الطيور في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الطيور في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية

الطيور في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية.

.
ارتبط أهالي الجوف منذ القدم بالصحراء وما بها من أحياء فطرية وخصوصًا الطيور؛ ففي موسم الهجرة الخريفية تجدهم يخرجون إلى منطقة الحماد والبسيطة للإمساك بالصقور، ولقنص طائر الحبارى والكروان في موسم الشتاء، كما عرف أهالي المنطقة بمحبتهم لتربية الطيور، وقد ذكر فيلبي (Philpy) الذي زار المنطقة في الربع الأول من القرن الماضي أن النعام العربي كان يربى في منطقة دومة الجندل  ،  ويعد فيلبي من أوائل من كتبوا عن الطيور في منطقة الجوف؛ حيث نشر مقالة في مجلة جغرافية بعنوان (الجوف والصحراء شمال الجزيرة العربية) عام 1341هـ / 1923م، ومن أهم ما ورد في هذه المقالة مشاهدته لأثر النعام العربي بوادي السرحان، وهو من الأودية الكبيرة بمنطقة الجوف.
 
وممن كتبوا عن الطيور في المنطقة ماينرزهاجن (Meinertzhagen) خلال كتابه (طيور الجزيرة العربية) المنشور عام1373هـ / 1954م  ،  أما أول دراسة متخصصة منشورة عن طيور المنطقة فهي الدراسة التي قام بها آرثر كرين (Arthur Green) بين عامي 1403 و 1404هـ / 1983 و 1984م، نشرت عام 1404هـ / 1984م  ،  وقد أعطى قائمة بالطيور في منطقة الجوف ووضعها. ومن أهم الدراسات في المنطقة هي الدراسات التي قامت بها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها عن طيور الحبارى، والطيور الأخرى المعششة في المنطقة، وقد سجلت خلالها أنواع جديدة لم تسجل من قبل في المنطقة مثل: الشبوط الصغير، والعقاب الذهبي. كذلك الدراسة التي قام بها مايكل جينينجز (Michael Jennings) عن الطيور المعششة في الجزيرة العربية، وقد قامت الهيئة بنشرها عام 1416هـ / 1995م  .  ومن الدراسات التي استعرضت الصقارة في المنطقة دراسة (الرشيدي 2005) على طيور القنص في المملكة، وقد ركزت على أنواع صقور الصيد بمنطقة الحماد والبسيطة  
 
يوجد في الجوف منطقتان مهمتان للطيور هما: محمية حرة الحرة، ومنطقة بحيرة دومة الجندل، وذلك حسب التصنيف العالمي للمجلس العالمي لحياة الطيور.
 
محمية حرة الحرة: (وهي إحدى محميات الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها) تمتاز بتنوع كبير لطيور القبرات (القنابر) المتكاثرة على مستوى العالم؛ فقد سجل فيها أحد عشر نوعًا من هذه الطيور. وهناك أنواع أخرى لها أهمية إقليمية مثل: العقاب الذهبي، والباز طويل الساق، والعوسق الصغير الذي يعد أحد الأنواع المهددة بالانقراض على مستوى العالم حسب القائمة للأنواع المهددة بالانقراض في العالم، تلك القائمة المعدة من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور، كما توجد أنواع مهاجرة مهمة على المستويين العالمي والمحلي مثل: الصقر الحر، والشاهين البحري. وتعد محمية حرة الحرة آخر الملاذات لطيور الحبارى المعششة في المملكة العربية السعودية، حيث اختفت من معظم مناطق تكاثرها في المملكة بسبب الصيد الجائر.
 
أما المنطقة الثانية: وهي المنطقة الرطبة بحيرة دومة الجندل التي تتجمع فيها الأمطار خلال موسم الأمطار، وقد سجل فيها خلال أحد المسوحات في بداية التسعينيات من القرن الماضي أكثر من 10.000 طائر خلال فصل الشتاء، منها 2294 من الطيور المائية. وهذه المنطقة عرفت بأول تسجيل للبط أبيض الرأس في المملكة، وهو من الطيور المهددة بالانقراض على مستوى العالم حسب التصنيف للمجلس العالمي لحياة الطيور. ويرجع سبب تدهور أعداد هذا النوع من البط إلى الصيد الجائر، وكذلك إدخال نوع من البط يسمى (بط أبو فروة) (Tadorna ferruginea) الذي جلب من العالم الجديد (الأمريكيتين) الذي لم ينافسه على الغذاء فقط، بل بدأت ذكور الأنواع الدخيلة بالتزاوج مع إناث البط أبيض الرأس؛ ما أثّر في صفاته الوراثية.
 
من المخاطر الأخرى التي تواجه الطيور في منطقة الجوف بعد الصيد تدهور المَواطن، وذلك بسبب الرعي الجائر، وتحويل مناطق برية كثيرة إلى مناطق زراعية، وكذلك تأثرها بالاستخدام غير المرشد للمياه الجوفية والسطحية؛ ما أدى إلى اختفاء مناطق مهمة للطيور.
 
البيئات المختلفة المهمة للطيور:
 
يمكن تقسيم البيئات المهمة للطيور في منطقة الجوف إلى ستة مواطن هي: بيئة الكثبان الرملية، البيئة الحجرية الرملية، وبيئة الصخور البازلتية (منطقة حرة)، وبيئة المنطقة المفتوحة ذات الصخور الجيرية، وبيئة المزارع والقرى، وأخيرًا بيئة المستنقعات والبحيرات والسبخات. وفيما يتعلق ببيئة الكثبان الرملية فهي تتمثل بصحراء النفود التي تقع في الجزء الجنوبي من منطقة الجوف، وتمتاز بغطائها النباتي القليل المكون من الحشائش مثل: الثمام، والرمث. ومن أهم الطيور المميزة لهذه المنطقة: القبرة الهدهدية المعروفة بـ (أم سالم)  ، والصُّرَد الرمادي الكبير. أما البيئة الحجرية الرملية؛ فهي تتمثل بمنطقة الطويل التي تقع في الجزء الشمالي الغربي من صحراء النفود، وهذه المنطقة يتخللها عدد من الأودية، وكذلك المرتفعات الجبلية وتمتاز بغطائها النباتي الكثيف. ومن أهم الطيور المميزة لهذه البيئة: العوسق، والعوسق الصغير، والحمام الصخري، وعدد من طيور القبرات، والأبالق. أما البيئة البازلتية التي تغطي الجزء الشمالي من منطقة الجوف؛ فتمتاز بأنها منطقة مفتوحة وذات حصى بركاني، وغطاؤها النباتي يخلو من الأشجار، ومن معظم الأنواع النباتية الحولية. ومن الطيور التي تميز هذه البيئة: القبرة الصحراوية، والقبرة القرناء، والقبرة المتوجة المعروفة عند أهل المنطقة بـ (القوبعة)، ومن أهم الطيور التي سجلت فيها: الحجل، والحجل الرملي، والأخير ربما اختفى من المنطقة بسبب الصيد الجائر، ومن الطيور الأخرى المهمة التي سجل تعشيشها في السنوات الأخيرة العوسق الصغير المهدد عالميًا بالانقراض، كما تعرف هذه المنطقة بأنها المنطقة الوحيدة المتبقية على مستوى المملكة التي تتكاثر فيها طيور الحبارى، كما يصلها خلال موسم الهجرة عدد من الطيور المهاجرة مثل الكروان الصخري.
 
أما المنطقة المفتوحة من الصخور الجيرية فتقع في شمال شرق منطقة الجوف وإلى الشرق من منطقة الحرة، وتمثلها منطقة الحماد والأودية، ومنطقة اللبة التي تقع بين منطقة الأودية والنفود. وتمتاز هذه المنطقة بالأودية ذات الغطاء النباتي الجيد، ويفصلها عن النفود منطقة هضاب تعرف بـ (القارا)، وتمتاز بالطيور المهاجرة مثل: الحبارى، والصقر الحر اللذين يصلان إليها خلال مواسم الهجرة الخريفية.
 
وفيما يتعلق بالبيئات الزراعية والقرى التي تتركز في الجوبا بالقرب من سكاكا ووادي السرحان وطبرجل، فمن أهم المحصولات التي تزرع فيها البرسيم والقمح، وهذه البيئة مهمة للطيور المهاجرة سواء الزائرة الشتوية التي تقضي الشتاء في المنطقة مثل: الصرد المقنع، وصائد الذباب المنقط، أو الطيور العابرة التي تستخدم المنطقة للراحة، مثل طائر الصفري، كما تستخدم بيئة المسطحات المائية والمستنقعات، وتصل أحيانًا لعدد من الكيلومترات. وقد سجل في هذه المنطقة أكثر من ثمانين نوعًا من الطيور المائية خلال موسم الهجرة، ومن أهمها وأشهرها البط أبيض الرأس، وهو من الطيور المهددة بالانقراض عالميًا، وقد سجل في بداية الثمانينيات من القرن الماضي. ومن الطيور الأخرى التي سجلت في هذه المنطقة طيور البجع الأبيض، واللقلق الأبيض وصائد السمك الأبقع، وهناك منطقة السبخات التي تعرف بـ (القيعان)، وهي مناطق تتجمع فيها مياه الأمطار.
 
أهم الطيور في منطقة الجوف:
 
على الرغم من أن منطقة الجوف تعد منطقة عبور كثير من الطيور المهاجرة من وسط آسيا وشرقها إلا أنه لم يسجل إلا 170 نوعًا منها، ومن أهم الطيور التي سجلت في المنطقة طائر الرهو والبجع  ،  ويمكن تقسيم الطيور في المنطقة إلى مقيمة معششة، ومهاجرة، والقليل من الطيور المهاجرة تبقى في المنطقة لتقضي الشتاء، فمعظمها يستخدم المنطقة بصفتها منطقة عبور، مثل: عقاب السهول، والصقر الحر، والرهو، وعدد من الطيور المائية.
 
شارك المقالة:
190 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook