السبب كونهُ عملاً للإنسان، أو ليس عملاً له، ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: سبب ليس فعلاً للإنسان ولا تحت قدرته، ومع هذا إذا وجد سبب وجد حكمهُ، لأن الله ربط الحكم به وجوداً وعدماً، فهو إمارة لوجود الحكم وعلامة لظهوره، کدلوك الشمس لوجوب الصلاة، وشهر رمضان لوجوب الصيام، والاضطرار الإباحة للميتة، والجنون والصغر لوجوب الحجر، القسم الثاني: سبب هو فعلاً للإنسان وفي قدرته، كالسفر لإباحة الفطر، والقتل العمد العدوان لوجوب القصاص، والعقود والتصرفات المختلفة لترتب آثارها: كالبيع لملك المبيع من قبل المشتري، وإباحة الانتفاع له به، وهذا القسم من السبب، أي: ما كان فعلاً للإنسان، ننظر إليه.
فيعدُ من أقسام الحكم الوضعي فالزواج يكون واجباً عند خوفِ الدخول في الزنى، و عند المقدرة على تكاليف الزواج مطلوباً جزماً، وهذا حكم تكليفي، وهو سبب والوجوب حکم تکليفي. ويكون سبباً، فتترتب عليه جميع ما كان من المهر والنفقة والتوارث، والسببية حكم وضعي، والبيع مباح وهذا حكم تكليفي، وهو سبب وجود لثبوت ملك البائع للثمن، وينقسم السبب أيضا باعتبار ما يترتب عليه إلى قسمين: الأول: سبباً لحكمٍ تكليفي: کالسفر لإباحة الفطر، وملك النصاب لوجوب الزكاة والثاني: سبب لحكم هو أثر لفعل المكلف: الوقف لإزالة الملك من الواقف، والنكاح سبب للحل بين الزوجين، والطلاق لإزالة الحل بينهما.
إن وجدت هذه الأسباب وتحققت شرعاً فترتبَ الحكمُ عليها، البُنُوّة سبب للإرث والمانع: هو القتل المتعمد، أو اختلاف الديانة، فإذا وجد السبب، وتحققت شروطه، وانتفت الموانع ترتب عليه أثره وهو الميراث، وإذا انتفى الشرط، أو وجد المانع فإنّ السبب لا يكون سبباً منتجاً أثره.