صلاة المغرب هي أحد الصَّلوات الخمس المفروضة على المسلمين المكلَّفين، وهي صلاةٌ تتكوَّن من ثلاث ركعاتٍ بتشَهُّدٍ أوسطٍ بعد ركعتين منها، وتشهُّدٍ أخيرٍ نهاية الرَّكعة الثَّالثة، ووقت صلاة المغرب من غروب الشَّمس إلى مغيب الشَّفق الأحمر، كما ذكر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (ووَقْتُ صَلاةِ المَغْرِبِ ما لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ)، ووقت مغيب الشفق الأحمر يختلف باختلاف الأماكن والبلدان والفُصول؛ ففي الجزيرة العربية يغيب بعد ساعةٍ وعشر دقائق إلى ساعة وخمس وعشرين دقيقة من غروب الشمس، أما اشتباك النجوم وانتشار الظَّلام فيكون بعد الغروب بخمس وأربعين دقيقة إلى خمس وخمسين دقيقة، ومن خلال هذا يتبيّن لنا أنَّ وقت المغرب متَّسع غير مضيَّق، مثلها مثل باقي الصلوات.
ويسنُّ في صلاة المغرب أن يُسارع المسلم إلى أدائها فور دخول وقتها وألا يؤخرّها حتى تطلع النُّجوم؛ حيث إنَّ تبكير أداء صلاة المغرب دلالةٌ على خيريَّة الأمة، وهو من الفطرة، وتواطؤُ النَّاس على تأخيرها يسلب عنهم هذه الخيريَّة، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يحرصون على التَّبكير في أدائها حتى إنّهم كانوا ينصرفون منها قبل حلول ظلام اللَّيل، ويسنُّ في صلاة المغرب أن يؤدِّي المسلم ركعتين بين الأذان والإقامة، ومن السُّنَّة أيضا صلاة السُّنَّة البعديَّة للمغرب في البيت كما كان يفعل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
كتب الله -تعالى- على المسلمين أداء الصلوات الخمسة في مواعيدها، لكن قد يتَّفق أن يحصل للإنسان أمرٌ يلهيه عن أداء الصلاة ولا يذكرها إلا حين خروجِ وقتها ودخول وقت الصَّلاة التالي، وفي هذا الحال لا تسقط الصلاة عنه بل يجب عليه أداؤها، وقضاء الفوائت من الصَّلوات يجب أن يكون على الفَوْرِ وعلى التَّرتيب ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصَّلاة الحاضرة؛ حيث قال الله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)؛ فيقدِّم الصَّلاةَ الفائتة ثمَّ المكتوبة؛ كما حدث يوم الخندق مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذ أشغله والصَّحابةَ المشركون عن الصَّلَوات، فصَلاَّها -صلَّى الله عليه وسلَّم- على التَّرتيب؛ فعن جابرِ بنِ عبد الله: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، جَاءَ يَومَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ما كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ، حتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ ما صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ).
وعليه فإنَّ قضاء الصَّلاة الفائتة يكون بصلاتها على حالها وعلى هيئتها كما لو كان يصلِّيها في وقتها غير فائتة، فيصلِّيها كما هي من حيث الجهرِ، والإسرارِ، والإقامةِ، والجماعة، فلو فات المسلم صلاة المغرب وقد دخل وقت فرضِ العشاء وكان ما يزال هناك متَّسعٌ لوقت العشاء فإنَّه يصلِّي المغرب أولاً ثم يصلِّي العشاء، أمَّا لو ضاق وقت الصَّلاة الحاضرة (العشاء) عن أداء الصَّلاتين معا فإنَّه يبدأ بالصَّلاة الحاضرة فيما بقي من الوقت ثم يقضي الفائتة (المغرب) بعدها؛ حتى لا تصير الصلاتان فائتتَيْنِ، وفي حال فاتت المسلم صلاة المغرب وأدرك جماعة العشاء فإنَّه يصلِّي العشاء مع الإمام، ثمَّ يقضي المغرب بعد انتهائه.
الصَّلاة هي العبادةُ المخصوصة، وأَصلُها في اللُّغة الدعاءُ والتَّعظيم، فسُمِّيت ببعض أجزائها لتضمُّنها معناه، وهو العبادة والمَسْأَلة، ولما فيها من التعظيمٍ والتقديس لله تبارك وتعالى، ومنها الصَّلاة على نبيِّنا محمدٍ بقولنا: اللَّهمَّ صلِّ عَلَى محمدٍ، فهو دعاءٌ بتعظيمه في الدُّنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، ودوام شريعته، وتشفيعه في أُمَّته يوم القيامة، ومضاعفة مثوبته.
إذا خرجت الصَّلاة عن وقتها اعتُبرت فائتة، والتَّفويت يكون لحالين:
إن منزلة الصَّلاة في الإسلام عظيمة؛ فهي ثاني أعظم ركنٍ من أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، وهي عماد الدِّين الذي لا يقوم إلَّا به، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)، وهي أول ما أوجبه الله وفرضه من العبادات بمخاطبة رسوله ليلة الإسراء والمعراج، بالإضافة إلى أنَّها أوَّلُ ما يحاسَب عليه العبد يوم القيامة، ولأهمِّيَّتها كانت آخر وصيَّةٍ أوصى بها النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمَّته عند حلول أجله؛ حيث جعل يقول: (الصَّلاةَ الصَّلاةَ، وما ملَكَتْ أيمانُكُمْ)، وهي تحتاج إلى هدايةٍ خاصَّةٍ وحرصٍ عليها وعلى أدائها في وقتها، وإن ضاعت ضاع الدين كلّه؛ فالله أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، كما إنَّ إبراهيم -عليه السَّلام- سأل ربَّه أن يجعله هو وذريّته مقيماً لها، فقال: (رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتي رَبَّنا وَتَقَبَّل دُعاءِ).
موسوعة موضوع