إنّ العلمَ أفضلُ ما يودّ الإنسان الوصول إليه، وأشرفه، كيف لا وقد رفع الله تعالى أهله درجات، وجعل من مكانتهم مُنتهى ما يتمنّاه الإنسان، فقد ميزهم عن غيرهم، وأبى أن يتساوى صاحب العلم وصاحب الجهل، فالعلم فضيلة، ونور الحياة، وأساس كلّ حضارة، وتطوّر، وهو كماء المطر إن أقبل احتضنته الأرض النقية الخصبة، فأخرجت منه الخير كلّه من خُضرة، وجمال، ومنفعة للناس بشربة وحياة، فله فضل لا يُحصى، ومنفعة لا تنتهي،ومن فضائل العلم وأهله:
جاء الإسلامُ بنظرة ثورية إلى العلم، فأول ظهوره كان في بيئة، ومجتمعات لم تعتد على العلم، لا لفظاً، ولا تطبيقاً، حتى سُميت حقبة ما قبل بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالعصر الجاهلي، فخرج الإسلام دافعاً للعلم، وموجباً له، ليكون نورَ الدنيا، ويُسرَها، وأساساً للوصول لربوبية الخالق ووحدانيته، فقد جعل الله من العلم منهجَ حياة، ودستوراً لا يُستفتى عليه، كيف لا وقد كان أولَ ما نزل به الوحي على محمد النبي أمر من الله بالقراءة، فتكاد لا تخلو سورة في القرآن الكريم إلّا وتحدّثت عن العلم مباشرة، أو ضمناً، فقد ورد في كتاب الله لفظ العلم، أو معناه بما يتجاوز السبعمئة وخمسين مرّةً، كما واهتم القرآن بالعلم منذ البداية، فذكر خلق الإنسان، والكون، والسماوات، والأرض.
إنّ عمارة الأرض، وتطوّر الحضارات لم يكن لولا تجارب العلم في شتّى مجالات الحياة، من صناعة، وزراعة، واقتصاد، وطبابة، وهندسة، وغيرها، ولولا الرسوخ في استخدام كل الوسائل العلمية، ونجاحها في الإدارة، والأمانة في تطبيق العلم في العمل، فلا يوجد في الحياة ما هو أكثر إلحاحاً من العلم، فلا شكَّ بأنّ من ينظر بعين الموضوعية ما بين طبيعة الحياة على مرّ العصور، ومقارنتها بما هي عليه الآن من نقلات كبيرة وعظيمة في كل المستويات فإنّه لا بدّ وأن يرى أهمية العلم في ذلك، لا بل سيدرك أنّه لن يكون هناك تطوّر في الفهم والتفكير، وبناء الإنسان، والمجتمع، والأمور الحياتية بدون تطوّر للعلم، ذلك العلم الذي بُني تراكمياً مُنذ آلاف السنين.
موسوعة موضوع