فيروس عوز المناعة البشري أو HIV هو أحد الفيروسات الخطيرة والقاتلة التي تصيب الإنسان، فهو يُضعف مناعة الجسم بشكل كبير عن طريق تدمير الخلايا المناعية المسؤولة عن الدفاع عن الجسم ضد العوامل الخارجية والإنتانات، ولا يوجد علاج فعال ضد فيروس العوز المناعي حاليًا، ولكن يمكن السيطرة على الأعراض التي يتسبب بها هذا الفيروس عن طريق العناية الطبية الشديدة والاعتناء بالذات بشكل كبير، وهذه الإجراءات غالبًا غير متوفرة عند معظم المصابين بهذا الفيروس، حيث إن كثيرًا من المجموعات البشرية تعاني من ارتفاع نسبة الإصابة بفيروس الإيدز بسبب عوامل متعددة، مثل الممارسات الجنسية الشاذة والعشوائية والأفعال الخطيرة التي يقومون بها كتعاطي المخدّرات وما إلى ذلك.
تتنوع أعراض فيروس العوز المناعي بحسب المرحلة التي يخوضها المريض، بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى كالجنس والبيئة والظروف الخارجية، ولكن الأعراض الأولية لفيروس الإيدز تتشابه بين المصابين بأعراض قريبة من الزّكام أو البرد، وهذا الأمر يكون بعد شهر إلى شهرين من دخول الفيروس للجسم، ويمكن للأعراض المشابهة للزكام أن تستمر لعدّة أسابيع، حيث تشمل ما يأتي:
ويمكن لهذه الأعراض أن تكون خفيفة جدًا لدرجة أن المريض قد يتجاهلها تمامًا، ولكن نسبة انتشار الفيروس ضمن السبيل الدموي تكون عالية في هذه المرحلة، وهذا الأمر يمكن أن ينتج عنه نشر الفيروس من قبل الشخص دون أن يعلم، وبالتالي تكون هذه المرحلة الأولية أخطر المراحل من حيث فعالية العدوى للغير.
أما المرحلة التالية من أعراض الإصابة بفيروس الإيدز فتُدعى بالإنتان السريري الكامن، أو HIV المزمن، وفي هذه المرحلة تختفي معظم الأعراض السابقة، ولكن قد يستمر التورّم في العقد اللمفاوية عند بعض الأشخاص خلال هذه المرحلة، وتستمر مرحلة HIV المزمن حوالي 10 سنوات، كما أنها قد تستمر لعقود من الزمن مع علاجات معينة، ولكنها قد لا تدوم إلا عدة أشهر عند بعض المصابين، ويكون الفيروس في هذه المرحلة منتشرًا بشكل كبير ضمن الجسم وضمن الخلايا الدموية المصابة.
ومع استمرار تطور الفيروس وتضاعفه وتدميره لخلايا المناعة، يمكن للشخص أن يُصاب بإنتانات كثيرة أو أن يعاني من بعض الأعراض المزمنة، حيث أنه هنا تبدأ المرحلة الثالثة من الإصابة بالفيروس، وهي مرحلة الإنتان بفيروس الإيدز العرضي، ومن أعراض المرحلة الثالثة ما يأتي:
بعد التطور الكبير الذي شهدته أدوية السيطرة على فيروس عوز المناعة البشري، فإن قلة من الناس يطورون متلازمة عوز المناعة المكتسب -أو الإيدز- من هذا الفيروس، وبشكل عام فإن الإصابة بفيروس عوز المناعة HIV تحتاج لما يقارب 10 سنوات وسطيًا قبل الوصول للمرحلة الرابعة والأخيرة وهي متلازمة عوز المناعة المكتسب AIDS، وعندما تحصل هذه المتلازمة، يكون الجهاز المناعي عن المصاب قد تأثر بشكل كبير جدًا، ومن الممكن جدًا أن يطور الشخص سرطانات أو إنتانات عفوية، تلك التي لا تصيب الجهاز المناعي السليم، وتحمل أعراض متلازمة عوز المناعة المكتسب ما يأتي:
يمكن لفيروس الإيدز أن ينتقل عن طريق تبادل سوائل الجسم المختلفة مع الأشخاص المصابين، كالدم وحليب الثدي والسائل المنوي ومفرزات المهبل، ولا يحدث انتقال HIV عادة نتيجة للممارسات اليومية الاعتيادية كالتقبيل والعناق والمصافحة ومشاركة الأشياء الشخصية والماء والطعام، ويمكن لبعض عوامل الخطر أن ترفع من نسبة انتقال فيروس الإيدز إلى الشخص، من هذه العوامل ما يأتي:
يمكن لبعض الفحوصات الدموية -مثل RDTs وEIAs- أن تكشف وجود أو غياب الأضداد النوعية لفيروس الإيدز HIV-1/2 أو HIV p24، ولا يوجد فحص واحد مؤكد لوجود الإيدز، بل يجب القيام بعدة فحوصات مجتمعة لتأكيد أو نفي الإصابة بالفيروس، ويمكن لهذه الفحوصات أن تحقق دقة كبيرة وموثوقية عالية عند استخدامها وتطبيقها على النحو الصحيح وبالمعايير الطبية الصحيحة، ويجب التنويه إلى أن هذه الفحوصات الدموية تُجرى لتحديد مستوى الأضداد النوعية التي يتم إنتاجها من قبل الجسم لمقاومة الفيروس، ولا تقوم الفحوصات بتحديد مستوى الفيروس بحد ذاته.
معظم الأشخاص يطورون أضدادًا تجاه الفيروس خلال 28 يومًا من الإصابة، ولذلك لا يمكن تحري هذه الأضداد في المراحل الباكرة من المرض، وهذه الفترة تُدعى بفترة النافذة، حيث تحمل هذه الفترة أعلى نسبة لنقل العدوى إلى الغير، وتبقى نسبة العدوى قائمة ولكن بشكل أقل فعالية في المراحل اللاحقة، ومن الأفضل إعادة الفحوصات للأشخاص الذين تم كشف إيجابية الفيروس لديهم، وذلك قبل أن يخضعوا للإجراءات العلاجية أو الصحية المتّبعة، ويتم هذا الأمر لتأكيد التشخيص ولنفي الأخطاء المخبرية التي قد تحدث أثناء التشخيص، ولا يجب أن تتم إعادة التشاخيص بعد أن يبدأ الشخص بالعلاجات المناسبة.
ويمثل تشخيص HIV عند الرضع تحديًا طبيًا، حيث لا يُعد فحص الدم السابق كافيًا وفعالًا عند الأطفال بعمر أقل من 18 شهرًا، بل يجب القيام بتحليل نوعي لكشف الفيروس بعد الولادة مباشرة وقبل مرور 6 أسابيع عند حديث الولادة المولود لأم مصابة بفيروس الإيدز.
ليس هناك لقاح ضد فيروس الإيدز، كما أن العلاج لا يُعد علاجًا سببيًا بل عرضيًا، ولذلك يجب اتباع جميع الإجراءات الوقائية الممكنة والتي قد تقي من فيروس الإيدز خصوصًا عند المجموعات التي تملك العديد من عوامل الخطر، ومن إجراءات الوقاية من فيروس العوز المناعي ما يأتي: