عجيب شأن من يرضى بالكفر بديلًا عن الإيمان، ويؤثر الضلال على الهدى، ويسعى إليه سعيًا حثيثًا، وينافح عنه أشدَّ المنافحةِ، ويدافع عنه أعظمَ دفاعٍ، حتى يبذل إيمانه ثمنًا للكفر، ويرى النسبةَ للإسلام عارًا، والدعوة إليه رجعيةً، والالتزامَ بأحكامه تخلفًا، ويهش ويبش كلما طعن في الإسلام طاعنٌ، أو غمزه بنقيصة غامز أو لامز!
ولهؤلاء الذين تتمعر وجوهم لرؤية أهل الإيمان، وتضيق صدورهم لسماعهم يتحدثون عن دين الله، وتشمئز قلوبهم إذا ذُكرَ الله تعالى، ويتأففون لذكرِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نقول: إنكم لَنْ تَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا.
حاول كثير سواكم عبر التاريخ أن يطفئوا نور الله بأفواههم، فضل سعيهم، وخاب قصدهم، وأتم الله نوره، وأكمل سبحانه وتعالى دينه.
نعم حاول أعداء الإسلام جاهدين أن يئدوا الإسلام في مهده، وألا يخرج عن حدود مكة، وسعوا لتحقيق ذلك جاهدين، فأشرقت شمس الإسلام على الأرض، وعمَّ نوره أرجاءها، فأكمل الله تعالى دينه، وأتم على أهل الإيمان نعمته؛ ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ? [المائدة: 3].
وبلغ الإسلام ما بلغ الليلُ والنهارُ، وسيأتي ما هم أعظم من ذلك حين يدخل الإسلام كل بيت شاء من شاء وأبى من أبى، إنه وعدُ الله في كتابه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ? هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ? [الفتح: 28].
هذا الدينُ شأنه عجيبٌ، فهو كالسيل يصادر ما يعترضه، وهو كالنور يبدد حجب الظلمات، بل هو النور الذي يملأ النفوس، والعاقبة دائمًا لمن تمسك به؛ ? إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ? [الأعراف: 128].
[1] رواه أحمد - حديث رقم: 16957، والحاكم - كِتَابُ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ، حديث رقم: 8326، والبيهقي في السنن الكبرى- كِتَابُ السِّيَرِ، جِمَاعُ أَبْوَابِ السِّيَرِ، بَابُ إِظْهَارِ دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَدْيَانِ، حديث رقم: 18619، والطحاوي في شرح مشكل الآثار- حديث رقم: 6155، بسند صحيح.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.