مرض أديسون (بالإنجليزية: Addison's disease)، أو قصور الغدّة الكظريّة الأساسيّ أو القصور الكظريّ الأوليّ (بالإنجليزية: Primary adrenal insufficiency)، أو مرض نقص الكورتيزول (بلإنجليزية: Hypocortisolism)، هو أحد أمراض الغدّة الكظريّة النادرة، والمتمثل بانخفاض إنتاج هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol) من الغدّة الكظرية بصورة تقل عن حاجة الجسم الطابيعيّة، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج هرمون الألدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone) في معظم الحالات أيضاً، ولفهم هذا المرض يجدر التوضيح أنّه توجد في جسم الإنسان غدتان كظريتان تقعان فوق الكليتين، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بمرض أديسون قد تحدث في أي عُمُر إلّا أنّها تكون أكثر شيوعاً في الفترة العمرية التي تتراوح بين 30-50 عاماً، كما أنّها تكون أكثر شيوعاً لدى النساء، ويعتمد علاج مرض أديسون بشكلٍ رئيسيّ على استخدام الهرمونات البديلة لتعويض النقص في هرموني الكورتيزول والألدوستيرون اللذين يؤديان العديد من الوظائف الحيوية المهمة في جسم الإنسان والتي سيأتي ذكر أبرزها لاحقًا في هذا المقال.
ويجدر بالذكر أنّ للغدّة النخاميّة (بالإنجليزية: Pituitary gland) ومنطقة تحت المهاد دورًا مهمًّا في تنظيم إنتاج هرمونات الغدّة الكظريّة، حيثُ تفرز منطقة تحت المهاد الهرمون المطلق لموجهة القشرة (بالإنجليزية: Corticotropin-releasing hormone)، واختصاراً CRH، الذي يُحفّز الغدّة النخاميّة لإفراز الهرمون الموجه لقشر الكظر (بالإنجليزية: Adrenocorticotropic hormone)، واختصاراً ACTH، والذي بدوره يحفّز الغدّة الكظريّة لإنتاج هرمون الكورتيزول، وفي حال انخفاض إنتاج الهرمون الموجه لقشر الكظر ينخفض إنتاج هرمون الكوتيزول من الغدّة الكظريّة، وتُعرَف هذه الحالة بالقصور الكظريّ الثانويّ (بالإنجليزية: Secondary Adrenal Insufficiency) وهي حالة مرضية منفصلة عن مرض أديسون (القصور الكظري الأولي)؛ إذ إنّ مرض أديسون ينجم عن خلل في الغدة الكظرية نفسها وليس في الغدد الأخرى التي تُنظم عملها.
تحدث الإصابة بمرض أديسون نتيجة تضرّر الطبقات الخارجيّة من الغدّة الكظريّة ممّا يؤدي إلى اضطراب إنتاج هرموناتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ إنتاج هرمونات الغدّة لا ينخفض عن المعدّل الطبيعيّ قبل تضرّر 90% من الطبقات الخارجيّة للغدّة بحسب الدراسة الصادرة عام 2010 م عن جامعة بادوفا (بالإنجليزية: University of Padova) في إيطاليا،, وعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث هذا الضرر في الغدّة، إلّا أنّ ما يقارب 80% من هذه الحالات تكون ناجمة عن اضطراب مناعيّ ذاتيّ بحسب الدراسة الصادرة عام 2011 م، والتي تمّ إجراؤها تحت إشراف المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية في مدينة بيثيسدا (بالإنجليزية: Bethesda) الأمريكيّة، وفيما يأتي بيان أسباب الإصابة بمرض أديسون:
يحمي الجهاز المناعيّ بشكلٍ طبيعيّ الجسم من خلال التصدي للسموم، والأمراض، والعدوى، عن طريق إنتاج أجسام مضادّة (بالإنجليزية: Antibodies) تقضي على مسبّبات المرض، وتحدث الإصابة بأحد اضطرابات المناعة الذاتيّة في حال مهاجمة هذه الأجسام المضادة لأنسجة الجسم الطبيعيّة على أنّها أجسام غريبة، وفي حالة مهاجمة الأجسام المضادّة للغدّة الكظريّة تحدث الإصابة بمرض أديسون نتيجة الضرر الحاصل في أنسجة الغدّة، وغالباً ما يحدث هذا الضرر على مدار مرحلة زمنيّة طويلة.
حقيقة لم يتمكّن العلماء من تحديد الجينات التي قد تكون مسؤولة عن الإصابة بمرض أديسون بشكل مؤكد، إلّا أنّه يُعتقد وجود رابط بين مرض أديسون وحدوث اضطراب في عائلة جينات مستضدات الكريات البيضاء البشرية (بالإنجليزية: The human leukocyte antigen)، وهي المستضدات التي تلعب دوراً في قدرة الجهاز المناعيّ على التفريق بين البروتينات الطبيعيّة في الجسم، والبروتينات التي يتمّ إنتاجها من قِبَل البكتيريا والفيروسات، ويجدر بالذكر أنّ إصابة الفرد بأحد أنواع الأمراض المناعية الأخرى يجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بمرض أديسون؛ فقد وُجد أنّه في العديد من الحالات يعاني الشخص المصاب بمرض أديسون من أحد أنواع أمراض المناعة الذاتيّة الأخرى مثل: مرض السكريّ من النوع الأول (بالإنجليزية: Type 1 diabetes)، وقصور الغدّة الدرقيّة (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، ومرض البهاق (بالإنجليزية: Vitiligo).
يُعدّ مرض السلّ (بالإنجليزية: Tuberculosis) من الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي للإصابة بمرض أديسون؛ وهو عدوى بكتيريّة تصيب الرئتين بشكلٍ رئيسيّ، إلّا أنّها قد تؤثر في أجزاء أخرى من الجسم، وقد تؤثر في الغدّة الكظريّة، وتؤدي إلى الإصابة بمرض أديسون في بعض الحالات، ويجدر بالذكر أنّ مرض السل كان من الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة بمرض أديسون إلا أنّ التطور والتقدم في علاج السل حدّ من تسببه بالإصابة بمرض أديسون. وقد تسبّب بعض أنواع العدوى الأخرى الإصابة بمرض أديسون مثل: بعض أنواع العدوى الفطريّة، ومرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة المعروف بالإيدز (بالإنجليزية: Acquired immunodeficiency syndrome) الذي يضعف مناعة الفرد ويجعله أكثر عرضة للإصابة بمختلف أنواع العدوى بما في ذلك أنواع العدوى التي تؤثر في الغدة الكظرية
توجد عدّة أسباب أخرى قد تؤدي للإصابة بمرض أديسون، نبيّن بعضاً منها في ما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن أسباب الإصابة بمرض أديسون يمكن قراءة المقال الآتي: (أسباب مرض أديسون).
يحافظ هرمون الكورتيزول على وظائف القلب، بالإضافة إلى تنظيم ردّة الفعل المناعيّة ومستوى السكّر في الدم، والاستجابة لحالات التوتّر الجسديّ الناجمة عن الإصابة، والجراحة، والمرض، وفي المقابل ينظم هرمون الألدوستيرون ضغط الدم أيضاً من خلال تنظيم كميّة السوائل المطروحة في الكلى عن طريق موازنة مستوى عنصر الصوديوم والبوتاسيوم في الدم، ويمكن تقسيم الأعراض المصاحبة لمرض أديسون والناجمة عن نقص هذين الهرمونين إلى ثلاث مراحل مختلفة، نبيّنها في ما يأتي:
تتشابه الأعراض الأوليّة للإصابة بمرض أديسون مع العديد من الأعراض التي تصاحب عدداً من المشاكل الصحيّة الأخرى، كما قد يعاني الشخص المصاب من الجفاف بسبب انخفاض نسبة هرمون الألدوستيرون ممّا يؤدي إلى اضطراب توازن الأملاح والماء في الجسم، ومن الأعراض الأوليّة التي قد تصاحب الإصابة بمرض أديسون ما يأتي:
تتطور الأعراض المصاحبة لمرض أديسون بشكلٍ تدريجيّ في العادة، إلّا أنّها في بعض الحالات التي يتعرّض فيها الشخص لإحدى المشاكل الصحيّة الأخرى قد تشتدّ الأعراض التي تمّ ذكرها سابقاً كما قد تظهر أعراض أخرى، ومنها ما يأتي:
تُعدّ النوبة الكظريّة (بالإنجليزية: Adrenal crisis) حالة طارئة تستدعي التدخّل الطبيّ الفوريّ، وتحدث نتيجة عدم علاج مرض أديسون وتقدّم أعراض المرض بشكلٍ تدريجيّ، أو بشكلٍ مفاجئ في بعض الحالات، ومن الأعراض التي قد تصاحب النوبة الكظريّة ما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن أعراض الإصابة بمرض أديسون يمكن قراءة المقال الآتي: (أعراض وعلامات مرض أديسون).
ترتكز الخطوة الأولى لتشخيص مرض أديسون على معاينة الأعراض والتاريخ الطبي للمريض، فقد يبحث الطبيب عن أي من الاضطرابات المناعية لدى عائلة المريض، كما يستفسر الطبيب عن ظهور أي أعراض من المذكورة سابقاً ومدى تأثيرها في سير حياة المعنيّ، بالإضافة إلى إجراء فحص جسدي للشخص المعنيّ للتحري عن وجود أي من علامات مرض أديسون مثل هبوط ضغط الدم أو ظهور بقع بنية على الجلد بما يُعرف باسم فرط التصبغ، وبعدها قد يطلب الطبيب إجراء مجموعة من الفحوصات والتحاليل التي تساعد على تشخيص الحالة:
ولمعرفة المزيد عن تشخيص الإصابة بمرض أديسون يمكن قراءة المقال الآتي: (تشخيص مرض أديسون).
يعتمد علاج مرض أديسون بشكلٍ رئيسيّ على تعويض الجسم بالهرمونات التي يعجز عن تصنيعها نتيجة الضرر الحاصل في الغدّة الكظريّة، وفيما يأتي بيان لطرق العلاج المتّبعة:
في حال المعاناة من مرض أديسون يصف الطبيب أحد الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون، بالإضافة إلى دواء فلودروكورتيزون (بالإنجليزية: Fludrocortisone)؛ وهو دواء يُنظّم نسبة السوائل وعنصر الصوديوم في الجسم، لتعويض نقص هرمون الألدوستيرون، وهنا يجدر بالذكر أنّه من المهم معرفة درجة النقص في هرمونات الكظرية لتحديد مدة الاستمرارية في العلاج؛ فإذا كان المصاب يعاني من نقص واضح في مستوى هذه الهرمونات -كما في أغلب الحالات- فعادة ما يتطلب علاجاً بالهرمونات البديلة مدى الحياة، أمّا إذا كان لا يزال هناك كمية جيدة من الهرمونات التي يتم إفرازها من الغدد الكظرية فإنّ المريض يمكن أن يكتفي بما يُفرز من الغدد الكظرية بمستوى يحافظ على الضرورات الحيوية بحدودها المقبولة صحياً وحيوياً ويستخدم العلاجات البديلة فقط في حال تعرضه لحالة صحية تزيد متطلبات الجسم من هرمونات الكظرية مثل: الخضوع لعملية جراحية أو المعاناة من حمى شديدة، أمّا في حال المعاناة من النوبة الكظريّة فيتمّ إعطاء حقنة وريديّة من دواء الكورتيكوستيرويد، بالإضافة إلى كميّة كبيرة من السائل الملحيّ عن طريق الوريد.
توجد بعض الظروف الصحية الخاصة التي قد تتطلب تقديم إجراءات علاجية خاصة للمصاب بمرض أديسون، ونذكر منها ما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن علاج مرض أديسون يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج مرض أديسون).