التمزق الرحمي

الكاتب: د. ايمان شبارة -
التمزق الرحمي.

التمزق الرحمي.

تمزق الرحم rupture of the uterus هو تفرق اتصال في طبقة من طبقات الرحم أو في أكثر من طبقة بعد أن يصبح الجنين قابلاً للحياة .

بهذا التعريف لا يدخل في تمزقات الرحم تفرق الاتصال الحادث في الحمل الخلالي أو انثقاب الرحم في أثناء التجريف مثلاً.

يحدث تمزق الرحم في أثناء الحمل أحياناً، ويحدث غالباً في أثناء المخاض. وتختلف نسبة حدوثه باختلاف الأسباب واختلاف المجتمعات، وتراوح بين حادثة من كل مئة ولادة وحادثة من كل 11000 ولادة.

أهم أسباب تمزقات الرحم

1 ـ وجود ندبة سابقة على الرحم بعد قيصريات سابقة؛ ولاسيما القيصريات المجراة على جسم الرحم أو بعد عمليات تصنيع الرحم أو استئصال نواة ليفية منها.

2 ـ إعطاء محرضات المخاض واشتداده؛ ولاسيما حين وجود سبب يمنع تقدم المجيء كضيق الحوض أو المجيء المعيب أو الجنين العرطل.

3 ـ المداخلات الولادية كالتحويل بالأعمال الداخلية أو الملقط الصعب أو استخراج المقعد قبل تمام اتساع عنق الرحم.

4 ـ الحمل في رحم مشوهة كالرحم وحيدة القرن أو ذات القرنين.

5 ـ المشيمة الملتصقة أو الملتحمة أو الرحى الغازية.

6 ـ الرحم مفرطة التمدد كما في الاستسقاء الأمنيوسي والحمل المتعدد والأجنة العرطلة.

7 ـ رض خارجي بآلة قاطعة أو بصدمة عنيفة على البطن أو بالسقوط على الأرض أو بضغط قعر الرحم بشدة عبر جدار البطن في أثناء المخاض لتسريع الولادة.

الأعراض

تختلف الأعراض بحسب سبب التمزق وزمنه وظروفه اختلافاً كبيراً، فقد تبدأ هادئة لطيفة وتشتد تدريجياً. أو تكون على العكس شديدة صاخبة منذ البداية لدرجة تنذر بالوفاة إن لم تسعف سريعاً.

1 ـ التمزق في أثناء الحمل: السبب الغالب لحدوث التمزق في أثناء الحمل هو وجود ندبة على جدار الرحم. تنفتح هذه الندبة تدريجياً؛ لذلك تبدأ الأعراض خفيفة بألم بسيط في أسفل البطن مع نزف مهبلي قليل، ثم تظهر الأعراض البطنية كتطبل البطن الخفيف والغثيان وتسرع النبض والضجر، وإذا أهملت الحالة اشتدت الأعراض ومات الجنين، وقد يخرج من الرحم إلى جوف البطن باتساع التمزق وشموله كل طبقات الرحم، وتسوء حالة المريضة العامة باشتداد النزف الباطن والظاهر.

2 ـ التمزق في أثناء المخاض الخفيف: السبب الغالب هنا هو كذلك تمزق ندبة عملية سابقة على الرحم سواء على جسمها أم على قطعتها السفلية، تضاف إليها أسباب أخرى في طليعتها استعمال محرضات المخاض ثم ضعف عضلة الرحم لتعدد الولادات، والأعراض هنا تشبه الأعراض المرئية في تمزق الرحم في أثناء الحمل، ولكن ينبه على حدوث التمزق هنا توقف تقلصات الرحم مع سوء الحالة العامة والألم والنزف… وموت الجنين.

3 ـ التمزق في أثناء المخاض الشديد: يحدث التمزق هنا غالباً في رحم سليمة ليس عليها ندبة أو آفة سابقة، والمشهد السريري مشهد مأساوي ناجم عن تعب الماخض نتيجة مخاض شاق وطويل وغير مجد لعدم استطاعة الجنين التقدم في المسير التناسلي لسبب ما كضيق الحوض أو المجيء المعيب أو الجنين العرطل، وتحاول الرحم زيادة تقلصاتها، وتتمدد القطعة السفلية تدريجياً، وترتفع حدودها العلوية (حلقة باندل) التي تقسم الرحم قسمين: العلوي جسم الرحم، والسفلي القطعة السفلية التي ترق مع تمددها حتى تضعف مقاومتها، وتتعرض للتمزق لأقل رض من الجنين أو من الأعضاء المجاورة الضاغطة، فيتوقف نبضان قلب الجنين، ويتسرع نبض الماخض، وتصاب بالزلة والضجر، وتشعر فجأة بأن شيئاً تمزق في أحشائها وأن سائلاً انصب فيها، ثم تظهر أعراض الصدمة النزفية: التعرق وهبوط الضغط الشرياني وتسرع النبض والشحوب، وبجس البطن يشعر بأعضاء الجنين تحت جلد البطن مباشرة، وقد يشعر في أيمن البطن بكتلة صلبة هي الرحم المنقبضة.

يحدث التمزق في جدار الرحم الأمامي أو في جدارها الخلفي، وقد يكون في الجانب، فيمتد إلى قاعدة الرباط العريض، وإذا تمزق الشريان الرحمي كان النزف غزيراً جداً وصاعقاً. وقد يبدأ التمزق من عنق الرحم، ويمتد إلى الأعلى في بعض المداخلات الولادية.

التشخيص

1 ـ قد لا يبدو التمزق الناجم عن ندبة سابقة بأعراض شديدة؛ لذلك يجب التفكير بوجوده في كل حامل من المعروف وجود ندبة سابقة على رحمها، وتراجع لألم بسيط في أسفل البطن أو لنزف مهبلي خفيف أو لبيلة دموية من دون أن تشعر بعد بآلام المخاض، بل مازالت مرتاحة في دارها أو تمارس عملها اليومي البسيط، فإذا ما انتبه لهذا وفحصت الحامل ووجد لديها ألم محدث بجس المنطقة السفلية من البطن واضطراب دقات قلب الجنين؛ وجب إكمال الفحص بإجراء مسح بالصدى ووضع المريضة تحت المراقبة الشديدة في المستشفى وفتح البطن حين اشتداد أي من الأعراض المنبئة واستخراج الجنين الذي قد يكون حياً  ـلأن التمزق يكون في الغالب ناقصاً، والأغشية سليمة  ـ ثم تخاط الرحم، أو تستأصل حسب الحالات.

2 ـ أما التمزقات في أثناء المخاض الشديد فينبئ بإمكان حدوثِها تمددُ القطعةِ السفلية وارتفاع حلقة باندل وشدة الآلام، وكثيراً ما يسبق التمزق حدوث عطالة رحم ثانوية كوساطة طبيعية وقائية، ويجب ألا تعطى الماخض في هذه الحالات محرضات المخاض لأنها تكون السبب في حدوث التمزق إذا عادت تقلصات الرحم ، بل يجب الإسراع بفتح البطن واستخراج الجنين ثم خياطة الرحم.

3 ـ وإذا حدث التمزق في أثناء تقلصات الرحم الشديدة فإن أعراض الصدمة والنزف الباطن لا تترك مجالاً للالتباس في معظم الأحيان، عدا الشعور بجس بطن الماخض بأعضاء الجنين تحت جلد البطن مباشرة وعدا أعراض موت الجنين، وهنا يجب الإسراع بتعويض الدم ومعالجة الصدمة وفتح البطن لاستخراج الجنين وخياطة الرحم أو استئصالها حسب الحالات.

التدبير

إن التدبير في كل حالات التمزق هو فتح البطن السريع واستخراج الجنين ثم ترميم مكان التمزق إن أمكن أو استئصال الرحم مع معالجة الصدمة وتحسين الحالة العامة في أثناء ذلك إن كان النزف شديداً. ويبرز هنا موضوعان لهما شأنهما في الوقاية من حدوث التمزقات أو الحد من حدوثها، الموضوع الأول هو الندبات الرحمية لعمليات سابقة؛ ولاسيما القيصريات، ومعلوم أن هذه الندبات تعدّ السبب الأول في حدوث التمزقات سواء في أثناء الحمل أم في أثناء المخاض، والموضوع الثاني هو تحريض المخاض سواء في الأرحام الطبيعية أم في الأرحام التي تحمل ندبات سابقة.

1 ـ شاع اللجوء إلى العمليات القيصرية لاستطبابات عارضة مما أدى إلى زيادة نسبة هذه العمليات زيادة كبيرة، ولما كانت الفكرة في البدء أن إجراء قيصرية في ولادة ما يجب بعدها إجراء القيصريات في كل الولادات التالية؛ فقد أدى ذلك إلى زيادة مطّردة في هذه العمليات، وبالتالي زيادة الأرحام الندبية زيادة كبيرة؛ مما سيتبعه حتماً زيادة نسبة تعرض هذه الأرحام للتمزقات. ولتفادي هذه الظاهرة يجب الحد من إجراء القيصرية الأولى إلا في الاستطبابات الجازمة الأكيدة، وكلها معروفة، وعدم اللجوء للقيصرية تلبية لرغبة الماخض أو أهلها لتخفيف آلامها أو لإجراء الولادة قبل أوانها لارتباط الطبيب بموعد للسفر في أوان الولادة الطبيعية المرتقب أو لأمور مادية أو لغير هذا من الأسباب… ويجب أن يكون هدف المولّد دائماً السعي إلى أن تكون الولادة طبيعية إلا حين الضرورة؛ لأن ذلك:

أ ـ يقلل من مخاطر العملية ذاتها ومخاطر التخدير.

ب ـ يقلل من نسبة المراضة بعد الولادة.

ج ـ يقلل من مدة البقاء في المستشفى.

د ـ يقلل من التكاليف المادية.

هـ ـ يمتن العلاقة العاطفية بين الأم ووليدها.

وحين تجرى القيصرية للمرة الأولى يجب للحد من القيصريات اللاحقة اتخاذ الاحتياطات التالية:

أ ـ إتقان خياط شق الرحم لتكون الندبة جيدة.

ب ـ إجراء صورة شعاعية ظليلة للرحم أو مسحها بالصدى بعد العملية بستة أشهر على الأقل للتأكد من الندبة وما إذا كانت جيدة أو لا؟.

ج ـ التشديد على تأجيل الحمل القادم أكثر من سنتين على الأقل بعد الولادة القيصرية الحالية.

وحين يكون في سوابق الماخض ولادة بالقيصرية يجب قبل تقرير طريقة الولادة الجديدة النظر في استطباب القيصرية الأولى وهل كان استطباباً جازماًً  ـ كضيق الحوض  ـ وعندها يجب إجراء قيصرية في الحمل الحالي، أو كان استطباباً عارضاً؛ وينظر حينها في الأمور التالية:

أ ـ نوع القيصرية السابقة وهل هي على جسم الرحم أو على قطعتها السفلية؟.

ب ـ ندبة القيصرية الأولى وهل هي جيدة أو لا؟ بالنظر إلى صورة الرحم أو مسحها بالصدى.

ج ـ المجيء وما إذا كان طبيعياً أو لا؟.

د ـ حجم الجنين.

هـ ـ شدة التقلصات.

و ـ حالة الجنين وحالة الماخض العامة.

فإذا كان كل شيء جيداً أمكن إجراء الولادة عن الطريق الطبيعية مع الاحتياطات التالية:

أ ـ إجراء الولادة في المستشفى حتماً وتحت رقابة مستمرة.

ب ـ الانتباه للأعراض المنبئة بحدوث تمزق الرحم.

ج ـ تجهيز غرفة العمليات وفريق العمل لإجراء القيصرية إن حدث ما يضطر إلى إجرائها.

د ـ مراقبة دقات قلب الجنين وتقلصات الرحم.

هـ ـ وجود مختص بمعالجة الولدان للعناية بالوليد فور خروجه أو استخراجه.

ويمكن بهذه الاحتياطات الإقلال كثيراً من القيصريات بعد القيصرية الأولى أو بعد أكثر من قيصرية سابقة.

2 ـ أما محرضات المخاض فشأنها لا يقل خطراً عن شأن الندبات، ولتفادي خطرها يجب اتباع ما يلي:

أ ـ عدم إعطاء محرضات المخاض إلا باستطباب جازم وبمقدار نظامي ومن قبل مختص كفء، ومن المعروف كثرة حدوث تمزقات الرحم وغيرها من المضاعفات حين تعطى هذه المحرضات من قبل القابلات أو الدايات.

ب ـ الانتباه للتشخيص التفريقي بين العطالة الناجمة عن نقص مقوية الرحم والعطالة الثانوية الناجمة عن فرط مقوية الرحم والتي يجب فيها إعطاء المرخيات والمسكنات لا المحرضات.

ج ـ مراقبة الماخض حين إعطاء المحرض مراقبة جدية  ـ ويستحسن أن يكون ذلك في المستشفى  ـ فلا تترك ولو فترة بسيطة من دون ملاحظة شدة التقلصات ومدتها والفواصل بينها وإصغاء دقات قلب الجنين والانتباه لحالة الماخض العامة.

د ـ الاستعداد التام لإجراء كل مداخلة يمكن أن يتطلبها تغير سير المخاض أو ظهور أعراض في الجنين أو في الماخض.

إذا اتخذت هذه الاحتياطات أمكن استعمال محرضات المخاض حتى في الأرحام التي تحمل ندبة من قيصرية أو من مداخلة سابقة.

شارك المقالة:
538 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook