وقبل الشّروع في الشّرح التّفصيلي لقوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا}، لا بُدّ من التّنبّه إلى أنّ هذه الآية تضمّنت العديد من المسائل ومنها: مسألة نفخ الرّوح التي سبقت الحمل والانتباذ، حيث اختلف العلماء في النّافخ هل هو الله تعالى أم جبريل -عليه السّلام- والظّاهر هو الله تعالى والدّليل على ذلك قوله تعالى في سورة التّحريم: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا}،وآخرون يرون أنّ النّافخ هو جبريل لقوله تعالى على لسان جبريل: {فقال إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} كما أنّهم اختلفوا في كيفيّة النّفخ، فمنهم من قال أنّ جبريل نفخ في جيبها فحملت، ومنهم من قال بأنّ النّفخ حصل من خلفها حتى وصل فرجها، وآخرون يرون أنّ النّفخة دخلت من صدرها عندما نُفخ في جنبها، ممّا يعني أنّ الحمل تسبقه نفخة بأمر من الله ويكون ذلك بالالتقاء بين الرّجل والمرأة، ومن المعلوم أنّ مريم -عليها السّلام- كانت عذراء ولم يمسسها بشر، لذلك عندما بُشّرت بعيسى ونُفخت فيه الرّوح تركت قومها واعتزلت بنفسها
العربية
