عرف الفنان ماجد العبيد بأعماله التلفزيونية التراثية، والموجهة للأطفال، وعلى الرغم من إقامته في القاهرة، حيث يعمل في السفارة السعودية هناك، ويحضر لشهادة الدكتوراه فإنه ينأى بنفسه عن الأعمال المشتركة مع الممثلين المصريين، ويرى أن اللهجة تنمو مع الإنسان منذ نعومة أظفاره ولا مجال لتقمصها.

أمر آخر في أعمال ماجد العبيد، فهو يميل إلى ما يسميه بالفن الجاد، وهو تعبير يشير إلى ميله للقيام بأعمال تقترب من المفاهيم القيمية التي يؤمن بها، والعبارة وإن كانت توصيف للفن، إلا أنها أيضاً انعكاس لسيرته الوظيفية الجادة، وسيرته الذاتية الصارمة على أعماله الفنية.

 

آخر أعماله التلفزيونية كان مسلسل «صدق الله العظيم» في جزءه الخامس والأخير، من إخراج هاني إسماعيل و مصطفى الشال.. والمسلسلم كون من ثلاثين حلقة مدة كل منها نصف ساعة كما كان آخر برامجه التلفزيونية برنامج «ضيف على الهوا» الذي يذاع إسبوعياً قبل رمضان على القناة الأولى السعودية.

 

وبرنامج «ضيف على الهوا» توّج الفنان ماجد العبيد مذيعاً مفوهاً يجيد اختيار المحاور والأفكار وإدارة النقاش، واستطاع العبيد أن يكسر رتابة البرامج الحوارية على قلتها في القناة السعودية الأولى، حيث وظّف عنصري الدراما والكوميديا في تلك البرامج. واستعان بالفنان السعودي عبد الله عسيري في تضمين حواراته التي صورت في القاهرة مواقف أشبه ما تكون بقفشات «الكاميرا الخفية» وأمام جمهور الاستيديو وضيوف الحوار يتقمص العسيري شخصية لها علاقة بحلقة الحوار، من حيث المضمون أو من حيث وجوده بين الجمهور، ويضع الضيف أمام المفاجأة، ويدور الحوار في كل حلقة مع ضيف في استديو ممتلئ بالجمهور، وبعد أن يكون الضيف قطع شوطاً من الحديث في موضوع الحلقة يعلن المذيع عن شخصية أخرى تتم استضافتها تطرح الرأي المضاد وتتبنى وجهات النظر السلبية، هذه الشخصية المضادة يؤديها في كل مرة الفنان عبد الله عسيري الذي يتفنن في مجادلة ضيف البرنامج وتجريده أحياناً من آرائه ونظرياته، مما يوقع الضيف في حرج وارباك.

 

والعبيد المسؤول عن اعداد وتقديم هذا البرنامج، يقتحم عالم التمثيل في برامج الحوارات وخاصة تلك التي تنقل على الهواء مباشرة، فالعديد من مقدمي البرامج الاجتماعية الساخنة يلجأون الى الحيلة والتمثيل لإيهام المشاهدين واحياناً الضيوف بجدية الموضوع وشراسة المحتوى، ويذكر المشاهدون هجوم أحد الشبان المصريين في إحدى القنوات على فتاة ومحاولة سكب ماء النار على وجهها، أمام ذهول المشاهدين والضيوف، قبل أن يكتشفوا فيما بعد أنها لم تكن سوى خدعة وتمثيلية لإضفاء قدر من التشويق على البرنامج.. ماجد العبيد استعان بالتمثيل والفكاهة أحياناً ولكنه يبتعد عن تضليل المشاهد عبر كشف شخصيته التمثيلية في نهاية الحلقة، الممثل السعودي خص «الشرق الاوسط» بحديث هذا نصه:

 

 

ـ انتهيت من تنفيذ البرنامج الكرتوني الذي يقدم للأطفال «ماجد وجده عابد» وهو عمل تلفزيوني كرتوني يقع في 22 حلقة تعلم الاطفال السلوك السليم الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

على الصعيد الدرامي.. نحن الآن بصدد التجهيز لعملين تلفزيونيين أولهما «صوت الضمير»، وهو عمل يتناول دور التربية في اعداد الفرد، ويقع في ثلاث عشرة حلقة تلفزيونية، كما نستعد أنا والاستاذ هاني اسماعيل لتقديم سهرة تلفزيونية من قصة توفيق الحكيم وسيناريو وحوار أحمد اسماعيل عنوانها «أريد أن أقتل»، كذلك سنقدم بعض الفواصل الكرتونية والأوبريتات التي لها علاقة بمواقف كوميدية لكي تضيف طابعا جديدا للتلفزيون السعودي ولتمنحه روحا جديدة بعيدة عن الرسمية.

 

* برنامج «على الهوا» فكرة جديدة في التلفزيون السعودي، كسرت رتابة البرامج الحوارية، كيف جاءت فكرة البرنامج؟

 

ـ فكرة البرنامج جاءت نتيجة تطور فكرة برنامج آخر كنت أجهز له من عدة سنوات، والحقيقة أن الاستشارة والأخذ برأي من أثق بهم من الاصدقاء ساهما في تطوير البرنامج، هذا بالاضافة إلى أن وجود الفنان عبد الله عسيري أضاف للبرنامج الكثير. وكان لوجوده دور هام في تحديد الموضوعات أيضاً.. أما أنا فكنت صاحب فكرة أن يدار البرنامج بين رأي ورأي مخالف، ليطلع المشاهد على الأفكار المختلفة ولنحترم الرأي والرأي الآخر عند طرح أي موضوع، وأعتقد أن سرعة بديهة عبد الله عسيري وخفة دمه لهما دور في انجاح البرنامج، بالإضافة إلى وقوف جهات وأفراد متخصصين خلف البرنامج.

 

 

ـ التلفزيون يدعمني كثيرا في الوقت الراهن قدر الاستطاعة، وطارق ريري، وعبد العزيز الهزاع، فهد العنيزان لم يتوانوا في دعمي وتشجيعي كغيري من الجادين، وطبعا كان هذا يتم تحت رعاية وتوجيه ودعم الوزير ومدير عام مكتبه والزملاء في الوزارة.

 

لكني أعتقد أن التلفزيون حين تلقى العمل لم يكن يتوقع له هذا النجاح وكان هناك بعض التخوف من بعض الموضوعات التي طرحت، إضافة إلى أن موعد بث البرنامج في شهر رمضان الماضي ليس مناسبا ولم يخدم البرنامج، لكن إعادة عرضه واستكمال الحلقات التي لم تعرض.. بشكل أسبوعي خدما البرنامج كثيرا خاصة انه يخرج عن رتابة الحوارات ويجمع بين الكوميديا والجدية.

 

 

ـ أعتقد أنني قدمت الكثير في هذا البرنامج كمذيع واستطعت استثمار ثقافتي البسيطة واطلاعي بشكل جيد، كما أنني حققت الكثير لنفسي ونافست بعض المذيعين.. حتى أنني اتهمت بمنافسة جورج قرداحي في ملابسي وطريقة تقديمي لكني لم أتعمد ذلك، وأظن أن الرأي الأخير هو للجمهور الذي يقيم هذه التجربة، وما رشح لي حتى الآن مشجع.

 

 

ـ بسبب عملي ودراستي، وأنا الآن أفكر في التركيز أكثر على الأعمال الجادة بعد الانتهاء من عملي ودراستي هذا العام.

 

* لمَ لمْ تقدم أعمالاً باللهجة المصرية؟ ـ انا لا أقدم أعمالا باللهجة المصرية لأنني أؤمن بأن أي شخص لا يستطيع أن يتعلم لهجة أخرى غير لهجته فاللهجات تكتسب مع الطفولة ولا يمكن أن تتعلمها بسهولة.

 

* عرف ماجد العبيد من خلال عدد كبير من المسلسلات التاريخية.. ألا تخشى من التنميط والتوصيف؟

 

ـ لكل شخص تركيبة، وتوجه.. وأنا احب أن يكون توجهي جاداً، ولا سيما في الموضوعات ذات الطابع الاسلامي التربوي، وإذا كانت هذه النمطية ستضعني في مصاف المتميزين في هذا التوصيف فأنا لست ضدها، أما قدراتي في غير هذا النمط فقد اثبتها في أعمال أخرى، وأنا أفضل أن أكون متميزا في مثل هذه الأعمال الاسلامية، خاصة أنني لا أحب أن أكون ممثلا كوميديا صرفاً، وربما لم أنجح كممثل كوميدي كما أن أغلب الممثلين الكوميديين لن ينجحوا لو حاولوا تقليدي.

 

* ما ذا اضافت لك القاهرة التي تقيم فيها كفنان؟ ـ أنا آسف لو قلت لك ان اقامتي في القاهرة لم تقدم لي شيئاً كفنان، فكل ما كنت سأستفيده من القاهرة إستفدته قبل أن أقيم في مصر بسبب الدراسة والعمل. لأن دراستي وعملي كدبلوماسي سعودي في مصر وأنا أكمل الماجستير والدكتوراه وضعاني طيلة السنوات السبع الماضية في قيد وظيفي لم أستطع معه الخروج إلى الحياة الفنية التي كنت أستمتع بها من قبل.

 

 

ـ بعض الاحباطات التي واجهتها ربما ستجعلني لا أعود. * لماذا؟

 

ـ لا أحب الدخول في تفاصيل أكثر.. ولكن عندما يدرك البعض أن الموظف أمانة وليس مستعبداً خاضعا لحسابات شخصية وحقد .. ستتغير الأمور.

 

ـ الدراما السعودية ينقصها صدق القائمين في التعامل معها، وينقصها دعم الجهات المسؤولة دعما يناسب طبيعة العمل نفسه. وأنا أرى أنه لا يمكن تقديم عمل متميز في ظل قيود مالية صرفة ولا بد من إعطاء المنتجين فرصة للربح ـ كل على قدر عمله ـ دون أن يكون ذلك على حساب العمل.