يصحّ الرجوع عن الوصية باللفظ والدليل على ذلك، مثل أن يقول: نقضتُ الوصية، أو أبطلتها، أو رجعت عنها، أو فسختها، أو ما شابه ذلك فهي لورثتي. ويجوز للموصي الرجوع في الوصية، ونقضها، وزيادتها، سواء كتبت أم لا، فإذا مات الموصي فقد استقرّت وثبتت.
كما يكون الرجوع بالوصية، بتصرفٍ في الموصى به، فيُشعر بإبطال الوصية والإعراض عنها، أو يجعله صداقاً، أو يهبهُ لأحد ويدفعه إليه، أو يُرهنه بدينٍ ويسلمه للمرتهن، فجميع هذه التصرفات في الوصية تعني إلغائها، والرجوع عنها؛ وذلك لزوال ملكه في بعض هذه التصرفات عن عين الوصية، وتعريض الموصى به للبيع في البعض الأخر، كما في حالت الرهن. وبناء على ما نقول:1- لو أوصى بحنطةٍ معينةٍ، ثم خلطها بحنطةٍ أخرى، اعتُبر هذا رجوعاً عن الوصية، لتعذّر تسليم الموصى به من بعد ما أقبل من الخلط.
.
2- إذا أوصى بصاع حنطة من صبرة، ثم خلطها بأجود منها، فيعتبر هذا منه رجوعاً عن الوصية؛ لأنه أحدث في الخلط زيادة، لم يرض بتسليمها، ولا يمكن تسليمها بغير هذه الزيادة.
3- إذا أوصى بصاع حنطة من صبره ثم خلطها بمثلها، فلا يُعد هذا رجوعاً عن الوصية، لأنه لم يُحدث تغيراً، وكذلك إذا خلطها بأردأ منها، لأنه مثل إحداث عيب في الموصى به فلا يضر.
لقد توسّع الأحناف في ما يعتبرونه رجوعاً عن الوصية، بحيث انهم اعتبروا الرجوع عن الوصية، هو كلُ ما كان بالقول الصريح أو الدلالي أو ما ثبت بالضرورة.
فقد وافق المالكية الأحناف بالرجوع الصريح الواضح وبالفعل الذي يُعتبر استهلاكاً للوصية، مثل الذي يذبح الشاة الموصي بها، فهناك أمران عند المالكية للرجوع عن الوصية وهما:
الأول: هو أن الانسحاب في العطايا في هذا المذهب ليس بالأصل، ولكن هو استثناء، ولا يجوز الرجوع في الوصية؛ لأنه لا يُنفذ حكمها إلا بعد وفاة الموصي.