يستخدم مفهوم التضادّ اللونيّ للتعبير عن درجة وضوح الأشكال في مشاهدها بكلّ أبعادها وحدودها، بحيث تتّضح درجات الألوان أمام الرؤية وتطلق إشارات بصريّة تساعد العينين على تحقيق رؤية واضحة للأشكال والمشاهد معاً، إذ إنّ كميّة الضوء التي تصدر عن شكل ما هي المتحكّم الأول في كيفيّة ظهوره، وكلّما كان السطح ذا مساحة أكبر كلّما كان انعكاس الضوء عنه أفضل وكلّما ازداد وضوح رؤيته في العين، ففي حال وضع سطح يعكس الضوء كالمعدن بجوار سطح آخر يمتصّ الضوء كالخشب فسوف نحصل على شكل من أشكال التضادّ اللونيّ القريب من اللونين الأسود والأبيض، أي إنّ الألوان الرماديّة ستكون هي المسيطرة على المشهد، وذلك لكمّ إشارات الضوء الهائل وقوة تدرجاته.
يعرّف مفهوم التضادّ اللونيّ بكونه الظاهرة التي تزيد من تمايز الألوان واختلافها عند مجاورتها لبعضها البعض، حيث تتزايد شدّة التباين فيما بينها مع زيادة الاختلاف في درجات الألوان، ويمكن أن يطلق مفهوم التضادّ اللونيّ في حال مجاورة اللون الأبيض للون الأسود، وفي حال تجاور درجتيّ الفاتح والداكن لنفس اللون مع بعضهما البعض، وفي حال تجاور الألوان المتقابلة في عجلة الألوان مع بعضها البعض مثل: الأصفر، والبنفسجي.
تُبنى نظريّة اللون المضادّ على قيام أنظمة الرؤية البشريّة بترجمة المعلومات اللونيّة التي تصلها من خلال معالجة الإشارات القادمة من الخلايا العصويّة والمخروطيّة على هيئة متضادّة، وتقوم نظرية اللون المضادّ على الافتراض الذي يرجّح وجود ثلاث أزواج مضادّة من القنوات، وهي اللون الأحمر ضدّ اللون الأخضر، واللون الأبيض ضدّ اللون الأسود، واللون الأزرق ضدّ اللون الأصفر، إذ إنّ الاستجابة تجاه لون معيّن من الأزواج المضادّة يعني عدم الاستجابة للّون الآخر.
يلجأ الكثير من الفنانين إلى الاستعانة بمفهوم التضادّ اللونيّ وخصائصه لتقديم أعمال فنيّة فريدة ومميّزة، حيث يمكن ملاحظة ظهور خصائص التضادّ اللونيّ في اللوحات الفنيّة والصور الفوتوغرافيّة وفنّ الديكور، ولعلّ أكثر المجالات الفنيّة استفادةً من التضادّ اللونيّ هو فنّ النحت، والذي يعتمد على التضادّ اللونيّ الحاصل بين اللون الأسود والفراغ الأبيض الموجود من حوله من أجل إظهار ملامح الشكل المنحوت بقوة.