قبل البدء بكتابة بحث عن الإعجاز القرآني، لا بدّ من تعريف الإعجاز القرآني، وهو مشتق من المعجزة التي تعني الأمر الخارق للعادة، ويضم القرآن الكريم أربعة صورٍ من صور الإعجاز وهي: الإعجاز البياني والإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي والإعجاز الغيبي، أما في الإعجاز البياني فقد تحدّى الله تعالى به العرب وهم أفصح الناس لغةً وبيانًا، إذ يحتوي على دقة اللغة والسلاسة والتعبير الذي لا يوجد في أيّ كتابٍ غيره، كما تحتوي لغته على دقة المعاني وجمال الألفاظ والترابط العجيب بين الآيات التي تجمع بين العذوبة والفخامة، وقد بلغ أسلوب البلاغة والفصاحة في سور القرآن الكريم القمة في جميع المجالات اللفوية، ولا يوجد أي تباين أو اختلاف في الأسلوب القرآني البياني سواء في السور المكيّة أو المدنية، إذ يقول -تعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًاالإعجاز التشريعي في القرآن الكريم يعني: إثبات عجز جميع المخلوقات عن الإتيان بمثل القرآن الكريم وما فيه من أحكام وتشريعات تتعلق بالخلق والحياة والناس والمجتمع ومختلف مجالات الحياة، وفي هذا الإعجاز إثبات لصدق النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، ويقول -تعالى-: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} ومن الإدلة على الإعجاز القرآني التشريعي اشتمال القرآن على جميع المقاصد الإساسية وقواعد الشريعة التي تنظم حياة الناس وشؤونهم ون أن تكون هذه التشريعات متناقضة أو متضاربة، بل إنّ تشريعاته تحقق العدل بين الجميع على الرغم من اختلاف الانتماءات العرقية والدينية بينهم، وهذا من أكثر ما لفت علماء الفكر والاجتماع إلى آيات القرآن الكريم وما فيها من إعجاز تشريعي لا يستطيع البشر الإتيان بمثله أبدًا، وهي تشريعات مناسبة لكلّ زمانٍ ومكان مهما حدث من تطوّر تاريخي وحضاري وفكري.
الإعجاز القرآني الغيبي يتجلّى في أعظم صوره في القرآن الكريم، إذ أنّ آيات القرآن الكريم أخبرت عن العديد من الأمور الغيبية غير المعروفة، كما ذكرت العديد من الأخبار التي تقدّمت، ومنها: إخبار القرآن الكريم عن قصص الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، والإخبار عن قصة أهل الكهف وما ورد في شأن النبي موسى -عليه السلام- مع الخضر -عليه السلام-، والإخبار بما ستؤول إليه بعض الأمور مثل: وعد الله -تعالى- بنصر المؤمنين، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه بأنّهم سيخرجون من وطنهم، وغير ذلك الكثير من صور الغيب التي أخبر بها القرآن الكريم، وبهذا العرض البسيط لصور الإعجاز القرآني، تمت كتابة بحث عن الإعجاز القرآني بصورة مختصرة مع ذكر بعض الأمثلة على هذه الصور