قصيدة هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ الشاعر ابن عثيمين

الكاتب: رامي -
قصيدة هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ الشاعر ابن عثيمين
هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ


متى حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ


نُشاهدُ ذا عَينَ اليَقينَ حَقيقَةً


عَلَيهِ مضى طِفلٌ وَكهلٌ وَأَشيَبُ


وَلكن عَلى الرانِ القُلوبُ كَأَنَّنا


بِما قد عَلمناهُ يَقيناً تُكذِّبُ


نُؤَمِّلُ آمالاً وَنرجو نِتاجَها


وَعلَّ الرَدى مِمّا نُرَجّيهِ أَقرَبُ


وَنَبني القصورَ المُشمخِرّاتِ في الهَوى


وَفي عِلمِنا أَنّا نَموتُ وَتَخرَبُ


وَنَسعى لِجَمعِ المالِ حِلّاً وَمَأثَماً


وَبِالرَغمِ يَحويهِ البعيدُ وَأَقرَبُ


نُحاسَبُ عنهُ داخِلاً ثمَّ خارجاً


وَفيمَ صَرَفناهُ وَمن أَينَ يُكسَبُ


وَيَسعدُ فيه وارِثٌ مُتَعَفِّفٌ


تَقِيٌّ وَيَشقى فيه آخرُ يَلعَبُ


وَأَوَّلُ ما تَبدو نَدامةُ مُسرِفٍ


إِذا اِشتَدَّ فيهِ الكَربُ وَالروحُ تُجذَبُ


وَيُشفِقُ من وَضعِ الكتابِ وَيَمتَني


لَو ان رُدَّ لِلدّنيا وَهَيهات مَطلَبُ


وَيشهدُ مِنّا كلُّ عُضوٍ بِفِعلهِ


وَليسَ عَلى الجَبّارِ يَخفى المُغَيَّبُ


إِذا قيلَ أَنتُم قد عَلِمتُم فَما الذي


عَمِلتُم وَكلٌّ في الكِتابِ مُرَتَّبُ


وَماذا كَسَبتُم في شَبابٍ وَصِحَّةٍ


وَفي عُمرٍ أَنفاسُكُم فيه تُحسَبُ


فَيا لَيتَ شِعري ما نَقولُ وَما الَّذي


نُجيبُ بهِ وَالأَمرُ إِذ ذاكَ أَصعَبُ


إِلى اللَهِ نَشكو قَسوَةً في قُلوبِنا


وَفي كُلِّ يَومٍ واعِظُ المَوتِ يَندُبُ


وَلِلَّهِ كم غادٍ حَبيبٍ وَرائحٍ


نُشَيِّعهُ لِلقَبرِ وَالدَمعُ يُسكَبُ


أخٍ أَو حميمٍ أو تَقيٍّ مُهذَّبٍ


يُواصِلُ في نُصحِ العِبادِ وَيَدأَبُ


نَهيلُ عَليهِ التُربَ حَتّى كَأنَّهُ


عَدوٌّ وفي الأَحشاءِ نارٌ تَلَهَّبُ


سَقى جدثاً وارى ابنَ أحمدَ وابِلٌ


منَ العَفوِ رَجّاسُ العَشِيّاتِ صَيِّبُ


وَأَنزَلَهُ الغُفرانُ وَالفَوزُ وَالرِضى


يُطافُ عَليهِ بِالرَحيقِ وَيَشربُ


فَقد كانَ في صَدرِ المَجالسِ بَهجةً


بهِ تُحدِقُ الأَبصارُ وَالقَلبُ يَرهبُ


فَطوراً تَراهُ مُنذِراً وَمُحَذِّراً


عَواقِبَ ما تَجني الذُنوبُ وَتَجلُبُ


وَطَوراً بِآلاءِ مُذكِّراً


وَطَوراً إلى دارِ النَعيمِ يُرَغِّبُ


وَلم يَشتَغِل عَن ذا بِبَيعٍ وَلا شِرا


نَعَم في اِبتِناءِ المَجدِ لِلبَذلِ يَطرَبُ


فَلو كان يُفدى بِالنُفوسِ وَما غَلا


لَطِبنا نُفوساً بِالذي كان َيَطلُبُ


وَلكِن إِذا تَمَّ المَدى نَفَذَ القَضا


وَما لامرىءٍ عَمّا قَضى اللَهُ مَهرَبُ


أخٌ كانَ لي نِعمَ المُعينُ على التُقى


بهِ تَنجَلي عَنّي الهُمومُ وَتَذهَبُ


فَطَوراً بِأَخبارِ الرَسولِ وَصحبهِ


وَطَوراً بِآدابٍ تَلذُ وَتَعذُبُ


عَلى ذا مَضى عُمري كَذاكَ وَعُمرهُ


صَفِيَّينِ لا نَجفو وَلا نَتَعَتَّبُ


وَما الحالُ إِلّا مِثلُ ما قالَ مَن مَضى


وَبِالجُملَةِ الأَمثالُ لِلنّاسِ تُضرَبُ


لِكُلِّ اجتِماع من خَليلَينِ فُرقَةٌ


وَلَو بَينَهُم قَد طابَ عَيشٌ وَمَشرَبُ


وَمن بعدِ ذا حَشرٌ وَنشرٌ وَمَوقِفٌ


وَيَومٌ بهِ يُكسى المَذَلَّةَ مُذنِبُ


إِذا فرَّ كلٌّ من أَبيهِ وَأُمِّهِ


كَذا الأُمُّ لم تَنظُر إِلَيهِ وَلا الأَبُ


وَكم ظالمٍ يُندي من العَضِّ كَفَّهُ


مَقالتَهُ يا وَيلَتَي أَينَ أَذهَبُ


إِذا اِقتَسَموا أَعمالَهُ غُرَماؤهُ


وَقيلَ لهُ هذا بما كنتَ تَكسِبُ


وَصُكَّ له صَكٌّ إِلى النارِ بعدَ ما


يُحَمَّلُ من أَوزارِهِم وَيُعَذَّبُ


وَكم قائِلٍ واحَسرَتا ليتَ أَنَّنا


نُرَدُّ إِلى الدُنيا نُنيبُ وَنَرهبُ


فَما نحنُ في دارِ المُنى غيرَ أَنَّنا


شُغِفنا بِدُنيا تَضمَحِلُّ وَتَذهَبُ


فَحُثّوا مَطايا الإِرتِحالِ وَشَمِّروا


إِلى اللَهِ وَالدارِ التي لَيسَ تَخرَبُ


فَما أَقرَبَ الآتي وَأَبعدَ ما مَضى


وَهذا غُرابُ البَينِ في الدارِ يَنعَبُ


وَصَلِّ إلهي ما هَمى الوَدقُ أَو شَدا


عَلى الأَيكِ سَجّاعُ الحمامِ المُطَرِّبُ


عَلى سَيِّدِ الساداتِ وَالآلِ كُلِّهِم


وَأَصحابِهِ ما لاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ
شارك المقالة:
179 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook