الرّسم على الجدرانِ أو ما يُسمّى بالجرافيتي هو أحد الفنون الّتي تعتمد التّعبير بالرّسم على الجدرانِ بطريقةٍ فنيةٍ، وقد ظهر هذا النّوعُ من الرّسمِ على الجدران منذُ أقدمِ العصور؛ حيث أبدعتِ الحضارةُ الفرعونيةُ في هذا المجال؛ عندما تركوا لنا موروثاً حضارياً زاخراً، وتوثيقاً لا مثيل له على جدران أهراماتهم وكلّ ما وصل لنا من حَضارتهم.
أصبح هذا النّوع من الفنون من أكثر الوسائل قدرةً على إيصال الرّسائل للتعبير عن فكر صاحبهِ أو عن قضيّةٍ سياسيةٍ أو اجتماعية يحاولُ فيها الشّخصُ وبطريقةٍ عفويةٍ إيصالَ فكرهِ بطريقةٍ جميلةٍ ومبدعةٍ؛ حيث تنوّعت طرق الرّسم لتشمل الرّسم الثنائي وثلاثي الأبعاد. لاقى هذا النّوع من الفنونِ استحسان الأفراد والمجتمعات لما ساعدَ به من جذبِ أنظارِ المجتمعات والحكومات إلى قضايا مُعيّنة بغض النّظر عن العرق والدّين والفئةِ العمريةِ والثّقافة والّلغة، فقد اعتمد على الرّسوم والصّور في التّعبير عن ذاته وأفكاره دونَ الحاجةِ في كثير من الأحيانِ إلى كتابةِ الكلمات.
تعدّدت الأماكن الّتي يضع فيها هؤلاء الرّسامون رسوماتهم، حيث نجدها تتوزع على جدران الأماكن العامةِ شديدةِ الازدحام كمحطاتِ القطاراتِ والباصاتِ والشّوارع العامة؛ بوصف هذا النّوع من الرّسومات يستخدم أيضاً كنوعٍ من الدّعاية والإعلان عن المواضيعِ الّتي يطرحها.
يقع هذا النّوع من الرسوم بين مؤيدٍ له لما له من طرحٍ لأفكارٍ نبيلةٍ ومعالجةٍ للعديد من القضايا الانسانية، ومعارضٍ يرى أنّ هذه الرسومات ما هي إلا وسيلة للتخريبِ والتّشويهِ. ويسعى العديد من فناني هذا المجال إلى تغييرِ وجهاتِ النّظر أو التّقريب بين أطرافه عن طريق وضعِ طرقٍ قانونيةٍ لهؤلاءِ الأشخاصِ وأماكن محدّدةٍ لهم للتّعبير عن أفكارهم ضمن قواعدَ عامةً وقانونيةً، وإعطاء تراخيصَ لهؤلاء الفنانين ليقوموا بأعمالهم بطرقٍ قانونية وللتقليل من الأضرار التّي قد يتسبّب بها من تشويه للأماكنِ العامة.
هناك جرافيتي في كلّ العالم، ومن المدن التّي تتصدّر هذا الفن هي نيويورك وبوينس أيرس وبرلين وسياتل ولندن. والفنّانون المعروفون بهذا المجال هم ديفيز وديديه، وكلون، وبنيامين سوبالا، وزيرو سينتس، وآخرون كَثيرون. وأعمالهم عديدةٌ ومنتشرةٌ على الكثير من الجدران والمباني والأرصفة.
تستخدمُ في هذا النّوع من الرّسم بخاخاتُ الألوان والدّهانات المختلفة، إلا أن البخاخ هو النّوع الأكثر استخداماً والأكثر شيوعاً بين الرسامين وتقوم بعض الشّركات كشركةِ مونتانا الألمانية بتوفير أدوات الرسم لهؤلاء الفنانين حسب رغباتهم. يعدّ هذا النّوع من الرّسوم وخاصّةً إذا وضع ضمن قوانين وآداب عامةٍ وسيلةً مهمةً ومبتكرةً في التّعبير عن الأفكارِ ومنبراً حراً للتعبير عن آراء النّاس وقضاياهم.