الأشخاص الذين تزيد استجاباتهم العاطفية السلبية للضغوطات إلى اليوم التالي، هم أكثر عرضة للإبلاغ عن المشاكل الصحية والقيود البدنية في وقت لاحق من الحياة، مقارنة مع أقرانهم القادرين على ” السماح للمشاعر السلبية بالرحيل “، وذلك وفقا للنتائج التي نشرت في مجلة علم النفس ” وهي مجلة جمعية العلوم النفسية “، حيث تقول كايت ليجر عالمة نفسية من جامعة كاليفورنيا إيرفين : ” تظهر أبحاثنا أن المشاعر السلبية التي تستمر حتى بعد ضغوطات يومية بسيطة، لها آثار سلبية على صحتنا البدنية على المدى الطويل ” .
وتتابع ليجر : ” عندما يفكر معظم الناس في أنواع الضغوطات التي تؤثر على الصحة، فإنهم يفكرون في الأشياء الكبيرة، أحداث الحياة الرئيسية التي تؤثر بشدة على حياتهم، مثل وفاة أحد الأحباء أو الطلاق، ولكن توضح النتائج وتشير إلى أن ذلك لا يتمثل في الأحداث الكبيرة فحسب، ولكن الضغوطات اليومية البسيطة أيضا يمكن أن تؤثر على صحتنا ” .
حول الدراسة
تشير الأدلة التي توضحها الدراسات السابقة إلى وجود ارتباط واضح بين الاستجابات في نفس اليوم للتوتر والرفاهية على المدى الطويل، لكن تأثير الاستجابات العاطفية المستمرة بقي غير واضح، بمعنى هل يحدث فرق إذا كان الضغط يؤدي إلى مشاعر سلبية تمتد إلى اليوم التالي ؟
لمعرفة ذلك حللت ليجر وزملاؤها سوزان تي تشارلز وديفيد إم ألميدا، بيانات من المسح الأمريكي ، وهي دراسة تمثيلية على المستوى القومي، ودراسة طولية للكبار، وكجزء من الدراسة أكمل المشاركون استبيانا لمدة 8 أيام حول العاطفة السلبية، وفي كل يوم أبلغوا عن مقدار الوقت خلال الـ 24 ساعة الماضية التي شعروا فيها بمجموعة متنوعة من العواطف ( على سبيل المثال : الوحدة، الخوف، الغضب، وسرعة الغضب )، كما أبلغوا عن الضغوطات التي يتعرضون لها كل يوم .
وفي جزء لاحق من الدراسة التي أجريت بعد 10 سنوات، أكمل المشاركون الدراسات الاستقصائية التي قيمت الأمراض المزمنة والقيود البدنية التي تعرضوا إليها، وأفاد المشاركون بالدرجة التي تمكنوا من خلالها من تنفيذ المهام الأساسية واليومية، مثل ارتداء الملابس بأنفسهم، وتسلق مجموعة من الدرج، وحمل البقالة، والمشي مسافة طويلة، وكما هو متوقع، يميل الناس إلى الإبلاغ عن شعور سلبي أعلى إذا كانوا قد تعرضوا لضغوط في اليوم السابق، مقارنة إذا لم يتعرضوا لأي ضغوط في اليوم السابق .
نتائج الدراسة
بشكل حاسم كشفت التحليلات أن العواطف السلبية التي تنتج استجابة للضغوط، كانت مرتبطة بعدد أكبر من المشاكل الصحية، بما في ذلك الأمراض المزمنة، والإعاقات الوظيفية، والصعوبات في المهام اليومية، بعد عقد من الزمن، وقد برزت هذه الارتباطات بشكل مستقل عن المستوى الاجتماعي والتعليم، والصحة الأساسية للمشاركين، واستمرت حتى بعد أن أخذ الباحثون استجابات المشاركين العاطفية في نفس اليوم ومتوسط عدد عوامل الإجهاد في الاعتبار .
وتقول ليجر : ” هذا يعني أن النتائج الصحية لا تعكس فقط كيف يتفاعل الناس مع الضغوطات اليومية، أو عدد الضغوطات التي يتعرضون لها – هناك شيء فريد حول مدى السلبية التي يشعرون بها في اليوم التالي والتي لها عواقب مهمة على الصحة البدنية “، وتفترض ليجر وزملاؤها أن هذا الارتباط يمكن أن ينفد من خلال تفعيل الأنظمة المرتبطة بالإجهاد أو من خلال السلوكيات الصحية، وهما آليتان محتملتان توفران سبلا للبحث في المستقبل .
وتقول ليجر : ” الإجهاد أمر شائع في حياتنا اليومية، يحدث في العمل، يحدث في المدرسة، يحدث في المنزل وفي علاقاتنا “، وتظهر أبحاثنا أن استراتيجية ” السماح له بالرحيل والذهاب ” يمكن أن تكون مفيدة لصحتنا البدنية على المدى الطويل ” .