تظهر مكانة وأهمية هذه المصادر في كون أصحاب الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بشكل عام عاصروا فترة النبوة وأخذوا عن النبي بلا واسطة وفهموا كثيراً من القضايا الهامة في التشريع الإسلامي وعاينوا النبي في جميع أحواله في حله وترحاله وفي غضبه ورضاه وفي علاقته مع المجتمع من حوله وتتجلى أيضاً في حفظهم للسنة التي لا تُعلم إلّا بنقلهم لها ولولا الله ثم هم لضاعت كثير من القضايا الشرعية التي ورد بها نصوص كثيرة لاتُعلم إلّا من قول الصحابة وكذلك لأنّهم لا يَصدرون من أنفسهم فتجد أنهم يتمثلون السنة النبوية عملاً بالدليل فكانت أفعالهم كالحجة التي لابد أن تُعلم وتدرس دراسة متأنية لأن لها مدلولها البليغ في الدين الإسلامي.
لا يوجد تعارض في العمل بهذه المصدر في الأمور التي لامجال فيها للاجتهاد والرأي كالعقائد والأصول الشرعية التي بُني عليها هذا الدين لأنّ قولهم في ذلك أخبار عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما كان من قبيل الخبر لابد من قبوله ويحرُم رده، إذا أجمع الصحابة على شيء فلا خلاف في وجوب قبوله وخصوصاً إذا كان ممّا لا يُعرف لهم فيه مُخالف منهم، ولا خلاف أيضاً أن قول الصحابي إذا خالف فيه وكان مجتهداً فيه أن قوله في ذلك ليس بحجة وذلك إذا خالف فيه صحابي مثله، فالخلاف هنا في قول الصحابي حين اجتهاده بالنسبة للتابعي أي بالنسبة لما بعده فلا يكون حجة.