قصيدة من علّم الطير الرحيل ؟ من علّم الطير الحنين ؟ الشاعر احمد سعد الدين ابورحاب

الكاتب: رامي -
قصيدة من علّم الطير الرحيل ؟ من علّم الطير الحنين ؟ الشاعر احمد سعد الدين ابورحاب
من علّم الطير الرحيل ؟ من علّم الطير الحنين ؟



( 1 )



فى كل ليل من ليالى العمر , ترتحل النجومْ


ويذوب ضوء البدر همساً وارتعاشاتٍ وخفقاتٍ ورفرفةً بلا جُنحٍ تحومْ


ويُريقُ حبُ الأمسِ لحناً تاه فى عمقِ الفيافى والتخومْ


ترتجّ أنفاسى


والمرُّ يلعق حلو كاسى


وأضيع مابين السهوبْ


والعمرُ يضحى لعبة بيد المآسى والخطوبْ


والفرحُ يذوى كالدخانِ مصعّدا نحو العلالى


ويهيم فى لحن تردده الغيومْ



البرقُ يبرقُ بين اشجارِ الشتاء


والعمر يبدو كالرضيع رموْه فى حِضن العراء


وأحس بردا


تجتاحنى الدنيا تهاويلا ورعدا


ويزمجر الإعصارُ فى غضبٍ يرجّ الكون حقدا



ضاع الربيع حدائقا ..غيداً وأطفالاً ونخلاً باسقاً شجراً وزهراً يانعاً ونسائماً تلهو تطاردُ نحلةً وتشم وردا



يمضى قطار العمر ينفث مُعْولاً شجناً ووجدا



ويغيب يذوى بين أشباح الجبالْ


والكون يظلم معلنا جوعا وبردا


ويضمه خوف وبيلْ



هذا النهار ؟ هو النهارُ .. هو ارتعاشاتُ الشحوبِ .. هو انسحابُ الفرحِ للعُمقِ الحزينِ .. هو السكوتُ . . هو انتحارُ الدفء فى قلبِ الظلالْ




الليل؟ ليس الليل ظلمةْ


الليل دنيا


الليل تاريخٌ بعيدٌ مبهمٌ يسرى مع الأزمان درباً بعد دربٍ بعد دربْ


والصبح كونٌ يحتويه الناسُ قلباً بعد قلبٍ بعد قلبْ


وقعُ النهارِ يدقُّ فى قلبِ الوجودْ


والليل يحوى كل أحلام الجدودْ



بَشَريّتى .. ورجولتى .. وطنى وتاريخى .. حَصادُ عقيدتى .. وقصيدتى .. عمرى وحبى .. إخوتى .. أمى أبى .. لحنى ووجه حبيبتى .. ضحكى مراحى شقوتى ..سهر الليالى .. فرحتى



هل اترك الأيام تهزمنى وأغدو مثل نجمات يقاتلها الظلام .. أظل أقتات الهباءَ , يُذيبُنى حرُّ الفناءِ , ولفحُ أنفاسِ الهجيرِ .. أعيش رهن المستحيلْ ؟



لابد أن اضحى على سفر طويلْ


لا بد بعد الظلمة الدهماء من فجر جميلْ


لا بد أن يأتى النهار بعالمٍ جزلٍ جليلْ


فى الليل أفراح النجوم بلا شحوبْ


فى الصبح أفراح الضياء بلا ذبولْ


لا يعرف الشِعرُ الأفولْ


لا يعرف اللحن التخبط فى الحياة بلا دليل



أمضى إلى حيث النجوم تعود من خَلَلِ الزمانِ ..أروح حيث الشمس تغطس فى البحارِ .. تقودنى نحو السبيلْ



من علم الطيرَ الرحيلْ ؟


من علم الطيرَ الرحيلْ ؟




( 2 )



فى غير أوطانى فؤادى لا يغنّى


وبلا الفتاة الريم تبسم فى الصحارى لن أقولْ


عربية سمراء تزهو بالعيون وبالشفاه وبالتثنى


فى طرفها حورٌ يمنّى القلب لكن لا يُنيلْ


فى غير أحلامى قصيدى صامتٌ .. فى غير أحزانى دموعى لا تسيل




بلدى يُعذّبه الضنا


ويسُوطُهُ كونُ العَنا


تاريخُه يبدو غريباً فى مسارات السنينْ


نحن الألى ..؟ نحن الألى ..؟ أُنسيت أيامى وعمرى فى تضاعيف الأنين



ما عدت أذكر من أنا


ما عدت أذكر من أنا



بلدى توهّجَ فى الفضا العالى وغابْ


بلدى ترنح فى صبابات الكئوس وفى حشاشات الجوى رهن العذابْ


بلد القصائد والهوى ..


بلد المحبة والصحابْ


بلد الخصومات الصغيرة والعتابْ


بلد التندّر والفكاهةِ والتذكرِ فى الغيابْ



بلدى يعذّبه اشتياقٌ جامحٌ ..


نهرٌ من الأحزان فاضْ


غطى على زهر الرياضْ


والشر باضْ


تبكى الضفافُ الخضرُ .. أين النخلُ .. أين الطيْرُ .. أين الشِعرُ .. أين الفاتناتُ اللاهياتُ الضاحكاتُ المشرقاتُ الباعثاتُ الشوق فى القلب الحزينْ



من يكسر القيدَ الغليظَ ؟ أنا السجينُ ؟ أم التصدى للدموع وللجروح وللعذاب وللأنين ؟



سأعود من قلب المناحات العصيَةِ والجراحات الشقيّةِ والمسافاتِ البعيدةِ رغم هول الجُرح والدمع الثخينْ



و قصيدتى ستعيش فى الجسد الطعينْ ..


ستبثّ فيه حرارة الشوق الدفينْ


سأعود رغم المرّ , رغم الهمّ , رغم الموت يلهو فى العرينْ



فأنا فداء عيون أطفالى .. فداء بنات أعمامى .. فداء دموع أمى والأنين



وأنا بكل هموم أوطانى رهين



من علم الطير الحنين ؟


من علم الطير الحنين ؟
شارك المقالة:
190 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook