لا يستطيع أيُّ مسلمٍ اطلع على التاريخ الإسلامي ألّا يتذكّر الفاروق عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين عندما يذكر العدل، فهو الذي أرسى العدل في بقاع الدولة الإسلامية، بحيث أصبح أحدوثةً للجميع، فهو من قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ".
في ذات يومٍ خرج عمر بن الخطاب ومعه أسلم يتفقد أحوال الرعية، فوصل إلى امرأةٍ في حرّة واقم، فرأى امرأة وأباءها يبكون على قدرٍ في الخيمة، فعندما سألها عن هذا قالت له إنّهم يبكون من الجوع، وأنّ في القدر ماءً تسكتهم به، ولم تكن تعرف أنّه أمير المؤمنين فأخذت تدعو عليه أمامه، فذهب إلى دار الدقيق وأحضر لها الطعام وأبى -رضي الله عنه- إلّا أن يحمله وهو يقول لأسلم الذي تبرع أن يحمله عن أمير المؤمنين: أنت تحمل عني وزري يوم القيام، لا أمّ لك! فعندما وصلا إلى المرأة أخذ -رضي الله عنه- يطبخ لها وهي تطعم أولادها، وبعد أن فرغ ذهب عنها وهي تدعو له ولم تعلم أنّه أمير المؤمنين، فاختبأ -رضي الله عنه- ولم ينصرف حتى رأى أولادها يضحكون وينامون.