ذكر الله سبحانه أنّ من تقواه تعظيم شعائره، ومن جملة شعائره البدن، التي ذكرها في قوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} والبدن هي من البدانة أي السمنة وعظم الجثة، وقيل أنها الأبل لأنها أكثر لحمًا، وقيل أنها الإبل والبقر، وقدم الله البدن تنبيهًا على أهميتها وعظمتها، فقال: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ}، أي من أمارات الحج وعلاماته، التي إذا فعلتموها عظمتم الله بها، ثم قال: {لكم فيها خير}، أي نفع في الدنيا من إطعام الفقراء، وإدخال السرور على قلوبهم، وإشعارهم بأن المجتمع يشعر بهم وأن لهم الحق في الفرح والبهجة في العيد، وفي الآخرة رضا الله الجليل والثواب الجزيل، والنزل الحسن الجميل.وقوله سبحانه: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}, صواف أي قائمات ثم اعقلوا اليد اليسرى للبدنة فتكون على ثلاث قوائم، ثم سموا الله وكبروه ثم انحروها، ومن ذلك ما روي حيث قيل: "رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، أتَى علَى رَجُلٍ قدْ أنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ",ثم قال سبحانه: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}، أي سقطت على الأرض بعد زوال الروح منها، وأسقط الجزّار جنوبها، فهي بهذه الحالة يصلح أن يؤكل منها، وذكر الله هذا الوقت أي وقت النحر إشارة إلى الإسراع في الانتفاع بها