يعتبرُ الحبُّ أحدَ أجملِ العلاقات بين الناس، وأسمى علاقات الحبّ هي الحبُّ في الله، فالحبّ هو ما يُبنى عليهِ الإيمان، فمن شروطِ الإيمان بالله تعالى حبُّه وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أمّا مَن آمنَ بالله فتتسامى عنده هذه العلاقة لمحبّة خلقه والصالحين من حوله في الله، فيحبّ الصالحين مِن حوله لا من اجل مصالح دنيويةٍ أو مشاعر حسيّةٍ، بل لاستقامتهم على دينِ اللهِ تعالى، فنحن نحبُّ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- دونَ أنْ نراه، ولكن من سيرتِه -صلى الله عليه وسلم- وما فعله من أجلِ هذا الدين وما رواه الصحابة الكرام عنه -صلى الله عليه وسلم- من مكارمِ أخلاقه، فلهذا فإنّ حبّنا للرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون حبّاً في اللهِ في المقامِ الأول.
صنّف العلماءُ الحبَّ إلى قسمين، هما: الحبُّ العقليّ والحبّ الحسيّ، فالحبّ الحسيُّ هو الحب الذي نعلمُه جميعاً والذي ازداد الترويج له في هذه الأيام بشكلٍ مبالغٍ فيه، وقد رُبطَ بشكلٍ كبيرٍ في شهواتِ الإنسانِ بالرغم من أنّه قد يكونُ من أنواعِ الحبّ السامية أيضاً، فقد ولد الجميع على حبِّ والديه وإخوته دونَ أيّ سببٍ يذكر، ويحبّ الإنسان زوجه أيضاً من أوّل نظرةٍ كما يقولون دون أيّ سببٍ أيضاً، كما يحبّ الإنسان ألوان الطعام المختلفة وغيرها من المتع، وهذا ما يُعرف بالحبّ الحسيّ.
أمّا الحب العقلي فهو أن تحبّ شيئاً ما بالتفكّر به بعقلِك لأسبابٍ تدركُها أنت، وهذا النوعُ من الحبّ في المقام الأول هو الحبّ الذي يوصل إلى مرضاة الله تعالى والفلاح في الدنيا والآخرة، ونستطيعُ ملاحظة هذا النوعِ من الحبّ في قصّة سيّدنا يوسُف -عليه السلام- عندما ذكر في دعائه لله تعالى أنّ السجنَ أحبُّ إليه ممّا كانت امرأة العزيز تدعوه إليه، فهذا الحبّ هو حبٌّ عقليّ، فلا أحدَ يفضّلُ السجنَ مطلقاً في نفسِه.