البنكرياس هو غدّة كبيرة توجد خلف المعدة بجانب الأمعاء الدقيقة، وله وظيفتان أساسيتان هما: إنتاج إنزيمات هضمية قوية في الأمعاء الدقيقة للمساعدة في هضم الطعام، وإنتاج هرموني الأنسولين والجلوكاجون في مجرى الدم لمساعدة الجسم في التحكم في كيفية استخدام الغذاء لإنتاج الطاقة وتنظيم نسبة السكر في الدم، ومن الأمراض التي يمكن أن تُصيب البنكرياس: التهاب البنكرياس، وهو يحدث عندما يتم تنشيط الإنزيمات الهضمية قبل إطلاقها في الأمعاء الدقيقة وبالتالي تبدأ هذه الإنزيمات في مهاجمة البنكرياس نفسه وتؤدي إلى تلف البنكرياس، ويمكن أن يكون التهاب البنكرياس حادًّا أو مزمنًا؛ وتعتمد طريقة علاج التهاب البنكرياس على ما إذا كان من النوع الحاد أو المزمن.
هناك نوعان من التهاب البنكرياس هما: الالتهاب الحاد والالتهاب المزمن، ولكلٍ منهما أسباب معينة مختلفة، كما أنهما يختلفان في المدة الزمنية للحدوث، ويمكن ذكرها كالآتي:
التهاب البنكرياس الحاد هو عبارة عن التهاب مفاجئ يستمر لفترة قصيرة، ويمكن أن تتراوح خطورته من مجرد حدوث انزعاج خفيف في الجسم إلى حدوث مشاكل خطيرة تهدد الحياة، ولحسن الحظ إذا تم علاج التهاب البنكرياس الحاد في الوقت المناسب فإن معظم المصابين يتعافون تمامًا، ولكن في الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي التهاب البنكرياس الحاد إلى نزيف في الغدة وتلف خطير في الأنسجة وحدوث العدوى وتشكيل كيس، كما يمكن أن يؤذي الأعضاء الحيوية الأخرى مثل القلب والكلى والرئتين، وتشمل أسبابه: حصوات القناة الصفراوية وتعاطي الكحول -80 % من الحالات- وبعض الأدوية وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والعدوى واضطرابات التمثيل الغذائي وغيرها.
التهاب البنكرياس المزمن هو التهاب طويل الأمد غالبًا ما يحدث بعد التهاب البنكرياس الحاد، ومن أشهر أسبابه تعاطي الكحول بكميات كبيرة، وعلى الرغم من عدم ظهور أعراض التهاب البنكرياس المزمن مع تعاطي الكحول لمدة طويلة إلا إن الأعراض قد تظهر بصورة مفاجئة وشديدة جدًا في نهاية الأمر، كما يمكن أن يكون سبب التهاب البنكرياس المزمن أيضًا بعض أمراض المناعة الذاتية واضطرابات التمثيل الغذائي والأمراض الوراثية مثل التليف الكيسي.
بعض المصابين بالتهاب البنكرياس قد لا تظهر عليهم أي أعراض، ولكن معظم المصابين سواءً بالتهاب البنكرياس الحاد أو المزمن يُعانون من ألم في الجزء العلوي الأيسر من البطن، وقد يستمر الألم المرتبط بالتهاب البنكرياس بضع دقائق إلى عدة ساعات في المرة الواحدة، ويزداد بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء على الظهر بينما يقل الألم عند الجلوس أو الميل إلى الأمام قليلًا، وقد تشمل الأعراض الأخرى ما يأتي:
تُعد مضاعفات التهاب البنكرياس نادرة، ولكنها أكثر شيوعًا في حالات التهاب البنكرياس المزمن، ويمكن أن تشمل مضاعفات التهاب البنكرياس ما يأتي
لتشخيص التهاب البنكرياس يستخدم الطبيب مجموعة من التحاليل والأشعة بالإضافة إلى التاريخ الطبي للمريض، وتشمل الفحوصات التي قد يطلبها الطبيب ما يأتي:
يختلف علاج التهاب البنكرياس باختلاف نوعه، فتبعًا لاختلاف مسبب كل نوع من أنواع التهاب البنكرياس، فإن العلاج يختلف كذلك أيضًا، ويمكن ذكر العلاج على النحو الآتي:
يتم حجز الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد في المستشفى حيث يتم علاجها بالسوائل الوريدية وأدوية تسكين الألم، وفي بعض الحالات قد يكون التهاب البنكرياس شديدًا لدرجة تتطلب إدخال المريض إلى وحدة العناية المركزة حيث تتم مراقبة المريض عن قرب لتلافي حدوث أي ضرر بالقلب أو الرئتين أو الكليتين، وقد يتم اللجوء للجراحة لعلاج التهاب البنكرياس الحاد وذلك في بعض الحالات التي حدث بها تلف أو موت لأنسجة البنكرياس، حيث تكون الجراحة ضرورية لإزالة الأنسجة الميتة أو التالفة، وأيضًا قد يتطلب الأمر جراحة لإزالة المرارة وذلك في حالات التهاب البنكرياس الناجم عن حصوات المرارة، وبعد إزالة الحصوات المرارية وتلاشي الالتهاب يعود البنكرياس إلى طبيعته، وعادة ما تستغرق نوبة التهاب البنكرياس الحاد بضعة أيام.
للأسف قد يكون من الصعب علاج التهاب البنكرياس المزمن، ولكن يحاول الأطباء تخفيف ألم المريض وتحسين مشاكل التغذية عن طريق إعطاء المريض أنزيمات البنكرياس الهضمية والأنسولين في حالة احتياج المريض له، وفي هذه الحالات يمكن أن يساعد اتباع نظام غذائي منخفض الدهون في تخفيف الألم، وقد يتم اللجوء لعملية جراحية في بعض الحالات للمساعدة في تخفيف آلام البطن، واستعادة تصريف أنزيمات البنكرياس والهرمونات، أو لعلاج التهاب البنكرياس الناجم عن انسداد القناة البنكرياسية، أو لتقليل تواتر النوبات، ويجب على مرضى التهاب البنكرياس المزمن التوقف عن التدخين وعن شرب المشروبات الكحولية، واتباع نصائح الطبيب وأخصائي التغذية، وتناول الأدوية المناسبة للحد من نوبات التهاب البنكرياس.