السيّدة عائشة هي الصدّيقة بنت الصدّيق سيّدنا أبي بكر رضي الله عنه، والزّوجة الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم الذي تزوجها بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، كانت بنت ست سنوات عند زواجها، وبنت تسع سنوات عندما بنى بها عليه الصلاة والسلام، وهي الوحيدة من زوجاته عليه الصلاة والسلام التي كانت بِكراً عند زواجها منه. كان يحبّها حبّاً جمّاً، وعندما سئل عن أحبّ الناس إليه قال: عائشة، ولمّا سئل عن أحبّهم إليه من الرجال قال: أبوها.
كانت السيدة عائشة رضي الله عنها كثيرة الصيام، وصامت حتى ضَعُفَ جسدها، كما كانت غايةً في الزهد والورع في الدنيا، كثيرة التّصدّق على الفقراء والمساكين لدرجة أنها لا تُبقي شيئاً لبيت النبوة، يُروى أن ابن الزبير أرسل لها يوماً مئةَ ألف درهم، فوزّعتها جميعها على الفقراء، حتّى جاء المساء وطلبت من جاريتها أن تحضر لها فطورها، فقالت لها: أما استطعتِ أن تشتري لنا لحماً بدرهم؟ فقالت رضي الله عنها: لا تًعَنِّفيني، لو أذْكَرْتِني لفعلتُ.
كانت أمّ المؤمنين رضي الله عنها ذكيةً فطنةً، فصيحةً عاقلةً، أفقهَ النساء على الإطلاق، عالمةً بالفقه والطب والشعر، وكان كبار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يرجعون إليها في المسائل الفقهية يستفتونها ويجدون عندها العلم بها. كانت أحفظَ الناس للحديث الشريف، وقد روت عن زوجها النبي صلى الله عليه وسلم الكثير الطيّب. روى عنها الحديث عدد من الصحابة والتابعين.
تعرّضت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى امتحان عظيم وبلاء شديد، حيث اتُّهِمت في عِرضها وشرفها، بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم عائداً من إحدى غزواته وهي معه، وتأخرت عن الرّكب لأنها أرادت البحث عن عقدها الذي أضاعته، وعندما عادت إلى مكانها وجدتهم قد ذهبوا اعتقاداً منهم أنها في الهودج، فرجعت إلى مكانها الذي كانت فيه ليعودوا إليها ويأخذوها فغلبتها عينها فنامت، ثمّ وجدها صفوان بن المعطل حيث كان وراء الجيش وأفاقت على استرجاعه، فما تكلّم معها كلمة، وأناخ لها البعير وركبت عليه ولحقوا بالركب.
انتشرت بعد ذلك إشاعة الإفك التي لم تكن تدري بها في البداية وقد كانت مريضة، وعندما علمت بذلك ازداد مرضها، إلى أن أنزل الله سبحانه وتعالى براءتها من فوق سبع سماوات في آياتٍ تُتلى على مَرّ الزمان، فهي الطاهرة المطهرة العفيفة، زوجة خير الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والتسليم.
موسوعة موضوع