طفلة جميلة ولدت كغيرها من الأطفال ، بصحةٍ جيدة ، ولكن يشاء القدر عند بلوغها سن تسعةَ عشرَ شهرًا ، أن تٌصاب بحمى شديدة على إثرها فقدت السمع والبصر .
قام الأطباء بتشخيص المرض على أنه التهاب السحايا ، والحمى القرمزية ، والذي أفقدها السمع والبصر ، وعلى أثر فقدها للسمع فقدت هيلين كيلر النطق أيضًا ، فأصبحت عمياء وصماء وبكماء .
مولدها ونشأتها : ولدت هيلين كيلر في مدينة توسكومبيا في ولاية ألاباما الأمريكية ، عام 1880م ، ولدها هو الكابتن آرثركيلر وولدتها كايت أدامز كيلر ، وتعود أصول العائلة إلى ألمانيا ، وأصيب وهي صغيرة بمرض أفقدها البصر والسمع .
ولكن يشاء القدر أن يضع في طريقها سيدة ، كانت الأكثر قدرة في التعامل مع إعاقة هيلين كيلر ، وهي السيدى مارتا واشنطن ابنة طباخ عائلة هيلين .
في البداية واجهت مارتا صعوبة كبيرة في كسب ود هيلين ، والتي كانت قد بلغت السابعة من عمرها ولا تعرف أي شيء عن المحيط الذي تعيش فيه ، إلا بواسطة اللمس والشم فقط .
وكانت قد حصلت مارتا واشنطن على تفويض وتصريح من عائلة كيلر ، لنقل هيلين إلى بيتٍ صغير في حديقة المنزل بعيدًا عن العائلة ، لتصبح مع معلمتها ، ولتبدأ معها علاقة ود استمرت 49 عامًا .
واستطاعت مارتا واشنطن أن تكسب ود هيلين ، وتجعلها تتعلق بها ، وحينها بدأت بتعليمها بأسماء الأشياء التي تلمسها ، استعانت بطريقة تهجئة الاسم ، بالضغط على يدها الصغيرة بإشارات ترمز إلى الحروف .
العلم في حياة هيلين كيلر : وبعدها تهيأت هيلين نفسيًا ، للذهاب إلى معهد لتعلم القراءة والكتابة على طريقة برايل ، وقد كشفت سريعًا عن قدرات مدهشة بالتعلم ، إذ أصبحت تقرأ وتكتب على الآلة الكاتبة بسهولة وبسرعة ، وعندئذٍ أبدت رغبتها بتعلم الكلام .
لقد تمكنت هيلين وهي المحرومة من البصر والنطق والسمع ، أن تدرس الحساب ، والجغرافيا ، والفلسفة ، وعلمي الحيوان والنبات ، وأتقنت الفرنسية والألمانية ، واللغة اللاتينية واليونانية ، إلى جانب اللغة الإنجليزية .
وأصبحت كيلر تحاضر في الجامعة ، وتكتب للصحف ، وتؤلف الكتب ، مع إجادتها لركوب الخيل ، والسباحة ، والتجديف ، وقيادة القوارب الشراعية والدراجات ، إلى جانب اهتمامها ذوي الاحتياجات الخاصة ، وسفرها الدائم من أجل جمع التبرعات لهم .
في عام 1891م تعرفت هيلين على قصة الفتاة النرويجية “راغنهيلد كاتا ” ، والتي كانت هي أيضًا فينفس الظروف ، صماء وبكماء لكنها تعلمت النطق وتستطيع التحدث .
كانت قصة راغنهيلد كاتا مصدر إلهام لهلين ، فالتحقت هيلين وهي في العاشرة من عمرها ، بمدرسة للصم في مدينة بوسطن ، حيث تعلمت كيفية نطق الكلمات من خلال تحسس حركات الشفاه والفك الأسفل .
حيث استطاعت هيلين ، نطق عدد من الكلمات ، وبعد شهر واحد من البداية ، كانت قادرة على الاستماع إلى كل الكلام الذي يقال أمامها ، ولم تمتلكها إلا بعد عشرين عامًا من التمرين على طريقة وضع الإبهام على حنجرة المحدث والسبابة على زاوية فمه ، والإصبع الأوسط على منخره لتحسس الحركة والذبذبات .
إنجازات هيلين كيلر : قبل تحقيق هذا الإنجاز الأخير ، التحقت هيلين بكلية رادكليف ، ثم بجامعة هارفرد ، وكانت أول فتاة تعاني من ثلاث إعاقات تلتحق بالجامعة ، وقد ساعدتها المعلمة مارتا واشنطن على متابعة المحاضرات ، وكانت تنقل لها بحركات الضغط على اليد ، المحاضرات وهي تقوم بحفظها ،حتى تخرجت من الجامعة بدرجة الشرف ، وهي بعمر الرابعة والعشرين .
ولم تتوقف هيلين عند هذا الحد ، بل تابعت التحصيل وأعطت اهتمامًا خاصًا للفلسفة ، وأظهرت قدرةً فائقة في تعلم اللغات وترجمت قصائد هوراس إلى اللغة الإنجليزية .
نشاطات هيلين كيلر : وإلى جانب كل ذلك أولت هيلين اهتمامًا خاصًا للنشاطات الترفيهية ، فمارست العديد من الهوايات ، وأتقنت بعضها إلى درجة التفوق على الأسوياء ، وكانت تشاهد المسرح والسينما مع معلمتها المحبوبة مارتا واشنطن ، والتي كانت تنقل لها ما يعرض بحركة الضغط على يدها بسرعة مائة كلمة في الدقيقة .
فقدت هيلين الكثير من الاستمتاع بالأشياء ، بعد وفاة معلمتها ، والتي كانت رفيقتها ونافذتها على العالم لمدة نصف قرن ، فتابعت عطاءها لفاقدي البصر ، استكمالًا لرسالة مارتا حتى وفاتها .
أهم مؤلفاتها : ألفت هيلين كتاب ( أضواء في ظلامي ) وكتاب (قصة حياتي ) في 23 فصلًا و132صفحة في عام 1902م .
واحدة من عباراتها الشهيرة: “عندما يُغلق باب السعادة يُفتح آخر ، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلًا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا ” .
وفاتها : وكانت وفاتها عام 1968م عن عمرٍ يناهز ثمانية وثمانين عامًا ، تاركةً لنا ذكرى خالدة وأثرًا في نفوسالأصحاء قبل ذوي الاحتياج ، فحقًا عندما يُغلق باب السعادة يُفتح آخر .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.