قصيدة لن ترضي الله حتى تخلص الورعا الشاعر أبو مسلم البهلاني

الكاتب: رامي -
قصيدة لن ترضي الله حتى تخلص الورعا الشاعر أبو مسلم البهلاني
لن ترضي الله حتى تخلص الورعا


ولن ترى ورعا بالجهل مجتمعا


حق العبادة فرض لن تؤديه


ان كنت تجهل مفروضا وممتنعا


أمانة الله تسطيع الأداء لها


اذا علمت بعون الله ما شرعا


ولم يجد صانع اتقان صنعته


حتى يكون على علم بما صنعا


ومن مضى في طريق لا دليل لها


ولا معالم تهدي ضل وانقطعا


وفاقد العين محتاج لقائده


لولاه لم يدر مهما جار أو سدعا


فاستنهض النفس في ادراك ما جهلت


حتى ترى العلم في حافاتها سطعا


فهذه النفس مرآة جبلتها


ما قابلت كائنا الا بها انطبعا


مضيئة الذات والاكدار عارضة


لنورها فاذا استجليته انصدعا


والعلم أشرف ما أوليت من خطر


ما حل في موضع لله فاتضعا


فاطلبه لله يفتحه بلا تعب


لا تحتجز غير ما يرضى به طمعا


واليسر يصحب مرتاد العلوم اذا


كان ارتيادا عن الأكوان منقطعا


والعلم بحر محيط لست محصيه


فكن بأنفعه في الدين مقتنعا


ولو فرضنا انحصار العلم في بشر


وقصده غير وجه الله ما نفعا


فاصرف الى الله وجه القصد معتقلا


عقائل العلم فالانسان حيث سعى


والعلم بالله أولى ما عنيت به


وما سواه الى ادراكه نزعا


فابغ المعارف آلات لصنعته


اذ يتقن الصنع بالآلات من صنعا


ولا تقولن علم ليس ينفعني


بكل علم يعيش العبد منتفعا


فاطلب وأطلق بلا قيد ولا حرج


وقف اذا كان عنه الشرع قد منعا


وقدم العلم بالطاعات تقض به


حقا لمحظوره أو ما إليه دعا


دع المهندس في الاشكال مختبطا


وصاحب النجم يرعى النجم ان طلعا


واقصد فقيها بنور الله مشتعلا


يريك ما ضاق عنه الجهل متسعا


فلا يهمك يوم الحشر هندسة


ولا سؤال عن المريخ كم قطعا


ولن ترى من كتاب خطه ملك


يوم القيامة الا الذنب والورعا


فاعمل بعلم واشغل كاتبيك به


فلا يفوتك ما تملي وما جمعا


لا تنفق العمر بطالا فلست ترى


يوم الندامة للأعمال متسعا


في لمحة العمر امكان ومزرعة


وسوف يحصد في عقباه ما زرعا


اذا حشرت بلا علم ولا عمل


عرفت كونك بالتفريط منخدعا


أدرك بقية أيام تمر بلا


مهل فان نجاز العمر قد قرعا


وأيقظ العزم ان نامت لواحظه


في الجد لله لا وهنا ولا هلعا


واصرف حياتك من بدء لخاتمة


في علم دينك للقرآن متبعا


هو المهم الذي ترجى عواقبه


ان مت أحياك أو قدمته شفعا


مزية العلم أعلا نعمة رفعت


عبدا ولولاه لم يذكر من ارتفعا


ما فوق مرتبة المختار مرتبة


ولا وساعة تسمو فوق ما وسعا


وكل علم لمخلوق تقدمه


أو سوف يعقبه من بحره نبعا


وكل ذرة نور أو مقام هدى


فمن مشارق نور المصطفى طلعا


وكل ذلك والقرآن يأمره


قل رب زدني علما فوق ما جمعا


لأن للعلم شأنا كل مرتبة


وكل شان رفيع دونه اتضعا


والنفس قابلة للازدياد فلا


تضيق عنه اتساعا كيفما اتسعا


فارقمه في لوحها واجعله مرشدها


الى حقائق أعمال لها وضعا


فلتطلب العلم للأعمال يخدمها


كالسيف يحمله للضرب من شجعا


ماذا تريد بعلم لا يردك عن


شر ولست به للخير متبعا


ليس الحمار من الأسفار يحملها


بغير أثقالها اياه منتفعا


بئس المثال لمن أوعى العلوم ولم


تفده إلا فلان عالم برعا


وان طلبت به الدنيا فموبقة


أحرى بها من خسيس الجهل ان تقعا


جرده من كل شيء لا يشاكله


ما أقبح العلم مهما قارن الطمعا


واشرف العلم ما يهدي لصالحه


تكون ذخرا وما عن سيء ردعا


ليس السيادة في مال ولا نشب


لكنها العلم مهما رافق الورعا


لله نخبة ابرار فقدتهم


كانوا الأمان فأبقوا بعدهم فزعا


كانوا البحار فابقوا بعدهم يبسا


كانوا السحاب فأبقوا بعدهم قزعا


صحبتهم وغيوث العلم هاطلة


وفارقوني فضن الغيث وانقطعا


أولئك القوم ملح الأرض ان فسدت


فأين هم وفساد الأرض قد قرعا


ما للمعارف من افلاكها نزلت


والآن حلت بطون الأرض والتلعا


من لي بهم في زمان بعض موعده


رفع العلوم وهذا العلم قد رفعا


ورفعه موت من يبغي به عملا


برا ولو حل فيمن ضل وابتدعا


عسى لطائف روح الله منشئة


بعد الاياس سحابا يمطر الطمعا


فتنجلي غبرة الأيام عن خلف


صدق يقوم بنفع الحلق مضطلعا


فان لي املا في فنية نجب


وريثما حاولوا ادراكه خضعا


تنالوا المجد من أركان سالفهم


برق الفضيلة في أعطافهم لمعا


لهم وجوه مصابيح مشعشعة


كأنما البدر في أغصانها طلعا


نجد أماجد في أحسابهم فلق


ومن أياديهم البيضاء قد نبعا


زهر المناقب ينشق المجاد بها


عن حاجب الشمس أو عن صبحها انصدعا


مثل الكواكب في علم وفي عمل


وفي قلوب وفي صيت لهم شسعا


تنافسوا في اقتناء المجد واستبقوا


والكل جلى لمجد ليس مخترعا


سمت بهم همة كالشمس نيرة


فكل هم عزيز تحتها ركعا


وناصبوا الدهر والأيام كالحة


بفضل حرية الأحرار فاندفعا


ونظموا عقد مجد باجتماعهم


لا زال عقدا بعين الله مجتمعا


تناول المجد صعب غيرانهم


تناولوه وما شدوا له النسعا


بخ بخ يا سراة المجد انكم


ذكرتم المجد ما أعطى وما منعا


ما زال ينتخب الأحرار في زمن


مقطم الوجه حتى فيكم وقعا


فكنتم الغرة الزهراء فيه ولم


يبصر بأكمل منكم لا ولا سمعا


لنا الهناء بأن المجد بشرنا


منكم بأكرم من في مفخر نزعا


وان مستقبلا يأتي لنزعتكم


من دون حصر المعالي ليس مقتنعا


وانكم ولسان الصدق يشهد لي


وصلتم من حبال العرف ما انقطعا


ومن شعرتم بأن الجهل منقصة


والعلم يعلي برغم الجهل ما اتضعا


أسستم لعلوم الدين مدرسة


كهالة الشمس أنوارا ومنتفعا


ضمت شبيبة اطهار نفوسهم


أصفى من الدر بالأصداف ملتفعا


تعطشوا لاكتساب العلم اذ فهموا


كون الجهالة في حكم الحجى شنعا


مشمرين ذيول الجد همهم


ان يعبدوا الله بالوجه الذي شرعا


أوحت اليهم عقول غير قاصرة


ضرورة العلم فانقادوا لها تبعا


على نشاط وعزم لا يعارضه


معارض فكأن البحر مندفعا


بشراكم يا وعاة العلم ان لكم


يوما سيرجع فيه الجهل منهزعا


وتسعدون بألباب منورة


يصونها الله ان تستمرئ البدعا


يا عمدتي يا غيوث الأرض حسبكم


مسح الملائك تبريكا ومنتفعا


هل تقبلوني فردا من رجالكم


حتى نعيش على هذا الفلاح معا


قد اختصصتم بشأن كله شرف


هل تسمحون بأن يبقى لنا شرعا


ما زلت ادعوا الى أمثال نهضتكم


فكنتم يا رجال الفضل مستمعا


فثبت الله مسعاكم وزادكم


تقدما في العلا ما كوكب طلعا
شارك المقالة:
260 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook