قسم علماؤنا الاشتقاق إلى ثلاثة أقسام:
أ - الاشتقاق الصغير : وحده ابن جني بقوله: "أن تأخذ أصلًا من الأصول، فتتقَّراه فتجمع بين معانيه، وإن اختلفت صيغه ومبانيه".
أو هو: "أخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنًى ومادة أصلية، وهيئة تركيب لها، ليدل بالثانية على معنى الأصل، بزيادة مفيدة، لأجلها اختلفا حروفًا وهيئةً، كضارب من ضرب، وحَذِر من حَذِر.
ويكاد يجمع العلماء على وقوع هذا النوع من الاشتقاق في العربية.
ب - الاشتقاق الكبير : وهو الذي يتحد فيه المشتق والمشتق منه في الحروف، ويختلفان في الترتيب؛ مثل: جلا، وجال، ولاج، ومثل: سمح، وحمس، وحسم، ومحس.
وحده السيوطي بقوله: ما يحفظ فيه المادة دون الهيئة، مثل: قول ووقل.
ويوضحه ابن جني بقوله: "أن تأخذ أصلاً من الأصول الثلاثية، فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحدًا، تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه، وإن تباعد شيء من ذلك عنه، رُدَّ بلطف الصنعة والتأويل إليه، كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد".
أطلق ابن جني على هذا النوع من الاشتقاق: الاشتقاق الأكبر.
فمن ذلك تقليب (ج ب ر)، فهي أين وقعت للقوَّة والشدَّة، منها: (جبرت العظم والفقير)، إذا قوَّيتهما وشددت منهما، و(الجَبْر): الملِك؛ لقوَّته وتقويته لغيره، ومنها: (رجل مجرَّب)، إذا جرسته الأمور ونجدته، فقويت منته واشتدَّت شكيِمته، ومنه: (الجِرَاب)؛ لأنه يحفظ ما فيه، وإذا حُفظ الشيء وروعي اشتدَّ وقَوِيَ، ومنها: (الأبجر) و(البُجْرة) وهو القوي السُرَّة، ومنه: (البُرْج)؛ لقوته في نفسه وقوَّة ما يليه به، وكذلك (البَرَج) لنقاء بياض العين وصفاء سوادها، وهو قوَّة أمرها، وأنه ليس بلوٍن مستضعَف، ومنها: (رجَّبت) الرجل، إذا عظَّمته وقوَّيت أمره، ومنه: (رَجَب)؛ لتعظيمهم إيَّاه عن القتال فيهِ، وإذا كَرُمت النخلة على أهلها فمالت، دَعَموها بـ (الرُجْبة) وهو شيء تُسند إليهِ لتقوى بهِ، و(الراجِبة): أحد فصوص الأصابع، وهي مقويِّة لها، ومنها (الرَبَاجي) وهو الرجُل يفْخر بأكثر من فعله؛ لأنه يعظِّم نفسه ويقوي أمره.
ج - الاشتقاق الأكبر : الذي حده العلماء بأنه: "ما اتحد فيه المشتق والمشتق منه في بعض الحروف واختلفا في الباقي، وكان المختلف فيه متحدًا مخرجًا أو صفة"، وذلك مثل: سد وصد، والقصم والقسم، والنضح والنضخ، وقطع وقطف، وقطل وقطم.