و. جهد ماء التربة Soil Water Potential
يمكن ماء التربة، أن يحتوي على طاقة، بكميات وأشكال مختلفة. وهناك شكلان أساسيان للطاقة، هما: الحركي Kinetic والجهدي Potential. وبما أن الطاقة الحركية، تعتمد على مربع السرعة؛ وبما أن سرعة الماء، في التربة، محدودة جداً؛ فإنه يمكن تجاهل الطاقة الحركية لذلك الماء. أما طاقة الجهد، فهي ذات أهمية كبيرة؛ لأنها تتحكم في اتجاه حركة الماء في التربة، ومعدلـه؛ كما تتحكم في السهولة، التي يمتصه بها النبات. ويتحرك الماء من المكان، الذي تكون فيه طاقة جهده عالية، إلى المكان، الذي تكون فيه تلك الطاقة أقل.
1- الجهد الكلي لماء التربة
الجهد الكلي لماء التربة، هو مجموع الجهود المختلفة، التي تشمل جهد الجاذبية الأرضية، وجهد الضغط (الجهد الماتري)، والجهد الأسموزي؛ كما في المعادلة التالية:
الجهد الكلي = جهد الجاذبية الأرضية + جهد الضغط + الجهد الأسموزي
أ- جهد الجاذبية الأرضية Gravitational Potential
جميع الأجسام، على سطح الأرض، تنجذب نحو مركز الكرة الأرضية، بقوة مساوية لوزن الجسم، الذي تحدده كتلته، ومعدل التسارع بالجاذبية الأرضية:
وزن الجسم = كتلة الجسم × التسارع بالجاذبية الأرضية
ولكي يُرفع الجسم، في الاتجاه المعاكس، فإنه لا بد من بذل شغل، يخزن في الجسم، على شكل طاقة جهد الجاذبية الأرضية. ومقدار جهد الجاذبية الأرضية لماء التربة، عند نقطة ما، يساوي مقدار ارتفاع هذه النقطة، عن نقطة مرجعية Reference Point افتراضية. وعادة، تختار النقطة المرجعية أسفل قطاع التربة المدروسة؛ من أجل التسهيل؛ لأن ذلك يجعل جهد الجاذبية الأرضية، في التربة، موجباً دائماً، في المواقع الأعلى من النقطة الافتراضية، وصفراً، عند مستوى تلك النقطة (انظر شكل جهد الجاذبية بالنسبة إلى النقطة المرجعية).
ب- جهد الضغط Pressure Potential
جهد الضغط لماء التربة، قد يكون سالباً، أو موجباً؛ لأنه يتخذ من الضغط الجوي جهداً مرجعياً. فعندما يكون ضغط الماء أقل من الضغط الجوي، أي عندما يكون تحت قوة شد Tension، فإن جهد ضغطه، يكون سالباً. أما إذا كان جهد الضغط أكبر من الضغط الجوي، أي عندما يكون تحت ضغط هيدروستاتيكي، فإن جهد الضغط لماء التربة، يكون موجباً. إذاً، فإن ماء التربة، عندما يكون تحت سطح الماء الحر، يكون تحت جهد ضغط موجب. أما إذا كان على سطحه تماماً، فإن جهد ضغطه، يكون صفراً. وعندما يكون فوق مستوى سطحه ممسوكاً في المسام الشعرية، فإنه يكون تحت جهد ضغط سالب (انظر شكل قيم جهد الضغط). لذلك، يكون جهد الضغط لماء التربة، غير المشبعة به، سالباً. وقد كان جهد الضغط السالب، يعرف بالجهد الشعري Capillary Potential؛ إلا أن هذا الاسم، استبدل به، مؤخراً، الجهد الماتري Matric Potential؛ لأنه ليس ناتجاً من الخاصية الشعرية فقط، وإنما يشمل، كذلك، جهد شد الماء المدمص، على أسطح حبيبات التربة، بالقوى الكهروستاتيكية (انظر شكل مكونات الجهد الماتري).
ج- الجهد الأسموزي
ازدياد التركّز الكلي للأملاح[1] في محلول التربة، يقلل الجهد الأسموزي Osmotic Potential؛ ومن ثم، جهد الماء Water Potential. والجهد الأسموزي ناتج من عملية الانتشار Diffusion، التي تكون فيها حركة الجزيئات المختلفة دائمة، في المحلول المائي[2] غير المتجانس، حيث تتحرك من الجزء، الذي يكون تركّزها فيه أعلى، إلى الجزء الأقل تركّزاً؛ في محاولة تلقائية لتحقيق حالة توازن ثرموديناميكي، بين أجزاء النظام. وعندما يكون هناك عائق، بين أجزاء المحلول المختلفة التركز؛ كما هو الحال بين المحلول المائي في التربة، وخلايا جذور النبات؛ ويكون هذا العائق غشاء انتقائياً Selective Membrane، أي يسمح بمرور جزيئات الماء؛ ولكنه يعوق الجزيئات والأيونات[3] الأخرى؛ فإن النظام (المحلول المائي في التربة، و خلايا جذور النبات) سيسعى إلى تحقيق حالة التوازن الثرموديناميكي، بحركة جزيئات الماء، من الجزء الأقل تركزاً (خلايا جذور النبات)، إلى الجزء الأعلى تركزاً (محلول التربة)؛ لأن الغشاء الانتقائي، يمنع الحركة المعاكسة للجزيئات (انظر شكل الجهد الأسموزي).
2- قياس جهد ماء التربة
الجهد الكلي للماء في التربة غير المشبعة، يتألف من جهد الجاذبية، والجهد الماتري، والجهد الأسموزي. ويقاس جهد الجاذبية الأرضية، بقياس المسافة الرأسية، بين النقطة المطلوب معرفة جهد الماء عندها، والنقطة المرجعية، التي تُختار، عادة، أسفل قطاع التربة. ويقاس الجهد الماتري، في الحقل، باستخدام جهاز، يعرف بمقياس الشد Tensiometer؛ ويقاس، في المعمل، بخلايا الاستخلاص بضغط الهواء Air Pressure Extraction Cells. أما مجموع الجهد الماتري والجهد الأسموزي، فيقاس بالمقاييس المزدوجة الحرارية Thermocouple Psycrometers.
أ- مقياس الشد (التنشوميتر) Tensiometer
يستخدم مقياس الشد في قياس الجهد الماتري لماء التربة، في الحقل. ويتكون من كأس مسامية، مصنوعة من مادة خزفية؛ وتكون متصلة بأنبوب مملوء بالماء، ومزودة بمعيار فراغي Vacume Gauge (انظر شكل مقياس الشد). وعندما يوضع الجهاز في التربة، عند العمق المراد قياس الجهد الماتري فيه، يتحقق الاتصال الهيدروليكي، بين الماء داخل الكأس المسامية، وماء التربة، من خلال المسام في الجدران الخزفية؛ ولا يلبث أن يتزن بينهما. ولأن ماء التربة غير المشبعة به، يكون أقل من الضغط الجوي، أي تحت قوة شد؛ بينما يكون جهد الماء، في الكأس الخزفية موجباً، أي أكبر من الضغط الجوي؛ فإن حركة الماء، تكون من الجهد العالي (الماء داخل الكأس الخزفية) إلى الجهد الأقل (ماء التربة)؛ ما يحدث هبوطاً في الضغط الهيدوستاتيكي للماء، داخل مقياس الشد المحكم هوائياً؛ ويُقرأ من خلال مؤشر المعيار الفراغي. وهذا الجهاز، لا يتأثر بالجهد الأسموزي؛ لأن مسام جدران الكأس الخزفية، منفذة لكل من الأملاح والماء؛ ما يسمح بحركة الأولى، من ماء التربة إلى الماء داخل الكأس، إلى أن يتوازن تركّزها، داخل الكأس وخارجها. وهذا الجهاز، لا يستخدم إلا في قياس الجهد الماتري الأقل من 1 ضغط جوي.
ب- مقياس رطوبة الهواء الحراري المزدوج Thermocouple Psychrometer
يستخدم هذا الجهاز في قياس مجموع الجهد، الماتري والجهد الأسموزي، لماء التربة. وتقاس به الرطوبة النسبية[4] لهواء التربة، المتمثلة في الفرق بين درجة حرارة الثرمومتر ذي المستودع الجاف، ودرجة حرارة نظيره ذي المستودع الرطب. ولأن الهواء، يعمل كغشاء شبه منفذ مثالي؛ لأنه يسمح بمرور جزيئات الماء، ويعوق مرور الأملاح؛ فإن الجهد الأسموزي، يؤثر في ضغط بخار الماء الإشباعي؛ ما ينعكس فرقاً في درجة الحرارة، بين الثرمومتر الرطب والثرمومتر الجاف.
ج- جهاز طبق الضغط
يستخدم جهاز طبق الضغط في قياس الجهد الماتري للتربة، في المعمل، إلى قيم، تصل إلى -15 باراً[5]. ويتكون من (انظر شكل جهاز صحن الضغط):
- جهاز لضغط الهواء، إلى 15 باراً Air Compressor.
- مفتاح للتحكم في مقدار الضغط Manifold.
- خلية ضغط Pressure Cell، مكونة من:
* غرفة تتحمل الضغط إلى أكثر من 15 باراً.
* طبق ضغط خزفي مسامي.
* حلقات عينات التربة.
* أنبوب لخروج الماء.
- خزان للماء، يكون مملوءاً به، ومتصلاً بطبق الضغط، من الأسفل؛ وبالضغط الجوي، من طريق أنبوب خروج الماء.
وعند وضع عينة التربة داخل غرفة الضغط، على طبق الضغط الخزفي المسامي؛ وزيادة ضغط الغرفة، بمفتاح التحكم فيه؛ يكون الماء في العينة، أشد منه على الماء الحر، تحت طبق الضغط؛ ما يجعل الأول، يتحرك من الجهد العالي (ماء عينة التربة، تحت الهواء المضغوط)، إلى الثاني. ويكون جهد ماء التربة، الممسوك في مسامها، عند ضغط معين للهواء، داخل غرفة الضغط، مساوياً لسالب مقدار ذلك الضغط، في داخل الغرفة.
[1] الأملاح Salts: هي الأيونات الذائبة في المحلول المائي، ومن أهمها الكالسيوم Ca++، والصوديوم Na+، والبوتاسيوم K+، والماغنسيوم Mg2+، والكلور Cl-، والكربونات CO3=، والبيكربونات HCO3-، والسلفات So4=، والنيترات NO3=.
[2] محلول التربة Soil Solution هو ماء التربة، المذابة فيه العديد من العناصر الكيميائية، على شكل أيونات وأحماض. وأهم الأيونات في محلول التربة أيونات الكالسيوم Ca2+، والصوديوم Na+، والماغنسيوم Mg2+، والبوتاسيوم K+، والألمنيوم Al3+، والمنجنيز Mn3+، والحديد Fe3+، والكربونات CO32-، والبيكربونات HCO3-، والسولفات SO42-، والنيترات NO32-، والكلور Cl-. أما أهم الأحماض في محلول التربة فهي حمض الكربونيك H2CO3، والسلسيك H4SiO4. ويكتسب محلول التربة هذه الأيونات والأحماض من ذوبان الغازات في الماء، وتحلل مكونات المعادن والمادة العضوية في التربة إلى الأيونات المكونة لها في المحلول. ويفقد المحلول مكوناته من الأيونات والأحماض عن طريق تطاير الغازات من المحلول، أو عن طريق ترابط الأيونات وترسبها على شكل معادن.
[3] الأيونات Ions هي ذرات العناصر غير المتوازنة الشحنة إما بسبب فقدان الذرة لواحد أو أكثر من الإلكترونات الخارجية فيها، لتصبح الذرة موجبة الشحنة، أي أن عدد البروتونات الموجبة الشحنة في داخل نواة الذرة أكثر من عدد الإلكترونات السالبة الشحنة التي تدور حول النواة. قد يكون عدم توازن الشحنة ناتج عن اكتساب الذرة إلكترون أو أكثر من الذرات الأخرى وإضافتها إلى إلكتروناتها في الغلاف الخارجي لتصبح الذرة سالبة الشحنة لأن عدد الإلكترونات السالبة الشحنة زاد على عدد البروتونات الموجبة الشحنة بعد عملية الاكتساب هذه.
[4] الرطوبة النسبية Relative Humidity: هي نسبة كمية بخار الماء الموجود فعلاً في الهواء، إلى كمية بخار الماء الذي يمكن أن يستوعبه الهواء عند درجة الحرارة ومقدار الضغط نفسهما.
[5] البار Bar: هو وحدة قياس الضغط الجوي، ويساوي 610 داينز/سم2، أو ما يعادل ضغط 75.062مم من الزئبق عند مستوى سطح البحر، على درجة عرض 45 درجة شمالاً، عندما تكون درجة الحرارة صفر مئوي.