تختلف قوة كلِّ حرفٍ من حروف الهجاء بحسب مخرجه وطريقة نطقه، فمنها الضعيف ومنها القوي، وصفات الحروف القوية بدورها تُقسم إلى اثنتي عشرة صفةً وهي: الجهر والاستعلاء -أي التفخيم- والإطباق والإصمات والصفير والقلقلة والانحراف والتكرير والتفشي والشدة والاستطالة والغنة، وأقواها القلقلة يليها الشدة ثم الجّهر والإطباق والاستعلاء -التفخيم- فالباقي، وأمّا صفات الحروف الضعيفة فهي: الهمس والرخاوة والاستفال -أي الترقيق- والانفتاح واللين والذلاقة، وهناك حروفٌ تكون قويةً تارةً وضعيفةً تارةً أخرى بحسب حركتها وموقعها من الكلمة وهي " الراء واللام والألف"، وفيما يلي بحثٌ عن التفخيم والترقيق ومواضع كلّ منهما.
في مستهلّ الحديث في أيّ بحثٍ عن التفخيم والترقيق لا بدّ من ذكر معنى كلّ منهما، والتفخيم لغةً هو التغليظ والتسمين، واصطلاحًا هو عبارة عن إدخال تسمين على الحرف فيمتلئ الفم بنطقه ويمنحه قوةً في اللفظ، أمّا الترقيق فهو عكس ذلك أي أنّه التخفيف والتنحيف، وهو نحولٌ يدخل على نطق الحرف يُفقده صداه ويُضعف قوة لفظه.
تنقسم الحروف الهجائية بالنسبة لأحكام التفخيم والترقيق إلى ثلاثة أقسام، فمنها ما يُفخم دائمًا مهما كانت حركته أو موضعه من الكلمة وعددها سبعة حروف وهي: "الخاء والصاد والضاد والطاء والظاء والغين والقاف"، ومنها ما يٌرقق دائمًا ولا يمكن تفخيمه مهما كانت حركته وموضعه من الكلمة وهي كلّ الحروف الهجائية باستثناء أحرف التفخيم الخمسة وأيضًا باستثناء "اللام والراء والألف"، ومنها ما يُفخم تارةً أو يرقق تارةً أخرى وذلك بحسب حركته أو حركة ما قبله أو بحسب توضعه في الكلمة وهذه الحروف هي "اللام والراء والألف"
وبالنسبة لأحرف التفخيم فإنها تختلف عن بعضها من حيث القوة، فأقواها حروف الإطباق أي "الصاد والضاد والطاء والظاء"، وحتى أنّ لها مراتب في ما بينها، فأوّلها وأقواها يكون عند وجود حرف التفخيم مفتوحًا وبعده ألف ومثال ذلك "طَائعين"، ثمّ يليها حرف التفخيم المفتوح وليس بعده ألف ومثال ذلك "صَدق"، ثمّ حرف التفخيم المضموم ومثال ذلك "فضُرب"، ثمّ حرف التفخيم الساكن ومثال ذلك "فاقْضِ"، وآخرها حرف التفخيم المكسور ومثال ذلك "خِيانة"، أمّا حروف الترقيق عامةً فهي متساويةٌ من حيث القوة ولا فرق بينها في أيّ من الحالات.
وآخر حالةٍ من حالات تأرجح الراء بين التفخيم والترقيق هي عندما تأتي الراء ساكنةً وقبلها حرفٌ ساكنٌ وقبله حرفٌ حركته الكسر، وفي هذه الحالة يُنظر للحرف الساكن قبل الراء، فإذا كان من حروف الترقيق كانت الراء مرققةً ومثال ذلك "بِكْرْ"، "بِئْرْ"، وإذا كان الحرف الساكن السابق للراء من حروف التفخيم كانت الراء مفخمةً ومثال ذلك كلمتان في القرآن الكريم وهما "مِصْر"، "القِطْر" وهذا ما يُسمى الساكن الحصين، والله -تعالى- أعلم.