كانَ السُّلطانُ سليمانُ حامياً للعدالة، والقوانين في البلادِ؛ ولأجلِ ذلك أصدرَ مجموعةً من القوانينِ التي تُنظّمُ الدولةَ، وتُحدّدُ كلَّ اختصاصٍ فيها؛ ومن هنا جاءَ لقبُه (القانونيّ)، وقد كانت فترةُ حُكمِه للدولةِ العثمانيّةِ فترةً ذهبيّةً استمرّت مدّةَ أربعين عاماً؛ فتوسّعت خلالَها الدولةُ في غربِ أوروبا، ووسطِها، كما تقدّمت الدولةُ العثمانيّةُ في عهدِه إلى أن وصلَت المحيطَ الهنديَّ مروراً بشمالِ أفريقيا، وغربها، وشماليِّ روسيا.
وُلِدَ سليمانُ القانونيُّ في مدينةِ طرابزونَ عامَ تسعمئةٍ للهجرةِ، وهو ابنُ السُّلطانِ سليمِ، وأمُّه هي السُّلطانةُ حفصةُ، أمّا جدُّه فهو السُّلطانُ بايزيد الثاني ابنُ السُّلطانِ محمدٍ الفاتحِ. وتجدر الغشارة إلى أنّ القانونيّ تعلّم منذُ صِغرِه أساسيّاتِ القراءةِ، والكتابةِ فضلاً عن تعليمِه الدينيِّ، وكان ذلك على يدَي العالِم خيرِ الدين أفندي، ومنذُ صِغرِه أيضاً كان على درايةٍ بصياغةِ الجواهرِ، وظلّ يعملُ فيها إلى أن وصلَ إلى حُكمِ الدولةِ العثمانيّةِ.
تعدّدت الصفاتُ التي وُصِف بها السُّلطانُ سليمانُ القانونيُّ من قِبل المبعوثين من البندقيّةِ إلى دولتِه، إلّا أنّ أبرزَ هذه الصفاتِ تتمثّلُ بتسامُحِه، وعدلِه، وتديُّنِه، وقد تحدّثت المصادرُ التاريخيّةُ العثمانيّةُ عن صفاتِه الخَلقيّة؛ إذ ذكرَت أنّه طويلُ القامةِ أشهلُ العينَين ذو لحيةٍ خفيفةٍ، بالإضافةِ إلى أنّه عريضُ الوجهِ ذو شاربٍ كثيفٍ. وقد عُرِفَ سليمانُ القانونيُّ باستخدامِه للسيفِ، والقوسِ بمهارةٍ عاليةٍ، كما كانَ مُولَعاً بدراسةِ الشِّعرِ، ومن هذا الحبِّ جاءَ دعمُه للشعراءِ، والأدباءِ إلى جانبِ العلماءِ مادّياً، ومعنويّاً.
بالإضافةِ إلى القوانينِ التي أصدرَها السُّلطانُ سليمانُ القانونيُّ، فقد كانَت فترةُ حُكمِه للدولةِ العثمانيّةِ زاخرةً بالإنجازاتِ المُهمّةِ، ومن هذه الإنجازات: الاستيلاء على جُزرِ البحرِ الأبيضِ المُتوسّطِ. دخولُ الجيوشِ العثمانيّةِ في عهدِه إلى بلغرادَ، وحصارُها فيينا، وغزوُها النمسا. ضمُّ كلٍّ من عدنَ، وصنعاءَ إلى دولتِه، والسيطرة على مضيقِ بابِ المندبِ. ضمُّ تونسَ إلى الدولةِ العثمانيّةِ، وحماية شمالَ أفريقيا من الإسبانِ، والبرتغاليّين. التصدّي للدولةِ الصفويّةِ، واحتلالُ عاصمتها تبريز.