يعدُّ حبُّ العمل والإخلاصُ فيه عمادَ النجاح في العمل، والروح له، فقد أوجب الإسلامُ وأمر المسلمين بالإخلاص في العمل وإتقانه، وجعل جميعَ العبادات مرتكزةً عليه بشكلٍ أساسيّ، فمن أدّى عبادةً غير خالصةٍ لله تعالى فإنه لا يكسب أجرَها، كأنْ يصليَ مثلاً ليقول عنه الناس إنّه ملتزمٌ لا يقطع الصلاة، فهنا يعطيه الله تعالى ما نوى به، أو أن يدخلَ الحربُ ليُقالَ عنه شجاع، فيفقد أجر الجهاد ويأخذ الصيت عند الناس، لذلك فعماد الأعمال والعبادات هو الإخلاص ليكون بناؤها قويّاً ومتيناً، قال تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ, وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [التوبة:109]
يُعرّفُ الإخلاصُ لغةً مِن قولنا: "ذهبٌ خالصٌ" أي خالٍ من الشوائب، وكذلك هوالإخلاص في العمل حيث يقوم الفرد بالعمل بكلّ تفانٍ وإتقان، بحيث يخلو من أيّ نقصٍ يعيبُ صحّةََ العمل، وينبعُ الإخلاصُ من قلب الشخص حيثُ يخلص بعملِه ليس طمعاً بالثوابِ أو هرباً من العقاب المرافق للعمل، ولا يقتصرُ الإخلاصُ في العملِ على الأعمال الجسديّة فقط، إنّما لا بدّ من الإخلاص في الأعمالِ النفسيّة أو المعنويّة، مثل تقديم الدعم النفسيّ لمن فقد عزيزاً عليه أو مَن وقع في مشكلةٍ ما، أو تربية الأبناء.
الإخلاصُ هو عكسُ الفساد والتساهل والتسيّب، وعند الإخلاص في العمل فإنّ ذلك يؤدي إلى تطوير العمل وتحقيق الأفضل فيه على عكس التساهل والتسيّب التي تؤدي إلى تأخّر العمل وتخلّفه عن ركب التطور والتسبّب بالكثير من الخسارة فيه. كما يخفّفُ حب العمل والإخلاص فيه من تكاليف المراقبة وإقامة اللجان التي هدفها مراقبةُ أعمال الناس والتأكد من قيامِهم بها بالشكل الصحيح، ففي الدول المتقدمة يكونُ كلُّ شخصٍ رقيباً على نفسِه، فلا يحاولُ استغلالَ منصبِه لتسيير مصالحه الشخصية أو يهمل في عمله ولا يتقنه، ولا يحتاجُ إلى لجانٍ لتراقبه من أجل أن يقوم بعمله بإتقان، إنما ينبع هذا الشعور من داخله ممّا أدى إلى تقدّمها وتطورها.