وُلد محمد بن عبد الكريم الخطابي في بلدة أجدير بالريف في المغرب سنة 1883، سمّاه والده بمحمّدٍ على اسم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ليناله من بركاته فرباه تربيةً صالحةً منذ طفولته، فتتلّمذ على يديه وحفظ القرآن الكريم وعلّمه اللّغة العربيّة، ثمّ بعثه إلى جامعة القرويين في مدينة فاس ليتعلّم الفقه الإسلامي والحديث النّبوي، حتى أصبح في خلال فترة قصيرة قاضي القضاة في مدينة "مليلية" المغربية، ولم يكن يتجاوز الثّالثة والثّلاثين من عمره، وفي هذا دليلٌ على نبوغ عقله وفكره.
كانت بلاد المغرب العربي الإسلامي محطّ أنظار الاستعمار الغربي منذ تاريخ العالم الإسلامي، الذي أراد أن يضع كلتا يديه على مصنع الحضارات، وإعداد الأبطال أمثال القائد المجاهد طارق بن زياد وفتح الأندلس، فقرروا إنهاء العالم الغربي الإسلامي بتقسيمه إلى دويلات، وفرض سيطرتها، فاستولت فرنسا على مملكة المغرب موريتانيا، وأخذت إسبانيا القسم الشّمالي من الصّحراء الغربية، وصولًا إلى الرّيف المغربي، فأرسل عبد الكريم الخطابي إلى القبائل حتى يجمعها على كلمةٍ واحدةٍ، حتى وقع ابنه محمد في يد الإسبان، فبدؤوا يضغطون عليه