المؤسسات الثقافية الحديثة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.
إن التقدم الذي تشهده الحركة الثقافية في منطقة الباحة مرده إلى التطور والازدهار اللذين شهدتهما المنطقة في شتى مجالات الحياة في العهد السعودي الزاهر. فقد أنشئت في المنطقة مجموعة من المؤسسات الحكومية والأهلية تضافرت جهودها بنسب مختلفة في إذكاء الحراك الثقافي في المنطقة، وحولت الشأن الثقافي من همٍّ وجهد فردي إلى همٍّ وجهد مؤسساتي، وقد نتج عن ذلك ظهور مجموعة من الأدباء والمثقفين الذين تفخر بهم المنطقة ويفخر بهم كذلك الوطن. ونشير هنا إلى أهم هذه المؤسسات التي أسهمت في بناء الحركة الثقافية في المنطقة، ومقدار إسهام كل واحدة منها:
أ - مكتب رعاية الشباب:
كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وقت قريب هي الجهة الرسمية المسؤولة عن أمور الثقافة والفن والإبداع في بلادنا ، وقد انتشرت مكاتبها في مناطق عديدة من المملكة لتؤدي دورها الرائد في هذا المجال. وتعود بداية أعمال رعاية الشباب بمنطقة الباحة إلى عام 1395هـ/1975م، عندما تقدم عدد من شباب قرية رغدان بطلب تأسيس نادٍ رياضي لهم في القرية، وبعد دراسة الطلب وافقت الرئاسة على إنشاء هذا النادي وتم الترخيص له باسم نادي السراة، وأوكل الإشراف عليه إلى مكتب رعاية الشباب بالطائف عام 1396هـ/1976م، ثم رخص بعد ذلك لإنشاء ناديين آخرين بالمنطقة.
وفي عام 1402هـ/1982م افتتح مكتب رئيس لرعاية الشباب في منطقة الباحة، وبدأ بالإشراف على الأندية الثلاثة بالمنطقة: نادي السراة بالباحة، ونادي الحجاز ببلجرشي، ونادي العميد بالأطاولة، ثم ضم إليه نادي التسامح بالقنفذة. ويشرف المكتب كذلك على بيت الشباب بالباحة وعلى المركز الرياضي أو (مدينة الملك سعود الرياضية بالباحة) التي يتخذها - أيضًا - مقرًا له، وكان أول مدير للمكتب هو الأستاذ سعيد بن علي جمعان الغامدي، وبعد تكليفه بإدارة المكتب الرئيس لرعاية الشباب بالمنطقة الغربية عام 1408هـ/1988م، تسلم إدارة المكتب الأستاذ عبدالله بن محمد ملة، الذي تولى إدارة المكتب بعد وفاته عام 1417هـ/1996م، الأستاذ جمعان بن عبدالرحمن الغامدي.
وينفذ المكتب الخطط والبرامج المعتمدة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب في المنطقة ويقيّمها بعد التنفيذ ويرفع نتائج هذا التقييم إلى الرئاسة، كما يشارك المكتب بفاعلية في بعض الأعمال التي تقوم بها الإدارات والمصالح الحكومية، وقد أدى - المكتب - دورًا رئيسًا في السعي لتخصيص أرض للمرافق الرياضية على طريق العقيق حيث أنشئت مدينة الملك سعود الرياضية. ولم تقتصر جهوده على النشاط الرياضي فحسب، بل شملت المجالات الثقافية والاجتماعية، إضافة إلى الإسهام في تشجيع السياحة الداخلية نظرًا لما تتمتع به المنطقة من مقومات سياحية جيدة جذبت إليها عددًا من السياح وبخاصة الشباب، فكان لا بد من إنشاء بيت للشباب، يقيمون فيه بأسعار رمزية، ويساعدهم على تلبية احتياجاتهم الشبابية
ولعل برنامج الأسبوع الثقافي الذي أقامه المكتب في الفترة من 11 - 16/6/1424هـ الموافق 2003م، يمثل نموذجًا لطبيعة البرامج الثقافية التي يقوم بها (انظر الملحق 2).
ب - بيت الشباب:
افتتح بيت الشباب في منطقة الباحة عام 1402هـ/1982م بسعة 60 سريرًا، وكان مبناه أول الأمر مستأجرًا، ثم انتقل إلى مدينة الملك سعود الرياضية فيما بعد. وللبيت أنشطة متنوعة، فبالإضافة إلى أنشطته في المجالات الرياضية والاجتماعية، له مشاركات فاعلة في المجالات الثقافية، إذ يقيم المحاضرات والمسابقات المتنوعة وصحف الحائط والمعارض الفنية، وتوجد به مكتبة وصالة للاطلاع.
يشارك البيت في برامج التنشيط السياحي بالمنطقة في كل عام، وكذلك في أسابيع الخدمة العامة وبرامج الهيئة العليا للسياحة، ويشارك كذلك في المسابقة الثقافية السنوية على كأس صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - وفي الاجتماع السنوي لمديري بيوت الشباب بالمملكة. ويشارك أيضًا في المسابقة السنوية للأبحاث الاجتماعية وكذلك في المعرض الفني السنوي. كما يستضيف البيت - سنويًا - عددًا من الوفود الخليجية والمحلية، ويشارك في معسكر خدمة الحج بمنى والمعسكرات الكشفية، ومهرجان الرياضة للجميع، والرحلات المركزية التي تعقدها إدارة الأنشطة الاجتماعية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، ومن الأعمال التي يقوم بها البيت، استقبال الرحالة السعوديين والعرب، وضيوف إمارة الباحة، والمشاركة في الرحلات الخارجية ومعسكرات العمل الخليجية، والأسبوع الإعلامي لبيوت الشباب، واليوم العربي لبيوت الشباب. كما ينظم بيت الشباب في الباحة، سنويًا، دورة الصداقة على كأس البيت التي تجمع عددًا من قرى المنطقة
ج - الأندية الرياضية وأنشطتها الثقافية:
أدت الأندية الرياضية الثلاثة التي أنشئت في منطقة الباحة دورًا مهمًا في إثراء الحركة الثقافية بالمنطقة. فعلى الرغم من الطبيعة الرياضية المسيطرة على هذه الأندية، إلا أنها قامت بوظيفة ثقافية مهمة خصوصًا في الفترة التي سبقت افتتاح فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة ونادي الباحة الأدبي، فقد كانت هذه الأندية منارات تنبثق منها أنوار الأدب والفن والثقافة. وفيما يلي تعريف موجز بهذه الأندية مع التركيز على بعض الأنشطة الثقافية التي كانت (ولا تزال) تقوم بها.
1 - نادي السراة:
هو عميد الأندية الرياضية في المنطقة، افتتح رسميًا عام 1396هـ/1976م في قرية رغدان في منطقة الباحة، وإن كانت فكرة إنشائه عند أبناء هذه القرية تسبق هذا التاريخ. وشكل له آنذاك، أول مجلس إدارة، بدأ مسيرته في ممارسة مختلف الأنشطة التابعة للرئاسة العامة للشباب تحت إشراف مكتب رعاية الشباب بالطائف في بداية الأمر، ثم أصبح في عام 1402هـ/1982م تحت إشراف مكتب رعاية الشباب بالمنطقة. وقد تعاقب على إدارته عدد من مجالس الإدارة الرائدة في الحقل الثقافي، وشارك النادي بفاعلية ملموسة في الحركة الثقافية بالمنطقة من خلال إقامته الأنشطة الثقافية والاجتماعية المتنوعة وفيما يأتي تلخيص موجز بأهم هذه الأنشطة:
افتتح مكتبته لرواده وحرص على إثرائها باستمرار.
أقام لقاءً أسبوعيًا عُرف "بإثنينية السراة" تم خلاله دعوة مجموعة من العلماء والأدباء والمثقفين وكبار المسؤولين لإلقاء المحاضرات العلمية والثقافية والفنية.
شارك النادي في معرض المقتنيات العاشر للفنون التشكيلية، ومسابقتي المقال والقصة القصيرة وغيرها من المسابقات الثقافية الأخرى في مجال المقال والشعر.
أصدر المطبوعات والنشرات والكتيبات والمطويات والصحف الحائطية في مناسبات مختلفة، مثل الكتيب الذي أصدره بعنوان "أضواء على نادي السراة".
أقام الأمسيات الشعرية الفصيحة والشعبية للشعراء في المنطقة، وكذلك الأمسيات القصصية التي يدين لها بعض كتاب القصة في المنطقة بالفضل.
أقام العروض المسرحية والحفلات الشعبية، ومن المسرحيات التي قام النادي بعرضها أكثر من مرة مسرحية "الدمار" من إعداد الأستاذ/محمد ربيع الغامدي وإخراجه.
عقد الدورات المتنوعة في اللغة الإنكليزية والحاسب الآلي وتحسين الخطوط.
شارك في برامج الصيف المتنوعة، وأقام حفلاً سنويًا.
أقام معارض للتراث الشعبي والموروثات القديمة في مقر النادي نفسه وفي أمكنة أخرى .
2 - نادي الحجاز:
تعود فكرة إنشاء هذا النادي في مدينة بلجرشي إلى العام 1386هـ/1966م، ولكن الترخيص بإنشائه رسميًا صدر عام 1400هـ/1980م. وكان يتبع أول الأمر مكتب رعاية الشباب بالطائف، وقد تعاقب على إدارته عدد من المجالس. ويقوم النشاط الثقافي في هذا النادي على ركيزة أساسية تتلخص في إيمان أعضاء النادي بأهمية الأنشطة الثقافية والاجتماعية إيمانهم بأهمية الأنشطة الرياضية. ومن أهم الأنشطة الثقافية التي يقوم بها النادي:
الحرص المستمر على إثراء المكتبة التي يمتلكها النادي.
تنظيم المحاضرات والندوات في مختلف المناسبات، وإقامة الحفلات الثقافية.
الاشتراك في المسابقات الثقافية التي تقترحها الرئاسة، وتنظيم مسابقة سنوية في النادي لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده.
إصدار النشرات والكتيبات والمطبوعات المختلفة في المناسبات المتعددة.
تنمية المواهب الفنية وصقلها.
تنظيم الرحلات الثقافية لزيارة الأمكنة المهمة في المملكة .
3 - نادي العميد:
تأسس هذا النادي رسميًا عام 1400هـ/1980م في زهران، على الرغم من أن النشأة الحقيقية له تسبق هذا التاريخ. ويقع النادي في مدينة الأطاولة ببلاد زهران وله إسهامات جيدة في الحركة الثقافية بمنطقة الباحة نوجزها فيما يأتي:
المشاركة في مسابقة الفنون الشعبية على مستوى المملكة ومنها مشاركته في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وخارجها مثل مشاركته في المهرجان الخامس للفنون الشعبية بدمشق عام 1401هـ/1981م.
تنظيم المعارض التشكيلية.
إنشاء مكتبة لرواده وتنميتها باستمرار.
إقامة العروض والمهرجانات المسرحية على خشبة المسرح الثابت الذي يمتلكه النادي، وكذلك خارج المنطقة كمشاركته في مهرجان مسرح الطفل على مستوى المملكة عام 1401هـ/1981م.
المشاركة - باستمرار - في برنامج التنشيط السياحي السنوي بالمنطقة