تعدُّ سورة التكاثر من السور المكية، حيث نزلَت على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وهي في الجزءِ الثلاثين وفي الحزب الستِّينَ، رقمُها من حيثُ الترتيب في المصحفِ الشَّريف 102، عددُ آياتها 8 آياتٍ، سمِّيت بسورة التكاثر لأنَّها بدأتْ بأوَّل آيةٍ منها بالحَديثِ عن التَّكاثرِ وهو: التفاخر والمباهاةُ وحبُّ الدنيا، قال تعالى: "ألهاكُمُ التكاثُرُ" وتُسمَّى أحيانًا بسورة "ألهَاكم" كما وردَ في بعض المصاحف وكذلكَ سمَّاها الإمام البخاري في كتاب التفسيرِ من صحيحه، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة التكاثر وبعضَ ما تضمَّنَته من عِبر وأحكَام.
وردَ في فضل سورة التكاثر أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوتر بها، كما ورد في الحديث الذي رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كان رسُولُ الله يوتِرُ بثلاثٍ، يقرُأ في الأولى "أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ" و "إنَّا أَنزَلنَاهُ" و "إِذا زلزِلَتِ"، ويقرأُ في الثَّانية "العَصْرِ" و "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" و "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ"، وفي الثَّالثةِ "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" و "تَبَّتْ" و "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" ووردَت بعضُ الأحاديث الموضوعة التي لا أصل في فضل سورة التكاثر.
في هذه السورة العظيمة أسرارٌ وحكمٌ عظيمة، منها أنَّ الله تعالى يخبرُنا عن الفرقِ بينِ علمِ اليقين وعينِ اليقينِ بناءً على ما جاء في السورة الكريمة، قال تعالى: "كلَّا لو تعلمون علم اليقين * لترونَّ الجَحيم" أي لو أنَّكم أيها الكفار تعلمون علمًا تستيقنونَ به حقيقة ذلك اليوم العظيم لأصبَحتُم كأنَّكم تُشاهِدون أهوالَهُ لدرجةِ اليقينِ التي تُريكم تلك الأهوالَ بعينِ القلبِ، وقال أيضًا: "ثمَّ لترونَّها عين اليقين"، وهنا الرؤية الحقيقية التي سوف تتحقَّقُ يوم القيامة عندما يساقُ الكفَّار إلى نار جهنَّمَ زمرًا يشاهدون العذاب رأيَ العينِ، والله تعالى أعلم