ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (سَلوا اللهَ العفوَ والعافيةَ، فإنَّ أحداً لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيراً منَ العافيةِ)،إن كانت نعم الله -تعالى- على عباده لا تُعدّ ولا تُحصى، فإنّ أول ما يعدّ من نعمه وأفضاله بعد الإسلام والتوفيق له العفو والعافية، ولفظ العفو والعافية جامعٌ شاملٌ لكلّ شؤون العبد في حياته وآخرته، فالعافية في الدين سلامةٌ من كلّ شبهةٍ وفتنةٍ وضلالةٍ، والعافية في الدنيا السلامة من كلّ همٍّ وغمٍّ وسقمٍ وحزنٍ، ولشمول العفو والعافية جميع شؤون العبد كانت مطلباً دينيّاً ودنيوياً، داوم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على سؤاله والدعاء به على مدار الأوقات والأيام، وأوصى أصحابه أن يسألوا الله العفو والعافية، وجعل ذلك من الأذكار التي يردّدها المسلم.
كثيراً ما وجّه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه إلى سؤال الله -تعالى- العافية في سائر شؤونهم، حتى إنّه قد نهى أحد الصحابة أن يدعو الله -تعالى- بتعجيل عذابه له بسبب ذنوبه، بل وجّهه إلى سؤال الله العافية في أمره كلّه، وسؤال العبد ربّه العافية حين ينزل البلاء لا يتنافى مع كون العبد صابراً، وقد نال أجر الصبر وثوابه، بل يكون حينها قد جمع بين الصبر والدعاء، وفي ذلك الخير للعباد.
إذا كانت العافية من خير ما جُعل للعبد من النعم، فحريٌّ به أن يحافظ على تلك النعمة ولا يفرّط بها، ومن طرق المحافظة عليها