المسلمون والحج في الأزمات

الكاتب: المدير -
المسلمون والحج في الأزمات
"المسلمون والحج في الأزمات




ما معنى أن يتكاثر الحجاجُ في هذه الأيام العصيبة التي يتعرض فيها المسلمون لأشد النكبات؟!

 

معناه أن المسلمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون، يُهْرَعُون إلى مكمنِ قوتهم، ويتذكرون ... يتذكرون أن مكة المكرمة هي قلب العالم الإسلامي، ورمز وحدته وقوته وتجمُّعِه، ويتذكرون أن اجتماعهم فيها ينبغي أن يقوِّيَ فيهم روابط الأخوَّة، وأواصر المحبة والتعاون والتناصر، ليتجاوزوا كل العقبات أمامهم، ويبدؤوا عهدًا جديدًا من النصر والغَلَبة والظَّفَر، وقيادة العالم وهدايته، ويتذكرون كذلك أنه من المدينة المنورة - مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مَأرِزِ الإيمان، وملاذه وحِماه - انطلقت دولةُ العقيدة والفكرة، دولة العدل والنور، دولة الهداية والفضيلة، دولة الشهادة على الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

انطلقت هذه الدولة من بين جاهلية عاتية، مظلمة متخلفة، وتحديات كبيرة ضخمة، وأعداء في غاية القسوة والمكر والحقد، يحيطون بها من كل جانب، كما يحيط بنا الأعداء اليوم من كل جانب، انطلقت شابَّةً جَلْدَةً فتيَّة، شجاعةً طموحةً أبيَّة، يتقدُّ فيها العزم، ويتدفق فيها الرجاء، وتعظُم فيها الهمة، وتستوطن فيها البطولة، ويقوى فيها الأمل أن تقضي على ليل الجاهلية، وتدكُّ عروش الطواغيت المُعادين لدين الله ومنهجه، الصَّادِّين عن دربه، المحاربين مَنْ آمن به، انطلقت كالنسر ينقض، كالليث يتنزَّى، كالسهم يُصْمي، كالعُقاب تدوِّم، فإذا بها في أقلَّ من نصف قرن من الزمان تصل كتائبها المظفرة المنصورة، إلى الصين شرقًا، والأندلس غربًا، وإلى جنوب فرنسا شمالًا، ووسط إفريقيا جنوبًا.

 

المسلمون اليوم يَحدوهم الأمل العريض أن ينطلقوا من غبار التخلف وحواجز الفرقة، وليل الجاهلية، وقسوة التحديات، وينجوا من ذلك كله وما يُشبهه، كما انطلق المسلمون الأوائل ونجوا مما كانوا يواجهون، ويأمُلون أن ينتصروا كما انتصر أسلافهم من قبل، ويبنوا المجتمع المسلم كما بناه أجدادهم، ويقيموا دولة الإسلام كما أقامها الجيل الأول، وهم في أملهم العريض هذا يعرفون أن سرَّ نجاحهم هو في الإيمان؛ لذلك يحمِلهم هذا الإيمان على تصرفات شتى؛ من بينها أن يأتوا إلى الحج، وها هم يأتون، وها هم يتزايدون، ولعل في زيادتهم هذه مؤشرًا لا يخطئ إلى الدرب الذي بدؤوا يسلكون، والنهج الذي أخذوا إليه يفيئون.


"
شارك المقالة:
377 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook