الصديقة هي الأخت التي لم تلدها الأم♥♥، هي بلسم الروح ورفيقة الدرب، هي مخبأ أسرارنا ومرآتنا التي نرى أنفسنا من خلالها، وتُتعبر بمثابة النفس، أي عندما نكون معها كما لو أننا نكون وحدنا، ونتحدث معها بحرية دون قيود لنعبر لها عن دواخلنا.
تستحق الصديقة أجمل الكلام ليُقال فيها، فهي التي حافظت على الوصال والتزمت بوعدها بأن تبقي وفية على مرّ السنين، ومنالكلام الحلو ما يأتي:
في كلّ مرة ألتقي صديقتي المفضّلة تمتلئ نفسي بالفرح والطاقة الإيجابيّة، وأشعر أنّ الدنيا لم تَزلْ بخير، فهي التي تَمدّني بالحماسةِ لِفعل أشياء كثيرة، وهي التي تقولُ لي دوماً أنني أستطيع أن أواجهَ الدنيا، فالصداقة التي تطردُ الخوف من القلبِ تستحقّ أن يُقالَ عنها بأنّها صداقة حقيقيّة، ويستحقُّ صاحبها أن يكونَ مقرباً ومفضلًا، لأنّ الصداقةَ ليست مجرّد كلمةٍ عابرة، بل هي جملة من الأخلاق الحميدة والتصرّفات الراقية، وإن لم يتّصف بها أصحابها فهم ليسوا بأصدقاء، ومَن لا يصون عهدَ الصداقة لا يستحقّ أن يكون صديقاً لأحد.
صديقتي المفضلة ترسم لي درباً من وردٍ وياسمين، وتُزيّن الحياة في عيني لأراها بمنظور الأمل والتفاؤل، لطالما مسحت دمعتي ورسمت على وجهي الابتسامة، وطالما اعتمدتُ عليها في فعل أشياءٍ كانت تُثقلني، فهي الوحيدة التي صانت كل معاني الصداقة، وهي الوحيدة التي تعرف ما يجول في خاطري من أحاديث دون أن أتكلم، فالصداقة أعمق من الكلمات، ومهما حاولت أن أصفَ روعتها فلن توفيَني العبارات.
صديقتي المخلصة تَصدُقُني الأقوالَ والأفعال ولا تكذبُ على قلبي أبداً، فهي تعرف تماماً أن الكذب عدوّ المحبة، وأنّ الاهتمام بالصديق هو أعلى الغايات، لأنّ مهمة الصداقة مهمة كبيرة وعميقة لا يعرف قدرها إلّا الأصدقاء الحقيقيون، ولا يُؤدي حقها إلا من تربى على معانيها السامية، فالغدر لم يكن يوماً من شيم الأصدقاء، بل إنّ الصديق يتمنى لصديقه الخير في كلّ وقتٍ ومكان، حتى وإن كان هذا الخير على حسابه، فطوبى لصديقتي المفضلة التي ألهمتَني أن أحتفظ بكلّ مخزون الخير والمحبة عن الصداقة.
دعا الشعر العربي في كثير من نماذجه إلى التحلي بالأخلاق الكريمة، وكان في الوقت ذاته مصدراً للحكمة ونبعاً للقيم الرفيعة ومنهاجاً إلى المثل العليا، وفكرة الصداقة في الشعر لها حضورها القوي في الأدب القديم، فها هو الشاعر القروي رشيد سليم الخوري يجعل الصداقة فوق كل شيء حين يقول:
لا شيء فِي الدُّنْيـا أَحَـبُّ لِنَاظِـرِي
وأَلَـذُّ مُوسِيقَـى تَسُـرُّ مَسَامِعِـي
ويقول جميل الزهاوي:
عاشِـرْ أُنَاسـاً بِالـذَّكَـاءِ تَمَيَّـزُوا
ويقول حسان بن ثابت:
أَخِـلاَّءُ الـرِّجَـالِ هُـمْ كَثِيـرٌ
فَـلاَ تَغْـرُرْكَ خُلَّـةُ مَنْ تُؤَاخِـي
وَكُـلُّ أَخٍ يَقُــولُ أَنَـا وَفِـيٌّ
سِـوَى خِلٍّ لَهُ حَسَـبٌ وَدِيـنٌ
كما يقول المتنبي:
أُصَـادِقُ نفس المَـرْءِ قبل جسمهِ
وأَحْلُـمُ عَـنْ خِلِّـي وأَعْلَـمُ أَنَّـهُ
ويقول ابن أبي الحديد:
تَكَثَّرْ مِنَ الإخوان ما استطعت فإنهم
ومَا بِكَثِيـرٍ أَلْفُ خِـلٍّ وَصَاحِـبٍ
ويقول البحتري:
كَمْ صَدِيقٍ عرَّفْتُهُ بِصَديقٍ
وَرَفِيقٍ رَافَقْتُهُ في طَرِيقٍ
كما يقول الشافعي:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
ففي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً
ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ
وَيُنْكِرُ عَيْشاً قد تَقَادَمَ عهده
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا