المقال هو أحد فنون الكتابة النثريّة التي ارتبطت بدرجة وثيقة بالصحافة، ولم تعرف اللغة العربيّة كتابة المقال إلا في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مع بدء ظهور الصحف التي تأثرت بطريقة الحياة الأوروبيّة، وتنبع أهمية المقالات النقدية من القدرة على التنبيه للمشكلات التي يعاني منها المجتمع، وتقدير جودة إدارة تلك المشكلات وسبل حلها، كما يمكن طرح أفكار جديدة للحل في تلك المقالات، ومع انتشار الصحف والمجلات الورقيّة والإلكترونيّة كثرت المقالات بدرجة قد لا يتمكن معها القارئ من فصل الغث عن السمين إلا بصعوبة، وذلك لعدم ارتباط العديد من الكتاب بقواعد كتابة المقال النقدي، خاصة في المجال الاجتماعيّ.
موضوع المقال هو المادة الأساسيّة التي تصل بين الكاتب والقراء، فيجب أن يقع اختيار كاتب المقال على ظاهرة اجتماعية محددة تكون مفهومة بوضوح بالنسبة له، ويجمع عنها كل المواد الممكنة المكتوبة والمرئية ليحيط بكافة التفاصيل قبل أن يشرع في الكتابة وعرض الأفكار.
الهدف من المقال يقود إلى تحديد عنوان دقيق وواضح يدفع القارئ المهتم بالظاهرة الاجتماعيّة وغيره إلى قراءة المقال باهتمام، وعلى الكاتب أن يحدد بوضوح الهدف من المقال، فإن كان مقتصراً على عرض مشكلة ما بطريقة نقدية يجب أن يكون العنوان مقتصراً على تلك الفكرة دون إطالة، وإن كان من المقالات التي تطرح حلولاً أو رؤى مغايرة للواقع فيضع الكاتب عنواناً واضحاً يذكر من خلاله الجديد في الموضوع.
الفقرة الأولى من المقال النقدي تكون عبارة عن مقدمة منهجيّة وموجزة، تُدخل القارئ في صلب الموضوع دون الإطالة عليه بتفاصيل غير مهمة، وتليها فقرات المقال الأساسية التي تتناول كل منها فكرة جزئية من أفكار المقال بترتيب منطقي، وجمل واضحة يفضّل فيها الابتعاد عن التعبيرات التصويريّة، والميل إلى المباشرة، كذلك يجب أن تكون تلك الفقرات موضوعيّة من حيث طريقة العرض ولا تظهر انحياز الكاتب لفكرة دون الأخرى بشكل شخصي، وإنما ينحاز للأفكار والآراء لتقود المقدّمات إلى نتيجة منطقيّة، وفي نهاية المقال يضع الكاتب فقرة ختاميّة تحتوي على تلخيص موجز في جمل قصيرة للعناصر الرئيسية في المقال والحقائق التي يراها الكاتب، وتكون متناسبة مع حجم المقال والهدف منه منتهية بطرح الحلول البديلة التي يراها كاتب المقال إن وجدت، أو إظهار السلبيات في الظاهرة الاجتماعيّة التي تم تناولها في المقال بصورة تدفع القارئ إلى التفكير في تلك الظاهرة مرة أخرى.