ذات يوم أشتد ألم الولادة على الزوجة وذهبت مع زوجها إلي المشفى ، لتتم عملية الولادة بعد طول انتظار وبعد 9 أشهر ، من التعب والمعاناة ، مع فترة حمل عصيبة ومليئة باللحظات السعيدةواللهفة للمولود الجديد .
دخلت الزوجة غرفة العمليات تتطلع إلى تلك اللحظة التي تسمع فيها بكاء مولدوها الجديد إعلانا عن مجيئه للدنيا ، أخذ الطبيب يفتح طيات البطن ، حتى يصل للمولود ، وأخرجه إلى الدنيا ومع سماع بكاء الطفل ، وبدء لحظات الحياة ، له كان في نفس الوقت الأم تنهى حياتها ، فقد تعرضت الأم لنزيف شديد وعجز الطبيب على السيطرة عليه ، في هذا اليوم خرج طفل جديد للعالم ولكن لم تكتمل الفرحة لوفاة والدته .
ترحيب ووداع : سلم الزوج قدره لله تعالى ، لكن بينما يحمل مولودة الجديد تسائل في ذهنه : كيف يرعى هذا الكائن الصغير ، دون أدنى خبرة لذلك ، وكيف سيتولى مسئوليته ؟ .
وفى لحظات قليلة كانت الإجابة لدى الأب موجودة ، فقد قرر أن يعطيه لأخت زوجته لتتولى تربيته ، وبالفعل حمل الأب الطفل إلى أخت زوجته ، وترك ليبدأ حياة جديدة بدون زوجة وبدون طفل.
حياة جديدة : بعد مرور 3 أشهر قرر الأب الزواج وبدء حياة جديدة ، وبالفعل تزوج الأب وأنجب طفلين ، وفى يوم من الأيام وبعد مرور 4 أعوام ، من زواجه الجديد ، وإنجابه الطفلين فكر الأب أن يطلب من أخت زوجته أن يضم ابنه لأسرته الجديدة ، وبالفعل ذهب إلى أخت زوجته وكان لم يرى الطفل منذ 4أعوام ، وإذ به طفل جميل لكن عيناه تعبر عن نقصه لمشاعر آخري غير تسديد احتياجاته المادية .
لقاء بعد البعاد : خرج الأب مع ابنه وذهبا إلى البيت وتعرف الطفل على أخوته ، وعلى زوجته الثانية في اليوم التالي ، ذهب الأب للعمل وترك ابنه مع أخوته وزوجته الجديدة ، كانت زوجته الجديدة قاسية جدا على الطفل ، وتنظر له انه دخيل على الأسرة ، وكانت تعامله بقسوة وكانت تهزأ من تصرفاته لان الطفل ، قد تربى 4 أعوام في قرية تابعة للمحافظة التي يسكنها والدة ، فتطبع بطباع ريفية ، كانت في نظرزوجة والده إنها ليست على المستوى الراقي لتتعامل معه .
وفى المساء كانت الزوجة على موعد مع صديقاتها في المنزل لتناول العشاء معا ولأن الزوجة خشيت من أن يحرجها الطفل ، بتصرفاته التي لا تليق بمقامها على حد ظنها قررت أن تحبس الطفل في حديقة المنزل الخلفية ، انقضت ساعات وساعات وتناول الصديقات العشاء ورحلوا ونسيت الزوجة أن تفتح باب الحديقة لتدخل الطفل .
نسيان الطفل : أتى الزوج في منتصف الليل وعاد متعبا وتناول العشاء سريعا ، وذهب لغرفته لينام ، ويا لها من مأساة فكانت تلك الليلة أقسى ليالي الشتاء بردا ، بل وبدئت الأمطار تتساقط بغزارة أثار رعب في قلب الطفل ، وظل الطفل يصرح ويقرع على الباب لكن للأسف كله منعم بالنوم العميق الدافئ ، ولا أحد يسمعه .
ظل الطفل يرتعش من البرد وقد تبللت ملابسه ويحاول الاختباء تحت الشجر لكن كانت شدة المطر تخترق أوراق الشجر لتصل له ، وتسقط عليه و حاول الطفل المثابرة وظل يركض من هنا لهنا لمحاولة النجاة ، من صقيع البرد وشدة الأمطار لكن دون جدوى .
مرت الساعات وأخيرا أتى الصباح ، استيقظ الأب ليذهب للعمل وقتها تذكر انه أحضر طفله منذ الأمس من عند أخت زوجته ، دخل غرفة الأطفال فإذ بها طفلان فقط ، ذهب لزوجته وتسائل أين ابنه الثالث ، وقتها تذكرت زوجته إنها تركته في حديقة المنزل .
ركض الأب إلى حديقة المنزل ، وإذ بالطفل منكمش على نفسه منطرح على الأرض ويسوده اللون الأزرق ، أمسك الأب بالطفل فوجده مبللا بالماء وجثة هامدة ، ظل الأب يبكى ولكن بالطبع لن يعيد البكاء الطفل .
مغزى القصة : هنا أتسائل : كيف كانت قسوة هذا الأب أن يترك طفله الوحيد 4 سنوات ، دون أن يطمئن عليهويتابع مراحل نمو طفله ، والتي يتمنى اي شخص أن يعاصرها ؟ ، وكيف كانت قسوة هذا الأب أن يعود للمنزل دون أن يطمئن على طفله ؟ .
هل مشاعر الأبوة أصبحت متضائلة لدى البعض ؟ أرجو من كل أب وأم وزوجة أب ، أن يراعوا الله في معاملة الأنباء والناس أيا كانت درجة القرابة معهم ، أتمنى أن تكون تلك القصة بمثابة إنذار لمعرفة كيف نتعامل مع أطفالنا ، بل وكيف نقدم لهم الرعاية المعنوية قبل المادية .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.