"صور التبذير في العصر الأخير
قال الله عز وجل: ? وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ? [الإسراء: 26، 27].
والآية أمرٌ بالنفقة على الأقارب والمساكين، وابن السبيل، وهو: المسافر، أو الحاج، أو المنقطع ولا يستطيع العودة إلى دياره.
ونهى عن التبذير، وهو النفقة الكثيرة، التي يصبح صاحبها فقيرًا لا يملِك ما يكفيه ليومه.
وقد عرَّف العلماء التبذير: بأنه صرفُ الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بمعنى أن يكون وجهُ الصرف جائزًا في الأصل، ولكن الصرف فيه خرج عن حد الاعتدال، كما عرَّفوا السَّفه بأنه: صرفُ الشيء فيما لا ينبغي.
1- قال صاحب قاموس المعاني: مصدر بذر.
الاجتهاد في الكفاف: خيرٌ من الإسراف، والتبذير: صرفُ المال فيما لا فائدة منه.
2- تبذير: (اسم).
تبذير: مصدر بذَّر.
3- بذر: (فعل).
بذَّر يبذِّر، تبذيرًا، فهو مبذِّر، والمفعول مبذَّر.
بذر المال: فرقه إسرافًا.
بذر العامل: جربه، لو بذرت ابنك لوجدته رجلًا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كرِه لكم ثلاثًا؛ قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)[1].
والإسراف إضاعةٌ للمال، وتخوُّض فيه بغير حق.
قال صلى الله عليه وسلم: ((إن رجالًا يتخوَّضون في مال الله بغير حق، فلهم النارُ يوم القيامة))[2].
وقالوا في الأمثال العربية الحكيمة: لا خير في السَّرَف، ولا سَرَفَ في الخير.
وهو مِن أجمع الأقوال؛ فإن السرَف لا خير فيه؛ فهو مذموم، بخلاف الصدقة والنفقة، والعطية والهِبة، ولا سرَف في الخير؛ أي: إذا أنفقت في سبيل الله، وابتغاء مرضاته، وفي صلة الأرحام والأصدقاء والمحتاجين، وفي إنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد - فهذا لا سَرَفَ فيه، وإن كثُرت النفقة.
وصُوَر التبذير في عصرنا الحالي كثيرة، نذكر بعضها، وهي تدورُ في مواضيعَ رئيسة، هي:
1- التبذير في الطعام والشراب.
2- التبذير في الملابس.
3- التبذير في السيارات.
4- التبذير في السفر.
5- التبذير فيما لا يحتاج إليه، وهذه تنقسمُ لأقسام؛ كالزوائد: (الإكسسوارات Accessories)، والتماثيل (مع حرمتها المؤكدة في القرآن والسنَّة)، والصور، والهواتف النقالة، والساعات، والأبنية، والقصور، والسجاجيد.
فأما الإسرافُ في الطعام والشراب فهو مما يُدْمي القلب مع كثرة الجائعين في بلاد المسلمين، ورغم أن العلماءَ قد وصلوا إلى القمر - كما يزعمون - وإلى الكواكب، فإنهم لم يصلوا إلى حلٍّ يشبِع الناس من الخبز، ويحل أزمة الجائعين؛ فإن الإحصائياتِ عن عدد الجائعين في العالم تبلغ واحدًا مِن كل سبعة أشخاص.
قالت جوزيت شيران، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، لموقع CNN الإخباري: إنه مع ارتفاع أعداد الجوعى في العالم لتبلغ مليار شخص لأول مرة في التاريخ، يجب بذلُ مزيد من الجهود والتنسيق لإطعام العالم في العام المقبل.
في المقابل يُنفِق أصحابُ الولائم في بعض البلاد آلافَ الدنانير على ما يرمى أكثرُه، خاصة أننا اليوم أصبحنا ندَّعي الأدب والذوق، فلا نكمل صحن الطعام كاملًا، بزعم أن ذلك ينافي آداب الأكل! سبحان الله! وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والناس إلى عهد قريب يأكلون الطبق كاملًا، فما الذي تغير حتى أصبحنا نفخر بأننا لا ننهي طعامنا على المائدة سوى التقليد الأعمى للغرب؟
على أن الأجانبَ يأكلون طعامهم كاملًا، ولكننا مِن جهلنا المفرط نتابع الأفلام التي تعرض الأكاذيب، ومواقع الإعلام التي تحلِّي الكذب، فتجعله أحلى من الحقيقة، ونعتبر هذا علمًا نافعًا، فنسأل الله أن يرد المسلمين إلى دِينهم!
وقد كانت العرب تعاني من قلة الطعام، فكانوا لا يأكلون إلا جماعة، وبهذا نزلت الآيات في سورة النور: ? لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَ?ى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? [النور: 61].
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -:
وقيل: المراد - ها هنا - أنهم كانوا يتحرجون مِن الأكل مع الأعمى؛ لأنه لا يرى الطعام وما فيه من الطيبات، فربما سبقه غيره إلى ذلك، ولا مع الأعرج؛ لأنه لا يتمكن من الجلوس، فيفتات عليه جليسه، والمريض لا يستوفي من الطعام كغيره، فكرهوا أن يؤاكلوهم؛ لئلا يظلموهم؛ فأنزل الله هذه الآية رخصة في ذلك، وهذا قول سعيد بن جبير، ومِقسم.
وقال الضَّحاك: كانوا قبل المبعث يتحرجون من الأكل مع هؤلاء تقذُّرًا وتقزُّزًا، ولئلا يتفضَّلوا عليهم؛ فأنزل الله هذه الآية.
عن مجاهدٍ في قوله تعالى: ? لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ? [النور: 61] الآية، قال: كان الرجلُ يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه، أو بيت أخته، أو بيت عمته، أو بيت خالته، فكان الزَّمْنى يتحرجون من ذلك، يقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوتِ غيرهم؛ فنزلَتْ هذه الآية رخصةً لهم.
وقال السُّدي: كان الرجلُ يدخل بيت أبيه، أو أخيه، أو ابنه، فتتحفه المرأة بالشيء من الطعام، فلا يأكل مِن أجل أن ربَّ البيت ليس ثم؛ فقال الله تعالى: ? لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ ? [النور: 61] إلى قوله: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ? [النور: 61].
وقوله: ? أَوْ صَدِيقِكُمْ ? [النور: 61]؛ أي: بيوت أصدقائكم وأصحابكم، فلا جناح عليكم في الأكل منها، إذا علمتم أن ذلك لا يشقُّ عليهم، ولا يكرَهون ذلك.
وقال قتادة: إذا دخلت بيت صديقك، فلا بأس أن تأكلَ بغير إذنه.
وقوله: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ? [النور: 61]، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: وذلك لما أنزل الله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ? [النساء: 29]، قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكلَ أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو أفضل من الأموال، فلا يحلُّ لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكف الناس عن ذلك؛ فأنزل الله: ? لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى ? [النور: 61] إلى قوله: ? أَوْ صَدِيقِكُمْ ? [النور: 61]، وكانوا أيضًا يأنَفون ويتحرَّجون أن يأكل الرجل الطعام وحده، حتى يكون معه غيره، فرخَّص الله لهم في ذلك، فقال: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ? [النور: 61].
وقال قتادةُ: وكان هذا الحيُّ من بني كنانة يرى أحدهم أن مخزاةً عليه أن يأكلَ وحده في الجاهلية، حتى إن كان الرجل ليسوق الذود الحفَّل وهو جائع، حتى يجدَ مِن يؤاكله ويشاربه؛ فأنزل الله: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ? [النور: 61].
فهذه رخصةٌ مِن الله تعالى في أن يأكل الرجل وحده، ومع الجماعة، وإن كان الأكل مع الجماعة أفضلَ وأبرَكَ؛ كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبدربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وحشيِّ بن حرب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نأكلُ ولا نشبَع، قال: ((فلعلكم تأكلون متفرِّقين؛ اجتمِعوا على طعامكم، واذكروا اسمَ الله يُبارَكْ لكم فيه)).
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث الوليد بن مسلم، به؛ انتهى بتصرف.
وقال الشيخ المجدد، حافظ الوقت، علَّامة الحديث، ومحدِّث الأمة: ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في كتابه النافع: السلسلة الصحيحة، المجلد الثالث، الحديث رقم 1404: ((إذا طعِم أحدكم فسقطت لقمته من يده، فليُمِطْ ما رابه منها، وليطعَمْها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعَقَ يده؛ فإن الرجلَ لا يدري في أي طعامه يبارك الله؛ فإن الشيطان يرصد الناس ـ أو الإنسان ـ على كل شيء، حتى عند مطعَمه أو طعامه، ولا يرفع الصحفة حتى يلعَقَها، أو يُلعِقَها؛ فإن في آخرِ الطعام البركةَ)).
أخرجه ابن حبان (1343)، والبيهقي في شعب الإيمان (2 / 187 / 2) من طريقين عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر - وقال البيهقي: أنه سمع جابرَ بن عبدالله يحدث - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
وتابَعه ابن لَهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر به؛ أخرجه أحمد (3 / 394).
والحديث في صحيح مسلم (6 / 114) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر به، دون قوله: فإن الشيطانَ يرصد..؛ ولهذا تعمَّدت إخراجَه من طريق ابن حبان والبيهقي، ولِما في رواية الثاني منهما من تصريح أبي الزبير بالتحديث؛ فاتصل السند، وزالت شبهةُ العنعنة الواردة في رواية مسلم.
قلت -الألباني-: ومِن المؤسف حقًّا أن ترى كثيرًا من المسلمين اليوم - وبخاصة أولئك الذين تأثروا بالعادات الغربية والتقاليد الأوربية - قد تمكَّن الشيطان من سلبِه قسمًا من أموالهم، ليس عدوانًا، بل بمحض اختيارهم، وما ذاك إلا لجهلهم بالسنَّة، أو إهمالًا منهم إياها، ألست تراهم يتفرقون في طعامهم على موائدهم؟!
وكل واحد منهم يأكل وحده - دون ضرورة - في صحن خاص، لا يشاركه فيه - على الأقل - جاره بالجنب، خلافًا للحديث السابق، (664): ((اجتمِعوا على طعامكم، واذكروا اسمَ الله تعالى عليه، يُبارَكْ لكم فيه)).
وكذلك إذا سقطت اللقمة من أحدهم، فإنه يترفَّع عن أن يتناولها ويميط الأذى عنها ويأكلها، وقد يوجد فيهم من المتعالمين والمتفلسفين مَن لا يجيز ذلك، بزعم أنها تلوثت بالجراثيم والميكروبات! ضربًا منه في صدر الحديث؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: ((فليُمِطْ ما رابه منها وليطعَمْها، ولا يدعها للشيطانِ)).
ثم إنهم لا يلعَقون أصابعهم، بل إن الكثيرين منهم يعتبرون ذلك قلة ذوق، وإخلالًا بآداب الطعام؛ ولذلك اتخذوا في موائدهم مناديلَ من الورق الخفيف النشاف، المعروف بـ: (كلينكس)، فلا يكاد أحدهم يجد شيئًا من الزهومة في أصابعه، بل وعلى شفتيه إلا بادَر إلى مسح ذلك بالمنديل، خلافًا لنص الحديث، وأما لعقُ الصَّحْفة - أي لعق ما عليها من الطعام بالأصابع - فإنهم يستهجنونه غاية الاستهجان، وينسبون فاعله إلى البخل، أو الشراهة في الطعام.
ولا عجَبَ في ذلك مِن الذين لم يسمعوا بهذا الحديث؛ فهم به جاهلون، وإنما العجب مِن الذين يسايرونهم ويداهنونهم، وهم به عالمون، ثم تجدهم جميعًا قد أجمعوا على الشكوى مِن ارتفاع البركة مِن رواتبهم وأرزاقهم، مهما كان موسَّعًا فيها عليهم.
ولا يَدْرون أن السببَ في ذلك إنما هو إعراضُهم عن اتباعِ سنَّة نبيِّهم، وتقليدهم لأعداء دينهم، في أساليب حياتهم ومعاشهم؛ فالسنَّةَ السنة أيها المسلمون؛ ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ? وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ? [الأنفال: 24]؛ انتهى كلامه رحمه الله.
وقال حاتم الطائي - المشهور بالكرم - شِعرًا:
أيا ابنةَ عبدِا?لله، وابنةَ مالكٍ
ويا ابنةَ ذي البُرْدَيْنِ والفرَس الوردِ
إذا ما صنعتِ الزادَ، فال?تمِسي له
أكِيلًا؛ فإني لستُ آكِلَه وحدي
أخا طارقًا، أو جارَ بيتٍ، فإ?نني
أخافُ مذمَّاتِ الأحاديثِ مِن بعدي
وإني لعبدُ الضيفِ ما د?ام ثاويًا
وما فيَّ إلا تلك مِن شيمةِ العبد
انظروا - رعاكم الله - إلى هذا، وكيف يُلقى أكثرُه في القمامة أعزكم الله، ثم لا يجد الفقيرُ - إذا مد يده طالبًا - ما يسُدُّ به رمقه سوى ما ذكره المبتلى في بني إسرائيل: ((الحقوق كثيرة))[3].
هذا، وبالنسبة للملابس فإنها خدعة قديمة نشرها اليهود في فرنسا قبل الثورة الفرنسية (1798 م) بهدف جَعْل الفقراء المساكين يشترون لباس الأغنياء، فيبذلون الغالي والنفيس في سبيله، مع أن الثياب ثياب، وكلها منسوجات من مخلوقات الله؛ قال عز وجل في سورة النحل: ? وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ? [النحل: 80، 81].
ثم تجد المصانعَ تتفق على لون واحد في وقت واحد يسمُّونه: موضة Moda ، وهي في كلِّ مجالٍ؛ في السيارات، والأطعمة، والألبسة، والساعات، وهي مِن سخافات العقول؛ فإن منتجًا واحدًا مصدره واحد لا يجوز أن يختلف ثمنُه بين البائعين إلى حدٍّ يفوق المائة مرة، فيكفي أن يكون ارتفاع طفيف بين الأسعار كي يربح تاجر ويخسر آخر، لكن ما يفعله أهل الموضة هو أن يأتوا لمَا يسمونه: علامة تجارية أو عالمية Trade Mark فيرفعوا سعره أضعافًا مضاعفة، يعرِف هذا مَن شاهد المنتجات، وبالمثال يتضح المقال:
1- كيلو طماطم 10 دولارات، وحبة الطماطم في مطعم ماكدونالدز دولار واحد، مَن يُحسِن الرياضيات فليحسبها!
2- ووجبة الهمبرجر Hamburger تكلف ستة دولارات، ولو اشتريت كيلو برجر مِن الجمعية أو السوق، فهو بستة دولارات أيضًا.
3- ساعة كارتير Cartier نرويجية الصنع، ثمنها 36