القولون التقرحي أقل شيوعاً في المدخنين مقارنةً مع غير المدخنين، ولكن هذا لا ينفي وجود مخاطر صحيّة عديدة للتدخين؛ فوفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention)‏ واختصاراً (CDC) فإنّ التدخين يُمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة (بالإنجليزيّة: Lung cancer)، والسكتة الدماغيّة (بالإنجليزيّة: Stroke)، وأمراض القلب (بالإنجليزيّة: Heart disease)، وقد يطال تأثيره جميع أعضاء الجسم تقريباً.
 

التدخين وسلائل القولون وسرطاناته

 
كما ذكرنا سابقاً يحتوي دخان السجائر على العديد من المواد المُسرطنة، ومن أهمّها وأكثرها شيوعاً مادة البِنزوبيرين (بالإنجليزيّة: Benzopyrenes)، وفي الحقيقة يُعتقد أن هذه المواد يُمكن أن تُسبّب تلف في الحمض النووي، وقد تقل قدرة الجسم على إصلاح هذا الضرر بمرور الوقت، ومن الجدير ذكره أنّ المدخنين أكثر عرضةً للإصابة بسرطان القولون، حيثُ أظهرت بعض الدراسات أنّ خطر الإصابة بسرطان القولون لدى المدخنين مُكافئ إلى حدٍّ ما لخطر وجود عوامل وراثيّة من شأنها التسبّب بانتقال المرض وراثياً في حال كان أحد الوالدين، أو الأشقاء، أو الأطفال مصابين بسرطان القولون، ففي تحليلٍ شموليّ (بالإنجليزيّة: Meta-analysis) نُشر في مجلة المعهد القومي للأورام (بالإنجليزيّة: Journal of the National Cancer Institute) عام 2010م، أظهرَ بأنّ التقديرات تُشير إلى أنّ المدخنين كانوا أكثر عُرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18% أعلى من غير المدخنين، ويُمكن القول أنّ التدخين هو أحد العوامل التي يُمكن التحكم بها والإقلاع عنها بما يُمكّن من تقليل المخاطر المُترتبة عليها، ولكن غالباً لا يتم الأخذ بعين الاعتبار تأثيره الحقيقي في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون، ومن ناحيةٍ أخرى قد تنمو كُتل غير سرطانيّة في القولون والمستقيم لدى الأشخاص وبخاصّة المُدخنين؛ تُعرف بسلائل القولون (بالإنجليزيّة: Colon polyps)، وعلى الرغم من أنّها لا تُعد دائماً سرطانيّة، إلا أنّها قد تتطور من حميدة لتُصبح سرطانية، وبشكلٍ عام يميل الأشخاص المدخنون إلى الإصابة بسلائل القولون الأكبر حجمًا والأكثر عددًا.
 

آثار الإقلاع عن التدخين على القولون

 
يُعد الإقلاع عن التدخين من أهم الخطوات التي تعود بفوائد صحيّة عديدة على الجسم، إذ كما ذكرنا سابقاً فإنّ الأشخاص المدخنون مُعرّضون للإصابة بالعديد من المشاكل الصحيّة الخطيرة، وبمجرد ترك التدخين سيطرأ تحسّن ملحوظ على الجسم يبدأ في غضون ساعات ويستمر بعد ذلك، ومن ضمنها التغيّرات الإيجابيّة في الجهاز الهضمي، والتي سيتمّ بيانُها فيما يأتي:
 
عودة التوازن ما بين المواد التي تحمي المعدة وبطانة الاثني عشر (بالإنجليزيّة: Duodenum) والمواد الضارة إلى وضعها الطبيعي.
التقليل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين؛ مثل السلائل القولونية، ولكن سيبقى هناك خطر مُتزايد لنموها مقارنة بالأشخاص الذين لم يدخنوا إطلاقاً خلال حياتهم.
تحسّن الأعراض بشكلٍ كبير لدى المرضى المصابين بداء كرونز، أو أيّ مرض آخر يرتبط بداء الأمعاء الالتهابي.
تعزيز فُرصة العيش لفترةٍ زمنيةٍ أطول.
 
 
 
 
شارك المقالة:
306 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook