روى التّاريخ الإسلاميّ قصصاً عن العباد و الزّهاد الذين وجدوا في عبادة الله سبحانه الرّاحة و الطمأنينة ، فتجدهم حين يرخي الليل سدوله ينصبون أقدامهم و يتوجّهون بقلوبهم و جوارحهم إلى الله عز وجل ، فيبتهلون إليه و يدعونه بأحبّ الاسماء إليه ، عشقوا الخلوة مع الله فبدت آثار ذلك عليهم نوراً و بهاءاً حتى سئل أحد التّابعين لم نر العابدين أحسن النّاس وجوهاً ، قال لأنّهم خلوا بالرّحمن فألبسهم نوراً من نوره ، فبالصّلاة يتّصل العبد مع ربّه بأداء ركعاتٍ مستحضراً عظمة الخالق و مستشعراً رحمته ، فيقرأ القرآن و يدعو الرّحمن فيطمأن الجنان و تسكن الأركان ، فيجد اللذة المنشودة و الرّاحة المأمولة و يرضى عنه الرّحمن و من رضي الله عنه فقد أفلح و فاز .
و قد فرض الله سبحانه و تعالى على المسلمين خمس صلواتٍ يؤدّونها في اليوم و الليلة ، و قد سنّ الرّسول عليه الصّلاة و السّلام صلواتٍ نافلةٍ منها صلاة الضّحى و هي صلاة الأوّابين ، و تشرع صلاة الضّحى من وقت ارتفاع الشّمس قدر رمحٍ في السّماء إلى وقت الزوال ، و حول أدلة مشروعيّتها فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنّها عبادةٌ مستحبةٌ ، من شاء إدراك ثوابها أدّاها و من لم يرد ذلك لم يكن عليه إثمٌ أو حرجٌ ، و من يستدّل على استحبابها يستند على أحاديث صحيحةٍ منها ما رواه الصّحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه من أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أوصاه بثلاثة أمورٍ منها صيام ثلاثة أيام من كلّ شهرٍ ، و أن يصلّي الضّحى و أن يوتر قبل أن ينام ، و هناك طائفةٌ من العلماء ترى أنّها مشروعةٌ لسببٍ ، و أنّ الرّسول صلّى الله عليه و سلّم حين فتح مكّة صلّى ثماني ركعاتٍ و سمّيت بصلاة الفتح التي شرعت بعد ذلك فكان ممّن صلّاها سيّدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه ، و هناك طائفةٌ من العلماء ترى أنها بدعة و غير مشروعة و استدلوا بحديث عن ابن عمر و أنّه لم ير رسول الله يصلّيها و لا الصّحابة الكبار أمثال أبو بكر الصّديق و عمر بن الخطاب ، و الرّاجح أنّها سنّةٌ مستحبّةٌ يؤجر المسلم عليها و يتقرّب إلى الله بأدائها