قصيدة تكب على دنياك وهي تبيد الشاعر أبو مسلم البهلاني

الكاتب: رامي -
قصيدة تكب على دنياك وهي تبيد الشاعر أبو مسلم البهلاني
تكب على دنياك وهي تبيد


وتفتقد النائي وأنت فقيد


حريصاً عليها جامعاً لحطامها


وغاية ما نافست فيه نفود


تساور ملحاحاً على نيل فائت


نعم كل ما يرجو الحصاد حصيد


تكالب فيها أهلها وتذودهم


وعمرك لو كنت اعتبرت تذود


ولو أملا أدركته لم تجد له


بقاء ولم تصحبك منه عهود


ولو وافقت أمنية في حصولها


أتتك وفيها للزوال قيود


وتبني بناء طينه نقض دارس


سيدرس يوماً والغرور جديد


ولو كان طيناً لم تخالطه رمة


لميت ولكن رمة وصديد


تعز عن الدنيا وأيقن بأنها


لئيمة طبع في الهبات تعود


وإنك إن تسكن إليها تركتها


وليس بها مما تركت حميد


تمنيك بالآمال وهي شحيحة


وتعطيك لين القول وهي حقود


تخائل حسناً وهي شوهاء غادر


وأنت بها مضنى الفؤاد عميد


تحذلق بالتمويه مكراً وخدعة


ولا شيء مما تدعيه سديد


ولو نلت منها طائلاً كان آفة


تداجي بها مغرورها وتكيد


تدانيك حتى تؤنس الصدق والصفا


وما الشأن إلا صائد ومصيد


ولو صدقت فالصدق في طي كذبها


إذا عاهدت بالوعد فهو وعيد


تكشف في أطوارها عن خلالها


وأنت لما خلف الستار شهيد


وذلك صدق لو تشاء حذرتها


عليه ونصح لو عقلت مفيد


تفطن لها في شعرها فهي شاعر


لها في أساليب النصيح قصيد


ألست تراها ريثما واصلت جفت


وإن أقبلت حيناً تلاه صدود


وفي هذه الحالات تحذير مبصر


وخصم إذا فكرت فيه ودود


إن مجال الخير والشر بينها


مجال اعتبار للعقول مديد


وإن الذي تأتي به من صروفها


صوارف عن تصديقها وسدود


ألا ترعوي والنوح في كل منزل


ومن عشت فيهم فاقد وفقيد


ألا ترعوي والدوراقوت وأهلها


لهم شققت فوق اللحود لحود


ألست ترى الغارات شنت رعالها


عليهن أودى والد ووليد


تمر بك الأيتام والدمع جامد


وآباؤهم تحت التراب جمود


خماص البطون استحوذ الغم والأسى


عليهم فها هم أعظم وجلود


إذا رجعوا نحو المنازل أظلمت


وضاقت عليهم والقلوب وقود


نبا عنهم من كان يحنو عليهم


إلى القرب منهم والمزار بعيد


سبيتم أطفال عليك أعزة


ويفضي بزيد ما عليه يزيد


وتصبح والأطفال والمال تربة


وتدرك ما قدمت وهو عتيد


نرى غاية الدنيا وكيف صروفها


ونحن على رأي الركون ركود


توبخها والذنب لا ريب ذنبنا


وقد أعذرت والطارقات شهود


ونستعقب الآجال والحكم فارغ


فما ثم تنقيص لها ومزيد


خليلي دلاني على جزء خطوة


خطونا ومن بعد المضي تعود


ذا بيدي نحو المنازل إذ خوت


عساها بخبر الظاعنين تجود


إذا لم نجد منها مجيباً فحالها


يخبر أن الظاعنين همود


وإن وجوهاً كالبدور تغيرت


فللدود طرف أحور وخدود


وإن كراماً أيقظوا المجد والعلا


سكون باحشاء القبور رقود


وإن شئتما أن تقنعاني فقررا


لنا وحشة مثل الممات ترود


وإن تعذلاني في نحيب ألفته


فاسكت عنه إنني لجليد


دعاني أسح الدمع سحاً عسى به


لواقد غم في الفؤاد خمود


خليلي ما دمع يزيل كآبة


ولكن قرظ القارظين شديد


خليلي قرظ القارظين أصارني


كما جذ من دوح وحطم عود


خليلي هدَّ الموت أركان دعوتي


فمن لي عمود بعدهم وعميد


أبى حدثان الدهر إلا انتقالهم


وهذا انتقال يقتضيه خلود


إلا أن مقدار الحياة مقدر


عليها وإن طال البقاء حدود


خليلي إن راعت رياض نضارة


فللماء في تلك الرياض وجود


فإن غيض عنها الماء غاضت حياتها


وعادت هشيماً للتراب يعود


فغن نبك أهل العلم نبك حياتنا


عليهم كما بالماء ينضر عود


حنتني عوادي الدهر غماً بفقدهم


على شرعات فتلهن شديد


إلى أن تشظى العود وانجرد اللحا


واصلب عود في الخطوب مؤود


خذا حدثاني عن شموس تساقطت


ببطن الثرى ماذا هناك تريد


نعم كونت تجري إلى مستقرها


وكل الذي يجري مداه ركود


إذا أرسلت شمس شعاعاً من الهدى


دعاها فلبت للخمود صعيد


أكل مراد الموت إن نهارنا


قصير وليل الراحلين مديد


اكفكف دمعي والرزايا تذيعه


فحزني قطين والدموع شريد


إلا كل حي في يد الموت حاصل


فماذا بكاء الفاقدين يفيد


وما ندب الأعمار مثل حدودها


لان نفاذاً يقتضيه وجود


لقد صدعت قلبي صوادع للردى


لهن انحدار بالأسى وصعود


ولا كمصاب القطب يوم تفطرت


قلوب بمعناه لنا وكبود


فذاك لعمري صادع لا تطيقه


جبال ولا يقوى عليه حديد


لقد جاز نزر العمر والعمر بائد


ولكن ما أبقاه ليس يبيد


مضى وله كنزان خير مقدم


وكنز علوم للعباد عتيد


تخلص للعقبى واعقب نافعاً


من العلم يبلي الدهر وهو جديد


هنيئاً مليكا لعلم لاقيت صالحاً


بما خلفه مما تركت يزيد


لقد شقي التغرير منك برفضه


وبادرت للباقي وأنت سعيد


رفضت فضول العيش خشية ذمه


وأنت غني ما حييت حميد


وإن نعيم الدهر والموت حده


نعيم ولو عند الغبي زهيد


ولم تجنح الدنيا إليك لمطمع


ومطمعها فيمن عداك أكيد


ولا قدرت تصطاد عندك لحظة


وقد طفقت للغافلين تصيد


نعم شئتها للحرث فالزرع قد زكى


وباركه الرحمن فهو حصيد


فيا قطب هذا الدين ياغوث ملكه


فديتك ما عن ذا الحمام محيد


تقربت من مولاك قرباً مؤبداً


وادعوك لا تبعد وأنت بعيد


ترحلت فالاسلام مقلة ثاكل


وأوجه أيام السعادة سود


ترحلت لا تبعد وهل لك أوبة


وواحربا اوب اللحيد لحيد


فهلا تركت العيش بعدك صالحاً


وهيهات ما عيش الحزين رغيد


إذا شئت أن أحيا بعيدك عامداً


أردت حياة للحياة تذود


وإني لأدري إن للحي غاية


وإن صدوراً حيث كان ورود


ولكن رفع العلم في موت أهله


وهذا لأشراط القيام شهيد


انقضي على جهل أمانة ربنا


ويرقبها وعد له ووعيد


وهذا مضيق يستحيل سلوكه


وطود تزل الرجل عنه كؤود


فقم سيد العرفان والجهل عامر


وقد لويت فوق القيود قيود


أتتركنا والليل مرخ سدوله


وما بيننا هاد إليه نهود


وإن كنت قد خلفت فينا أشعة


عرا الشمس من اشراقهن خمود


نرى السبعة السيارة امتثلت لها


فهن ركوع حولها وسجود


ولكن ما أثرت في البحر نقطة


وأنت محيط والبحار وفود


أبا يوسف انظر نظرة في مصابنا


فإن مصاب العارفين شديد


من الحسر أن تبقى على الجهل أمة


وليس عليها مرشد ورشيد


ورثت رسول اللّه علماً ودعوة


تسوق على منهاجه وتقود


ولم تأل جهداً في نصيحة دينه


تقارع عنه خصمه وتسود


كسرت على التأويل سلطان بطله


وأنت على الحق المبين مجيد


تثعلبت الأقوال حول حياضه


فقمت وأنت الليث عنه تذود


بسيف من البرهان منصله الهدى


وليس له إلا القران حدود


فقطع أعناق الخلاف وأصبحت


ملوك حجاج البطل وهي عبيد


ودوخت بالبرهان عارضة العدى


فولت لها بالخزي عنك فديد


قفي يا زقاة البطل لا تتفرقي


فليس سواء ثابت وطريد


فدى لامام الدين نفسي وقد طغت


عليَّ من الحزن المقيم جنود


وإني وإن أطريته لمقصر


وحسبي هم في الفؤاد وقيد


وحسبي وفاء من حقوق رثائه


ضمائر مفجوع إليه تعود


وأين مقامي بين أبحر نعته


ولكن دموع سبق ونشيد


عهودي بصبري يقضم الصخر نابه


فقد نسخت تلك العهود عهود


وما كنت أدري أن بعد ابن يوسف


سيلبث رشد أو يعيش جليد


وكنت أخال الأرض بعد هويه


تزلزل أغوار لها ونجود


وكنت أرى الأفلاك بعد فراقه


ستهوي ويعرو السابحات ركود


أما وشموس للمعارف أسفرت


بأسفاره إني به لكميد


وللصبر سلطان على كل نكبة


وصبري فيه لا يقوم مؤود


ولو كان هذا البحر دمعاً أفيضه


نسبت إليه الشح وهو يجود


أرى المزن فيه قلدتني فأسبلت


دموعاً وشقت جيبهن رعود


معاشر أهل الاستقامة هل لكم


عزاء وهل عيش يعد سعيد


علام يضج الشرق والغرب ضجة


به ذعر في دهشة وسمود


وما بال هذا الكون ولهان مطرقاً


كما ضيم بين الأقوياء حريد


أليس أبو الأهوال قد شن غارة


فباء وقطب العارفين فقيد


أليس لأن الحشر والنشر آزف


ولم يبق إلا سائق وشهيد


أئن فرغت أيامنا من محمد


وأصحابه يوم النشور بعيد


لقد آذنتنا صعقة الموت هجمة


ونحن على مهد الغرور رقود


وماذا نرجي بعد موت خيارنا


قعاصاً وأنواع الفساد تزيد


أنرجو بأن نعفى من الموت بعدهم


أو الحشر يلغى والحياة خلود


لقد جد جد الخطب فلننتبه له


ووافى شقي حده وسعيد


وقد صح مصداق الحديث فديننا


غريب كيوم الابتداء وحيد


وأكثر اشراط القيامة وارد


وأوشك للباقي القليل ورود


تيقظ لهذا الشأن يقظة حازم


وآخر في ثني الطريق رصيد


وما هو إلا سكرة الموت بغتة


وذلك أمر كنت منه تحيد


أما في وصايا اللّه أنا سننتهي


وإن حياة تنتهي ستعود


أما هذه الآجال في كل لحظة


بهن على دعوى النذير شهود


أينتقر الأخيار مثنى وموحداً


ويبقى لأشرار العباد محيد


لنا أعين في المدبرات كليلة


ولكن لحظ المقبلات حديد


أتنتظر الأجال منا فراغنا


أم الموت من قبل الحياة بعيد


ومن أعجب الأشياء وادعة النهى


وحرب المنايا عدة وعديد


وأعجب منه لهوها بين مفجع


تولى وآت ليس عنه محيد


فهلا تواعدنا على نصح مبصر


وأعلمنا أن الظنون همود


وأن مصيراً حل فيه قديمنا


يتابعهم للحل فيه جديد


فيا صعقات الحزن كم تتعهدي


قلوباً عليها للغموم غمود


وبئست قلوباً تثبت الحرص والبقا


وليس بها للموت قط جحود


وبئست قلوباً إن الظت بحائل


تنازع فيه وارث ولحود


نلقب ما يغري تلاداً وطارفاً


وما الشأن إلا جندل وصعيد


وبئست قلوباً إن قست وامامها


رفات وهم نسل لنا وجدود


وبئست قلوباً إذ تروح وتغتدي


بأمن ومحياها القصير مكيد


أما في صروف الحادثات مواقف


لفكر لملقي السمع وهو شهيد


تهد المنايا هضبة بعد هضبة


وفي سمعنا للباقيات هديد


ونحن على ما نحن أهداف رميها


ونمرح فيما نشتهي ونريد


هبلتك يا حرب المنايا تركتنا


نذوق مذاق الشهد وهو هبيد


متى فازت الآمال فيما ترومه


بباق وهل هذا الوجود وجود


وهل فقدنا للعارفين بقية


علينا وهل رأي الركون سديد


أبعد مليك الأولياء محمد


يروق نضير أو يلذ رغيد


ألا تلبس الأكوان فيه حدادها


كما نكست للدين فيه بنود


أيثلج صدر أو تغيض مدامع


ويبدىء عقل بعده ويعيد


عزاء بني الاسلام أن مصابكم


عظيم وأن الحزن فيه شديد


ربيع من العرفان أما جنانه


فغلب وأما نفعه فمديد


ذوى واكفهرت واقشعرت رياضه


فهل للجنى والظل بعد شهود


اضم إلى نشج السموات عبرتي


إذا استرجعت غب النشيج تعود


وليس بكاء العالمين مؤيداً


بقاء ولا فوق الحدود يزيد


على سيد لو عاش عاشت حياتنا


وإذ مات ماتت أنفس وجدود


سقى ذاته من ربه صوب رحمة


ولاقاه بين المصطفين خلود


إلا في ربيع الآخر الحزن فاحسبوا


فهذا لتأريخ الوفاة مفيد
شارك المقالة:
174 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook