الرقصات والأهازيج الشائعة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الرقصات والأهازيج الشائعة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الرقصات والأهازيج الشائعة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
توارث أهالي منطقة الحدود الشمالية عددًا من الرقصات والأهازيج التي أَلِفَ الهواة ممارستها في مناسبات مختلفة، منها: الأفراح، والأعياد، والاحتفالات الأخرى:
 
الرقص والغناء
 
ظروف منطقة الحدود الشمالية المناخية الحارة صيفًا، والباردة جدًا في الشتاء، ومكابدة أهلها الحياة في أعمالهم ومشقتها، هذا كله لم يمنعهم أن يطربوا، ويلعبوا، ويغنوا، ويستمتعوا بأوقاتهم وأسمارهم هازجين بألوان كثيرة من الغناء والطرب، فكان لكل عمل غناؤه، كما استعملوا عددًا من أدوات الطرب منها: الربابة  ؛ وهي آلة وترية محلية الصنع ذات وتر واحد، يجر عازف الربابة القوس على الوتر باليد اليمنى، في حين تلعب أصابع العازف باليد اليسرى على الوتر فيتحكم بتلك الحركات المتوافقة في إصدار النغم (اللحن) الذي يريده، وتتغير الأنغام حسب تحريك الأصابع وجر القوس، وقد عرفت الربابة قديمًا، واعتاد سمار المنطقة تأمل العازف وسماع أغانيه التي يعرفونها وقد يطلبون منه ترديد بعضها دون الآخر، وقد يغني عدد من الشباب مجتمعين، أو في شكل متناوب بين فريقين وكذلك يدخل في استخدامها غناء الحرب، والأخذ بالثأر. ويُقال: إن أفضل ربابة هي التي تصنع من جلد الذئب  
 
ويُسمَّى أداء الربابة (الجرة) ومعناها جر القوس على الوتر، أما جرّات الربابة وألحانها فهي متعددة ومنها:
 
أ - الجرة الشرقية:
 
ومن النماذج الشعرية لهذه الجرة قول الشاعر الظلماوي:
 
 
يـا  كـليب شـبّ النار يا كليب شبّه     عليـك شـبّه والحـطب لـك يجابي
وعَلَـيّ  أنـا  يـا كـليب هيله وحبَّه     وعليــك  تقليـط الـدلال العـذابي
شـرقيةٍ  يـا كـليب صلـفٍ مهبَّـه     ريحـةٍ  نسـمها  تقـول سـمّ دابـي
جرة نمر بن عدوان:
وهي قريبة من الجرة الشرقية مثل قوله:
 
أعـول عـويل الـذيب ليـل ونهارا     واحنّ حـنّ الجـيد ثـاوٍ علـى الدار
علــى حـبيبٍ بـالتراريب تـوارا     خــلان  مشـتاقٍ  وحـيدٍ ومحتـار
ويقول أيضًا:
 
ولـي  ونـةٍ مـن سـمعها مـا يناما     كنّي صـويب بيـن الاضلاع مطعون  
 
ب - العرضة:
 
وهي رقصة شهيرة مفضلة لدى أبناء المنطقة، وهي الرقصة الرسمية في الاحتفالات والمناسبات، أو عند الاستعداد للحرب، أو بعد عودة المحاربين من الحرب منتصرين؛ إذ هي رقصة حربية أصلاً، والقصائد التي تُنشد في العرضة وطنية حماسية، وقد تُقال قصائد خاصة بمناسبة عرس عزيز، أو ترحابًا بزائر كبير. وتؤدى هذه الرقصة ليلاً ونهارًا فيطرب لها المشترك والسامع.
 
ومن النماذج الشعرية المستخدمة في فن العرضة:
 
يـا اللـه يـا المعبود يا الرب الكريم     يا بحالها منزل الماء من صدوق خيالها
إنـك  تعيـن اللابـة اللـي تسـتقيم     عنـد اللقــى ومصادمــة عيالهـا
ربعـي اهـل العـادات والفعل القديم     لا  كـبرت القالـة تحـل اشـكالها  
 
ج - السامري:
 
تعتمد هذه الرقصة على الشباب، حيث يجلس الراقصون في صفين متقابلين، وأحدهما يحمل الدفوف المهدبة، وقد يأخذ الشباب الحماس مع الغناء وضرب الدفوف فيضربون الأرض بأقدامهم وركبهم، ويقفزون وهم جلوس. ومن النماذج الشعرية المستخدمة في السامري:
 
يــا  اللــه اليــوم يــا رواف     يابــــا الفـــراج عـــاونِّي
خــوّفوني  وأنــا مــا خــاف     واحســـب الضلـــع يــزبِّني
قلــت يــا راعــي المــيلاف     مــا  تشــوف الجــمل حــنّي
كما يوجد أيضًا من النماذج الشعرية:
 
حـبِّي  لهـا ليـل وانـا فيـه منجوم     أمشــي جـنوب ونيتـي للشـمالي
حـبِّي  لهـا جـيش من اعداه مهزوم     أخـلى  المـواقع وانسـحب بعتجالي
حـبِّي لهـا طـير تقيَّـد عـن الحوم     يبـي  المطـير ولا حصَّلـه مجـالي
 
د - الهجيني: 
 
نوع من الأهازيج يمكن أن يغنيه شخص أو اثنان أو أربعة (اثنين اثنين)، يرددونها على ظهور الهجن، كما يسلي به الرعاة أنفسهم وإبلهم وهم يمشون، ويغني أحدهم في رأس مرقاب (جبل أو تل)، أو أرض مرتفعة واصفًا نفسه بقوله:
 
نطِّيـــت انــا راس ميقــوعي     مــن  عـرض مـن نـط وارقبـه
ســيلت انــا الطعس بدمــوعي     مثـــل المـــزاريب منكبـــه
ان  جــض قلبـي مـن ضلـوعي     والقلـــب  نبـــض وشــطّبه
يلـــي تريـــدون منفـــوعي     حـطُّو  علـى القلـب لـه ضبـه  
والهجيني لحن معروف عن رعاة الإبل، يُجر على الربابة، ويُمارَس في شكل فردي أو جماعي؛ للترويح عن النفس، ومن نماذجه قول الشاعر:
 
يـا اهـل الهـوى مـا بقى بي روح     واشــوف  انـا الشـوق مرتـاحي
يــا زيـن حـبّك يجوحـن جـوح     جـــوح  المــوت للارواحــي
اللـــي  ذبحــني بلا مصلــوح     عســـى  الغنـــادير للمــاحي
وقال آخر:
 
طلعــت انــا مــرقبٍ عــالي     مـن  ضيقـة الصـدر يـا مفضِّـي
ربــي بلانــي بعـريض اكتـاف     والــزين  مــا دبَّــره حــظي
 
هـ - الحداء:
 
نوع من الغناء اعتاده أهل الخيل في أثناء هذبها، ولهذا النوع من الأغاني ألحانه التي تميزه، ومن نماذجه الشعرية قول الشاعر:
 
يـــا يمَّــة هــذي مهــيرتي     تســــلم  وانــــا خيالهـــا
لاشــري لهــا شــف حــرير     ريش  النعـــــام قذيلهـــــا
يــا  شــيخ مــا جـنَّك علـوم     عــن عركــة ٍصــارت شـمال
نعلقـــت  فـــوق الضحـــى     ومـــا فكهــا كــود الــظلام
وقال الشاعر:
 
يـــا  العنبــو مــرة الــذليل     وشـــوله  تكحِّـــل عينهـــا
لا  عــاد مــا يــروي السـليل     لا واحاســـــيف زينهـــــا  
و - السني:
تساعد على طرد النعاس والتعب، يغنيها الرجال في السَّنِي، منها الرجز، وبأكثر من لحن، وهي في مجملها أغانٍ خفيفة.
 
ز - الدحية (الدحة): 
 
فن شعبي متوارث عند بعض قبائل الشمال دون غيرهم، خصوصًا عند قبائل عنـزة، والرولة، والشرارات، وهي فن من فنون الحرب، يرددونها عند الرجوع من الغزو فيطربون بها، وقد فقد هذا الفن ظروفه ومناسبته الماضية فأصبح الآن من فنون السلم، وبعد استتباب الأمن في البلاد بدأت تُمارَس في الأفراح.
 
وعند أداء الدحة يصطف الرجال بعضهم إلى جوار بعض صفًا واحدًا، وتبدأ بقصيدة شعرية خاصة بالدحة، وأحيانًا تكون هناك محاورة شعرية، ويفصل بين ترديدهم الشعر قول المجموعة:
 
هلا هلا بـــــه يـــــا هلا     لا يـــا حـــليفي يــا ولــد
ثم يردد الدحاحون: (اردحية.. اردحية) بأصوات متداخلة، وبحماس يأخذ في الازدياد مع تصفيق الأيدي، في حين ترتفع الأصوات شيئًا فشيئًا في انسجام تام، وهم يومئون برؤوسهم يمينًا وشمالاً  . 
ح - غناء النساء:
 
اعتاد النساء من أهالي المنطقة الغناء في المناسبات مثل الأعياد والأعراس في المنازل، ويعتمد رقص النساء على التمايل بشعرهن، وتحريك الرأس بشكل إيقاعي مع الدف يمينًا ويسارًا، وإلى الأمام والخلف، مع أغانٍ خفيفة تؤدى في وصف الجمال ومفاتن المرأة للجمال، أو مدحًا لأسرتي العروسين إن كانت المناسبة عرسًا. وتكون أغاني النساء وقت السقاية أو التعشيب (السَّنِي أو عند حش الأعشاب) أو أثناء الطحن على الرحى مرتفعة في شكل دندنة بصوت خفيض.
 
كما كانت الأمهات يغنين للصغار وفق طرق معينة، وبألحان معروفة ومتوارثة، ومن هذه الأغاني:
 
 اللي يبي نورة / يرقا على ابوها في رأس مقصورة / واحد يحسب الدندن / وأحد يحاكي ابوها.
 
 يا سارة بنت ابوها وخطبوها / واحد يحسب الدندن / واحد يحاكي ابوها.
 
 هلا ومهلى / والشر عنا يولى.
 
 جعل عيونه ما تعما / ولا يطبخ لها الما.
 
 يا ربنا يا الجيد / عطنا المطر ونعيد.
 
ومن أغاني الأطفال أيضًا هذا اللون الذي يُقال للصغير في أثناء تدريبه على المشي، إذ توقفه الأم على بُعد منها بعض الشيء في حدود متر تقريبًا، وتناديه بإيماءة من يديها قائلة:
 
 هدا هدا / ولده عدا / كل الفدا.
 
ومنها ما كانت الأم تؤديه لتنويم ابنها:
 
 يال النوم دوخ دوخ / في راس محمد نوخ.
 
 يا وليدي نام نام / واذبح لك جوز الحمام.
 
 خلو وليدي عندي / يسوا الحسا والهندي  . 
 
وفي أثناء هذه الأغاني تهز الأم صغيرها حتى ينام.
 
مظاهر الثبات والتغير
 
كثير من الرقصات والأهازيج الشعبية لا يزال مستمرًا في المملكة، إذ أصبحت تلك الرقصات والأهازيج تراثًا يتناقله الآباء عن الأجداد، ويحرص الناس على المحافظة عليها، فنجد الرقصة الرسمية (العرضة) تُقام في المناسبات، أيضًا يحتل السامري وشعر الرد مكانًا كبيرًا في نشاط الشباب والشيوخ في أسمار التسلية والمرح، أما عادة الغناء في وقت البناء، وعند الحروب، أو العودة منها، والهجيني، فقد اختفت، ولم تعد تمارس بشكل واضح الآن.
 
ولعل فرق التراث الشعبي في المنطقة تقوم بدور متميز في المحافظة على الفنون الشعبية ونقلها إلى الأجيال القادمة، ويتمثل ذلك في عدد من المناسبات الرسمية التي من أهمها الأعياد، إضافة إلى المشاركة في المهرجانات، مثل: مهرجان الجنادرية، إذ تظهر الرقصات الخاصة بالمنطقة بصورة أكثر وضوحًا وتحمل أساليبها وأجواءها القديمة حتى لا يطمسها الغزو الثقافي القادم عبر الفضائيات بأغانٍ ورقصات لا تحمل شيئًا من أجواء المنطقة القديمة الحميمة.
 
شارك المقالة:
583 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook